عباس المفرجي هذا واحد من العروض الذي كان طنّاناً ، هذا الخريف : صوفي مارسو تعود الى المسرح ، الذي لم تصعد الى خشبته منذ عام 1993 ( في مسرحية " بيغماليون " ، جورج برنارد شو ، إخراج برنار مورا على مسرح ايبرتو) ،
بعد ظهورها الأول في 1991 ، في مسرحية " ايروديس " لجان انوي ، وإخراج جورج ويلسون . هنا تمثل مارسو مسرحية من دور واحد ، نقلا عن السويدي انغمار برغمان ، " تاريخ روح " . قُدِّم هذا العرض على مسرح ديه سيلستان ، في ليون 16 أيلول ، بعد مسرح روند- بوان ، وجولة جزئية في لوريان ، نيس وايكس - ان- بروفانس .نحن نفهم أن الممثلة كان قد استهواها هذا السيناريو الذي كتبه السينمائي السويدي فارو [ برغمان ] ، الذي كان يتمنى إخراجه في لقطة كلوز- آب واحدة طويلة ، لكنه لم يستطع تحقيق حلمه ( تحوّل السيناريو الى مسرحية ، اعدّتها الممثلة جين فريدمان وحرّرها برغمان ) ." تاريخ روح " هي توليفة جميلة نسمع فيها أصوات داخلية لامرأة ، اسمها فكتوريا ، في لحظة عودتها الى حياتها الآيلة الى التمزّق . تمرّ داخل رأسها أحلامها المجهضة ــ كانت تطمح إلى أن تصبح ممثلة ، لكنها لم توّفق ــ طفولتها وهي ابنة لقس ، زواجها المخفق من ألفرد الخائن ، وهو قس أيضا ، ثم انهيارها الذي قادها الى مصحّة الأمراض العقلية .(( الصعوبة ، بالطبع ، هي أنني أعيش في فراغ ، أملأه بأحلامي واستيهاماتي )) ، تقول فكتوريا ، التي تكتب قصائد لا يقرأها أحد . هذا هو الأمر ، فضاء من الأحلام والاستيهامات ، والـ ’’ روح ‘‘ الداخلية لامرأة ، التي هي ثمن لنص تُظهِر فيه بنيدكت اكولاس ( مخرجة المسرحية ) كم هي الحياة اليومية حسنة ، كي لا نقول عادية.مخرجة العمل ، التي تؤدي هنا ظهورها المسرحي الأول ، بعد أن تمرّنت على الرقص المعاصر ثم تعلمت في مشغل المسرح " 104 " لروبير كانتاريلا وفردريك فيسباش ، وضعت بطلتها بلا فائدة في فضاء مسرحي خال من الديكور ــ في المسرح ، الخلو من الديكور يمكن أن يكون مهيبا ، كما في مسرح كلود ريجي أو بيتر بروك ، لكنه هنا بعيد عن ذلك ، مع هذه الستارة الرمادية الفقيرة وهذه القطع من قماش الشاش التي لا تقدّم شيئا .هذا الخيار ، كان معززا أكثر بشخصية الممثلة صوفي مارسو ، وبدورها . صوفي مارسو ، هذه التي تشبه قليلا (( البنت التي تسكن في البيت المجاور )) ، الممثلة في الحياة ’’ الحقيقية ‘‘ ، التي تشبه تلك التي نراها في السينما الفرنسية ، تلعب في هذه الـ " تاريخ روح " دورها بشكل جيد ، بإخلاص وسحر لا يُنكران ، لكن في نبرة طبيعية طمست البعد الحلمي والشعري في نص برغمان .محفزة بهذه الطريقة بواسطة مخرجتها ، نراها كذلك تحضّر عجينة حلوى ، تضعها جانبا ، ثم تمشي هنا وهناك ، قبل أن يبلغ العرض أخيرا ، قرب نهايته ، عاطفة حقيقية ، مركزا على ’’ روح ‘‘ فكتوريا ، مقيدة في المصّحة ، وعلى روح الممثلة .لكن المجموع يبقى صقيلا بعد كل حساب ، ولا يمكنك أن تمتنع عن الحلم ، وأنت خارجا من المسرح ، بممثلة مثل هذه ذات طبيعة قوية ، تسبر الأعماق على طريقة آن الفارو ، على طريقة جان مورو أو على طريقة ادجاني ، واستطاعت أن تجعل من هذا العزف البرغماني المنفرد يشبه سوناتة لشوبرت .■ عن صحيفة لوموند
على المسرح ، صوفي " مايم " مارسو
نشر في: 17 ديسمبر, 2011: 06:49 م