هاشم العقابيكم كانت بليغة تلك الأم العراقية التي سُجن ابنها لانه "تعارك" مع الحكومة حين وقفت له عند باب السجن نادبة حظه وحظها: "كتلك يا يمه لا تطبيش .. عركة حكومة وما تفليش". وكم كنت أتمنى لو أن صالح المطلك قد سمع ما قالته تلك المرأة الجنوبية ولم "يطب" بالحكومة ويصبح نائبا. اقسم لو فعلها لكان قد أراح نفسه، وربما أراحنا معه أيضا.
في اكثر من مناسبة، وأحيانا حتى بدون مناسبة، يطلق المطلك صفة الدكتاتور على المالكي. وكان يقول هذا حتى قبل ان يصبح نائبا له. والسؤال البسيط هنا، الذي يمكن ان يطرحه عليه طفل في الابتدائية: ان كنت تعرف حقا انه دكتاتور فلم ارتضيت ان تكون نائبا له ؟ ورد في كتاب "كليلة ودمنة" ان هناك ثلاثة امور لا يسلم من الإقدام عليها الا قليل. من بينها معاشرة السلطان وشرب السم للتجربة. اعادت اتهامات المطلك الاخيرة وتذمراته بذهني قصة عائلية دارت احداثها بين ابي وابني امجد. ففي الايام التي كنا فيها في مدينة الثورة طغت مودة ان يشترى الأطفال كتاكيت دجاج صغيرة ويسمونها عصافير يلعبون بها. وهكذا فعل ابني امجد فاشترى عصفورا رغم انه يخافه. خوفه دفعه إلى ان يجلب معه طفلا صديقا يحمل له العصفور. وعندما اراد الطفل الصديق ان يذهب لأهله اعترض امجد بشدة اوصلته لحد الصراخ بصديقه: "كيف تذهب وتتركني مع العصفور الذي يرعبني وجوده". ضحك والدي لحد ان استلقى على ظهره من الضحك وهو يقول لحفيده: "يا جدو اشجابرك تجني عصفور وانت تخاف منه؟". لم ننس تلك الحكاية على الصعيد العائلي الى اليوم اذ صارت في بيتنا مثلا نضربه عند الحاجة فنقول: "مثل عصفور أمجد". وهو قريب جدا في معناه من المثل القائل: "يا من شراله من حلاله عله".ولأن ما قاله المطلك لا يخلو من غرابة في الموقف، اذ لا يكون غريبا لو يقولها بعد ان يستقيل، جاء الرد من دولة القانون اشد غرابة. فالنائب الخفاجي الذي تناوشتُ ما قاله عن القائمة العراقية في عمود امس، رد بانه: "لو كان رئيس الوزراء دكتاتورا كما يدعي المطلك لما تجرأ بأن يصفه بتلك الاوصاف". يا سلام! اذكر الخفاجي بان كثيرا منا كان يصف صدام في ايام حكمه في كتاباتنا ولقاءاتنا التلفزيونية بانه طاغية ودكتاتور ومجرم رغم ان اهلنا كانوا تحت سلطة يده. وكان من بيننا، في آنها، كثير من الذين في الحكومة اليوم، ومنهم السيد المالكي الذي كانه اسمه الاول "جواد" وليس "نوري". فهل كنا مخطئين لأنه لو كان كما وصفناه لما تجرأنا عليه؟ رحم الله من قال: "فلتقل خيرا أو تصمت".يبدو ان الواقع اليوم لا يوحي بحل لمشكلة طلايب "الشرايج" ومنها طلابة المالكي والمطلك، غير "الطلاك".
سلاما ياعراق : حرشة الشرايج (2)
نشر في: 18 ديسمبر, 2011: 07:38 م