TOP

جريدة المدى > مقالات واعمدة ارشيف > العمود الثامن :وأدرك المطلك الصباح

العمود الثامن :وأدرك المطلك الصباح

نشر في: 16 ديسمبر, 2011: 11:10 م

 علــي حســـــين ولمّا كانت الليلة الثانية بعد المئة الثالثة من مسيرة الدكتور صالح المطلك الظافرة في الحكومة، وبينما الرجل يقف محدقا في السماء اكتشف أن الحكومة لم تبنِ شيئا وأن رئيسها دكتاتور وان ثوب التوافق الذي فصلته القوى السياسية امتدت نار الخلافات إلى كل شبر فيه، وبصرف النظر عن أن الحكومة كانت قبل أشهر في نظر المطلك مثال للانسجام والتناغم وإنها تؤدي واجبها بصورة جيدة وان مجلس الوزراء ملتزم بتعهداته كافة التي أطلقها لتحسين الخدمات ونفض الغبار عن كل مدن العراق.
 فإن المثير حقا هنا هو صمت السيد المطلك على الفساد المستشري في كل أركان الحكومة ومؤسساتها، وعدم اقترابه من ملفات التي يكفي سطر واحد منها إلى إسقاط أعتى الحكومات في بقاع العالم المتحضرة، ودفع المسؤول للانتحار في دولة مثل كوريا الجنوبية التي لا يزال سياسيوها يعيشون أوهام النزاهة والحفاظ على المال العام والتفرقة بين جيب المسؤول وخزينة الدولة. وبالنظر إلى حالة السيد المطلك الذي يشغل منصب نائب رئيس الوزراء لشؤون الخدمات، فأنني أتذكر أن الرجل قبل عام من هذا التاريخ كان يجلس منتشيا أمام الإعلامي عدنان الطائي في برنامجه (تحت اليد) حيث ملأ البرنامج بالتفاؤل والاطمئنان الى ان كل شيء سيتغير مادام هو قد أصبح نائبا لرئيس الوزراء، وحين قال له زميلنا الطائي بأنه سيتصل به بعد عام ليرى موقفه من الحكومة قال المطلك بالحرف الواحد: أتمنى أن تتصل بي بعد ستة أشهر عندها ستجدني مستقيلا لو أن المالكي تنصل عن وعوده، وها هي الأيام تمضي ومعها الشهور والمطلك يراوح في مكانه، واسأل المطلك؛ لماذا لا تستقيل؟ هناك عشرات الأسباب التي تدعوك إلى التفكير بتقديم استقالتك، بعد أن تقاعست الحكومة عن أداء مهامها، ومجلس الوزراء نام وشبع نوماً، والكل أغمض عيونه لكي لا يعرف المصيبة التي حلت بنا، أين هي المسؤولية الشخصية التي يجب أن تتحدث عنها؟ هل هي في السعي وراء مزيد من المناصب والمنافع والامتيازات، أم في ضياع كلمة الحق التي تقول إن الحكومة بأطرافها كافة ومعها القوى السياسية مسؤولة عمّا وصلت إليه حال البلاد، وان هناك سياسيين ومسؤولين تقاعسوا عن القيام بدورهم وبواجبهم في إنقاذ الناس من تعنت الحكومة وطغيان رئيس وزرائها، وأن الكتل السياسية فشلت في إدارة الأزمة، ولم تقم بدورها.. على عكس ما يذهب إليه المطلك الذي حاول أن يفهم الرأي العام، بأنه بذل أقصى ما يستطيع.. وفعل كل ما لم يستطع سياسي ومسؤول أن يفعله.وعليه فإن تصريحات المطلك اليوم لا تخلو من العبث، خصوصا أن الجميع يعرف أن قبول السيد المطلك المشاركة في الحكومة كان من خلال صفقة سياسية تضمن للحكومة ولاءه وصمته، فيما تؤمن الحكومة له مناصب ومنافع، ما يجري اليوم هو نتاج سياسات خرقاء شارك وساهم فيها صالح المطلك وأمثاله حين حولوا العراق إلى ساحة للمحاصصة الطائفية والفساد الإداري والمالي والانتهازية السياسية.كنت اعتقد ان الإرهاب هو الخطر الأكبر الذي يواجهنا ولكني اكتشفت اليوم أن بعض سياسيينا أكثر خطورة من الإرهاب بمراحل، وكنت اعتقد أن الانفلات الأمني هو الخطر الأوحد ولكني اليوم أرى الانفلات السياسي أكثر خطورة وأدهى، وان بعض مدعي السياسة يسممون الأجواء حين يلفون ويدورون ويتلونون بكل ألوان الطيف. ان صمت المطلك خلال الأشهر الماضية أمام طوفان الفساد والمحسوبية والانتهازية وسرقة المال العام والطائفية المقيتة يبدو مثيرا للهواجس، وكان حريا به أن يسارع هو إلى البرلمان مطالبا بفتح تحقيق فوري في هذه المهازل التي حدثت،إننا لم نسمع أن الرجل غضب مما جرى أو اعترض، أو هدد برمي استقالته في وجه الحكومة، ولم اسمع انه داهمته حالة حزن وغضب مما يجري حوله، لكن الحقيقة تقول ان المطلك جزء من المشكلة التي نعانيها اليوم حين يتصرف مثل باقي السياسيين باعتبارهم أبطالا في فيلم كاوبوي، الكل يضع يده على مسدسه، فيما الناس كانت تنتظر منهم أن يتصرفوا كسياسيين يؤمنون بلغة الحوار والتفاهم، وألا يسعوا لإحراق الوطن بأكمله.

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق معرض العراق للكتاب

الأكثر قراءة

مقالات ذات صلة

حياتي وموت علي طالب

حياتي وموت علي طالب

غادة العاملي في لحظة تزامنت فيها الحياة مع الموت استعدت ذكريات عشر سنوات ،أو أكثر .. أختصرها الآن في ذاكرتي بالأشهر الثلاثة الأخيرة. حينما اتفقنا أناقرر هو أن يسافر ملبيا الدعوة التي انتظرها لأكثر...
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram