TOP

جريدة المدى > مقالات واعمدة ارشيف > في الحدث:القاهرة تحترق

في الحدث:القاهرة تحترق

نشر في: 18 ديسمبر, 2011: 09:44 م

 حازم مبيضين تعيد الحرائق التي تلتهم اليوم شوارع القاهرة إلى الذهن مشهد حريق العام 1952, حين التهمت الحرائق التي أشعلها مجهولون الفنادق والملاهي والمحلات ودور السينما ومراكز المال والتجارة ومؤسسات الدولة, وكانت نتيجتها سقوط النظام الملكي بعد 6 أشهر ومغادرة فاروق مصر من دون رجعة, وقد تجددت الاشتباكات في وسط القاهرة بين متظاهرين مناهضين لحكامهم من العسكر وقوات الأمن، وبلغت حصيلة المواجهات التي بدأت الجمعة في وسط القاهرة تسعة قتلى و361 جريحاً،
 وكان أشخاص يرتدون ملابس مدنية ولا يعرف لمن يتبعون يقفون على أسطح المباني المطلة على ميدان التحرير ويلقون الحجارة وزجاجات المولوتوف على المتظاهرين الذين ردوا بإشعال النيران في أي مبنى متاح لهم الوصول إليه وامتدت الصدامات إلى أحياء اخرى في محيط ميدان التحرير, واحترق مبنى المجمع العلمي الذي يضم وثائق تاريخية نادرة تعود الى 200 عام.تتباين الأنباء حول ما يجري في القاهرة, فرئيس الوزراء يؤكد عدم استخدام القوات الحكومية للرصاص الحي ويحاول تبرئة شباب الثورة مما يجري ويعتبر ما يحدث الآن انقضاضاً على الثورة، ويتهم أطفالاً لا تتجاوز أعمارهم 12 عاماً بالاشتباك مع قوات الأمن, في حين يتهم النشطاء قوى الامن بالاستخدام المفرط للقوة ومن غير مبرر ومن جانبها تتهم جماعة الإخوان المسلمين بعض القوى من دون أن تسميها والتي يُضيرها نجاح الثورة بالتآمر على مصر وإشعال الأوضاع فيها, وتطالب المجلس العسكري باعتذار واضح وسريع عن الجريمة التي تم ارتكابها، وتأكيد إجراء انتخابات الرئاسة وتسليم السلطة للمدنيين قبل نهاية حزيران المقبل, وفي المقابل، عبر بيان للمجلس العسكري عن أسفه للأحداث، وقال إنه تجاوب مع التوصيات الصادرة عن المجلس الاستشاري, الذي استقال عدد من أعضائه احتجاجاً واتخذ إجراءات للوقف الفوري لأعمال العنف بين المتظاهرين وعناصر الأمن, وأكد حق الجيش في الدفاع عن ممتلكات الشعب التي أقسم على حمايتها, ودعا من وصفهم بالشرفاء للتكاتف من أجل حماية مصر وتاريخها وتراثها.الحكم العسكري المستمر في مصر منذ إطاحة الملكية قبل ستين عاماً, لم يحكمها خلالها إلا الضباط الأحرار ومن يدور في فلكهم, وبات الجيش النقطة الجاذبة ومنها تتفرع مراكز القوى في كل الاتجاهات الاقتصادية والاعلامية والفكرية, وفي عهد السادات تم الاعتماد على الجيش في إدارة معارك السلطة, إلى أن سقط صريعاً برصاص أحد الضباط في موقع عرض عسكري, وخلفه نائبه  حسني مبارك ليستكمل عهد الضباط الاحرار, ويستمر فيه فترة تجاوزت حكم  الرؤساء الثلاثة الذين سبقوه, ولطول مدة حكمه برز الترهل في المؤسسات ونما هامش الفساد, في ظل عدم وجود مشروع واضح للدولة, عكس ما ساد في عهدي عبد الناصر والسادات.مع عدم تجاهل الدور والموقف الاسرائيلي, بعد تيقن الدولة العبرية من تهافت رهانها على إمكانية نجاح العسكر المصريين في تقليص المخاطر التي قد تتعرض لها إسرائيل، وبعد شعور عميق بخيبة الأمل بعد فشل محاولات المجلس العسكري في تأمين مكانة فوق دستورية لنفسه في الدستور المصري الجديد, فإن السؤال الأبرز اليوم هو عن إمكانية التشابه بين حريقي القاهرة, الأول الذي أنهى العهد الملكي وأدخل مصر في العصر الجمهوري العسكري, والثاني الذي يمكن أن يكون  بداية عهد جديد, ينهي حكم العسكر لتبدأ مصر بناء الدولة المدنية التي ينحصر دور الجيش فيها على حماية الوطن, ويختار فيها الشعب حكامه بناء على برامجهم التي ينجحون على أساسها في الانتخابات, والمهم اليوم أن القاهرة على شفير حريق كبير بدأ بالتهام جزء من تاريخها.

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق معرض العراق للكتاب

الأكثر قراءة

مقالات ذات صلة

حياتي وموت علي طالب

حياتي وموت علي طالب

غادة العاملي في لحظة تزامنت فيها الحياة مع الموت استعدت ذكريات عشر سنوات ،أو أكثر .. أختصرها الآن في ذاكرتي بالأشهر الثلاثة الأخيرة. حينما اتفقنا أناقرر هو أن يسافر ملبيا الدعوة التي انتظرها لأكثر...
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram