TOP

جريدة المدى > مقالات واعمدة ارشيف > العمود الثامن:لقد سقطت دولتكم

العمود الثامن:لقد سقطت دولتكم

نشر في: 23 ديسمبر, 2011: 10:30 م

 علــي حســـــيناخطر ما تبتلى به الأوطان أن يصاب سياسيوها ومسؤولوها بعطب مزمن في الضمير، والخطر الأكبر حين يتحول من يفترض أنهم حماة أرواح الناس إلى سماسرة للمنافع والمناصب ومحرضين على العنف والقتل، اليوم نعيش مع سياسيين أصيبت نفوسهم وضمائرهم بفايروس الانتهازية والطائفية، يتبدلون حسب المواقف، يجعلون الباطل حقا، والحق باطلا، لا يغادرون مقولة هتلر الشهيرة "إذا أردت السيطرة على الناس أخبرهم أنهم معرضون للخطر وحذرهم من أن أمنهم تحت التهديد، ثم شكّكْ في وطنية معارضيك".
سياسيون، كل ما يشغلهم أن يحققوا الحد الأقصى من الأرباح الشخصية، نصابون محترفون يريدون للعراق أن يبقى جزراً منعزلة تدرّ عليهم الأموال والمنافع، اتخذوا من السياسة مهنة يتربحون من خلالها، فيما السياسة الحقيقية تخاصم تصرفاتهم وسلوكهم وكلامهم.في كل دول العالم تكون وظيفة السياسي هي إدارة شؤون البلاد على نحو يجعل الناس أكثر أمنا وسعادة وإيمانا بالمستقبل، إلا في العراق حيث يشيع ساستنا الرعب ويكرسون لثقافة الكراهية والعنف، مستخدمين فزاعة الإرهاب والأجندات الخارجية، خطاب لا يختلف عن الخطاب المقيت الذي كان صدام يصدع به رؤوسنا كل يوم، يتحدثون عن الفوضى فيما هم أول من ينشر الخراب في كل مكان، يتحدثون عن القانون والعدالة وهم يحرقون البلاد صباح كل يوم، مولعون بالاتجار بقضايا الناس، وقد استثمروا في السنوات الأخيرة فوضى غياب القانون فازدهرت تجارتهم وسط حشد مهول من الكلمات الزائفة، بالأمس سقط عشرات الضحايا وفقدت أمهات أبناءها وترملت نساء فخرجوا يملأون منابر الفضائيات صخبا وضجيجا في الوقت الذي يعرف الناس جيداً من القاتل ومن قتل ومن أعطى التعليمات ومن حرق كل المؤسسات لتختفي الحقائق. سياسيون وجدوا في السلطة ضالتهم لامتطاء شعوبهم وصرفهم عن قضاياهم الحقيقية، فحشدوا للقتال في منازلة سيطلق عليها التاريخ اسم "أم المهازل" تيّمنا بما أتحفنا به من قبل "القائد الضرورة" والذي يسعى العديد منهم إلى السير على نهجه الميمون في الاستفراد بالسلطة، وتقريب الأحباب والأصحاب، وتحويل الدولة إلى حزب واحد يسهر على خدمته العراقيون جميعا.اليوم العراقيون يريدون دولة الحرية والإخاء والمساواة، وليست الدولة المريضة والفاسدة التي تحكمها ثقافة الجهل والفقر والمرض، ولا مكان فيها لأي شيء حقيقي، بل المكان والمكانة لكل شيء مزيف ومزور وكاذب ومنافق وغشاش وفاسد وقاتل وانتهازي وسارق ومزور. اليوم ندرك جميعا ان الاستقرار لن يتحقق إلا إذا تخلص الناس من سياسيي الأزمات، الذين أثبتت التجربة في السنوات الماضية أنهم جاءوا لخدمة مصالحهم والكتل التي ينتمون إليها، فازدادوا ثراء فوق ثرائهم، وتخمة فوق تخمتهم، وأشاعوا الأجواء بخطب ومناكفات شخصية ومشاحنات يضعون قدما في السلطة والأخرى في إحدى دول الجوار، الكل في معسكر واحد هو معسكر البقاء على المقاعد، وإن اختلفت وسائل البقاء، البعض يعتدل ليبقى والبعض الآخر يمانع ليبقى أيضا، فهم يختلفون في درجة قربهم من المنافع وليس في درجة قربهم من الناس.. بعضهم واضح كالشمس ومتسق مع ما يقوله، فيما آخرون يرتدون مسوح الفلاسفة ويتحدثون بحذلقة شديدة يتوارى أمامها جهابذة المنطق وعلماء الكلام وأساتذة البلاغة خجلا، إلا أنهم في نهاية المطاف يلتقون مع أقرانهم من المسؤولين في نقطة واحدة وهى «البقاء على الكرسي والحفاظ على المنافع"، سيملأون السموات والأرض بتصريحات عن الوطنية ومصلحة البلاد وعن اليتامى والأرامل، ناسين ومتناسين أن الذين سفكت دماؤهم وأحرقت أجسادهم وهدمت بيوتهم هم الذين أجلسوهم على كراسي الحكم، وهم أيضا أصحاب الفضل الأول في العملية السياسية التي يتاجرون بها.العار سيبقى يطارد كل السياسيين الذين هددوا وعاثوا فسادا وإجراما.. لقد سقطت دولتكم مع سقوط أول تلميذ في البياع ومع إغماضة عين عامل في مسطر العلاوي ومع صرخة أم ثكلى فقدت أغلى ما عندها.

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

يحدث الآن

المالية النيابية: كلفة استخراج النفط من كردستان تصل 22 دولاراً

في رد رسمي.. محافظ بغداد يرفض قرار الإحالة إلى التقاعد

الدرجات الخاصة المصوت عليهم في البرلمان اليوم

نص قانون التعديل الأول للموازنة الذي أقره مجلس النواب

بالصور| أسواق الشورجة تستعد لإحياء "ليلة زكريا"

ملحق معرض العراق للكتاب

الأكثر قراءة

مقالات ذات صلة

حياتي وموت علي طالب

حياتي وموت علي طالب

غادة العاملي في لحظة تزامنت فيها الحياة مع الموت استعدت ذكريات عشر سنوات ،أو أكثر .. أختصرها الآن في ذاكرتي بالأشهر الثلاثة الأخيرة. حينما اتفقنا أناقرر هو أن يسافر ملبيا الدعوة التي انتظرها لأكثر...
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram