حازم مبيضينتتدحرج كرة الثلج السورية بسرعة هائلة, مثيرة المخاوف بأن تطغى على كل ماعداها, وأن تغطي بصقيعها بلاد الشام, وهاهي روسيا التي راهنت دمشق طويلاً على دعمها, تتقدم بمشروع قرار إلى مجلس الأمن الدولي لبحث الأزمة السورية, وهي خطوة لم تكن منتظرة, وإذا كان المشروع الروسي يضع كل من يمارس العنف, سواء من قوى السلطة أو المحتجين على قدم المساواة من حيث المسؤولية, فإنه بذلك لن ينال الدعم الغربي المطلوب,
إلا أنه قد يكون الخطوة الأولى في استدارة موسكو نحو موقف لن يرضي بالتأكيد حكام دمشق, والمؤكد أن الجامعة العربية التي تتصدر عملية الرد على ما يجري في سوريا, سيكون لها كلمة في الموضوع على ما أعلنت وزيرة الخارجية الأميركية.لم يتوقف تدحرج كرة الثلج عند مشروع القرار الروسي, وإنما تعدى إلى إلغاء زيارة نائب الرئيس السوري فاروق الشرع إلى موسكو, بعد رفض طلبه لقاء الرئيسين ميدفيديف وبوتين، وإبلاغه حصر مستوى لقاءاته بوزير الخارجية سيرغي لافروف، وهو ما يعتبره البعض رسالةً أكثر وضوحاً لدمشق تؤكد حزم موسكو وعدم جدوى أي محاولة لثنيها عن إحالة الملف السوري إلى مجلس الأمن, سعياً لوضع حد للعنف المنفلت من عقاله على الأرض السورية، وبما يشي بأن خطوات الطلاق بين موسكو ودمشق أخذت الطابع العملي, بعد فشل الجهود الروسية لمساعدة النظام السوري، بفعل عدم استجابة هذا النظام لكافة المقترحات التي سعت روسيا لبلورتها في سبيل حل الأزمة، قبل أن تتغيّر الأمور جذريًا ويفوت الأوان. ندرك أن الموقف الروسي الجديد لا يعني موافقتها على أي تدخل عسكري خارجي, على غرار ما جرى في ليبيا, لكن على دمشق أن تدرك أن المشروع الروسي ليس نهائياً, وأن موسكو ستكون مرنةً ومستعدةً للتفاوض مع الدول الغربية حول التعديلات المقترحة على مشروعها, خصوصاً وهي ترى أن العقوبات الدولية والعربية, إذا تم تشديدها وفرضها بصرامة, كفيلة بنجاح الضغط لوقف دوامة العنف وحل الأزمة, ويبدو أن موسكو تعول على موقف عربي جديد, ولوحظ في هذا الاتجاه تأجيل اجتماع وزاري كان مقرراً السبت في القاهرة إلى موعد لم يحدد, لإفساح المجال لاجتماع مجلس التعاون الخليجي المتوقع ان ينعقد الاثنين, و يقدّم مبادرة للرئيس الأسد على غرار المبادرة اليمنية.وإذا كانت المعارضة السورية تأخذ على الجامعة العربية أنها منحت دمشق مهلاً متتاليةً, بدت وكأنها فرص حقيقية كي يستكمل النظام قمع الانتفاضة, وطالبتها مراراً بأن ترفع الملف إلى مجلس الأمن وتطالب بتأمين الحماية الدولية للمدنيين, حتى ولو أدى ذلك الى تدخل عسكري خارجي, خصوصاً وأن المبادرة العربية, كما تعتقد تلك المعارضة عرفت مماطلات تداخلت فيها العديد من الأطراف العربية والإقليمية والدولية لتفريغها من مضمونها, أو الاستعاضة عنها بمبادرة يقودها العراق, يشاع أنها تتضمن مشروعا لنقل السلطة من الأسد لنائبه، وتشكيل حكومة انتقالية, فإن المعارضين يجدون اليوم في موقف موسكو ما يحقق مطلبهم في نقل الملف إلى مجلس الأمن, ما يستدعي من دمشق موقفاً عملياً لتجنيب البلاد المزيد من الويلات والكوارث, بعد أن بات واضحاً أن من ساندها بالأمس لن يظل على موقفه في حال استمر نزيف الدم السوري, وهو ما يرفضه العرب والمجتمع الدولي.
في الحدث: روسـيـا وسـوريــا.. ماالجـديـد؟
نشر في: 17 ديسمبر, 2011: 08:18 م