هاشم العقابيحين قرأت ما قالته صحيفة التلغراف البريطانية واصفة أحداث ما يجري في العراق اليوم بأنه لعب بالنار، رددت بالم "يلوم الما درى بعلتي شمرها". فو الله تمنيته كذلك كما ظنت الصحيفة، لأن اللاعب بالنار وان كان يحرق غيره، لكنه مهما اجتهد واحتاط فسيمسه شيء منها. وفي هذا قال الشاعر:
لا يسهر الليل إلا من به ألم لا تحرق النارُ إلا رجلَ واطيهاأبسط انسان في العراق، وحتى أطفاله يعرفون جيدا ان ثمن التوافق او الشراكة لا يدفعه المتوافقون ولا المشاركون بل الشعب العراقي. ليس ظلما وبطالة وشحة كهرباء وماء وكدر يومي، وحسب، بل انهارا من الدماء. وما حدث يوم الخميس الماضي من جرائم بحق اهلنا، كنا كلنا شعبا وساسة، شيعة وسنة، اكرادا وعربا وتركمانا، مسلمين ومسيحيين وصابئة، نتوقعه. وقبلنا كلنا كان يتوقعه المتصارعون الاساسيون: المالكي والهاشمي والمطلك ومقربوهم واتباعهم. ومع هذا لم يتصرف أي منهم تصرفا مسؤولا لحقن دمائنا التي هدرت بفعل جهلهم بابسط قواعد ادارة فن اللعبة السياسية او القضائية. وكذلك لان الدم العراقي عندهم ارخص من قشرة البصل.فلو كان الهاشمي يعرف انه لو لم يسلم نفسه للقضاء ستترمل زوجته ويتيتم ابنه وتسيح دماء عائلته، بلا ذنب، كما حدث لأولاد الخايبة من باقي العراقيين قبل يومين لسلم نفسه للقضاء امس قبل اليوم.ولو أن المالكي يعلم انه من خلال اصدار اوامر نيابة عن القضاء، الذي يدعي بانه بعيد ومستقل عنه، قد لا يعود لزوجته مثلما لم يعد عمال البناء الذين حصدتهم التفجيرات وان ابنته قد تتيتم، لترك الامر لقاض من قضاتنا، وما اكثرهم، ليدير الصراع اعلاميا وقانونيا.وانا واثق أيضا من ان المطلك لو يعي ان داره ستهجم، كما هجمت بيوت الابرياء على رؤوسهم، لزهد بنيابة رئيس الوزراء ونادى باعلى صوته: قبل ان تقيلوني فإني مستقيل.لكن لماذا يفعلون ذلك وهم منعمون بالسلطة ووجوهم تقطر بالعافية وكأن شيئا لم يكن؟ لم الحظ في عيون اي احد منهم قطرة دمع. بينما تنهمر دموع ثكالى الخميس دما اسود. ولم ار على وجه اي منهم حزنا مثل الحزن الذي لف سماء بغداد. اللهم الا مسحة الخوف التي علت وجوههم خوفا على مناصبهم.لو كان بالعراق عدل وانصاف واحترام لدم الانسان، لاختفت وجوه السياسيين التي مللناها، مع اصواتهم التي ما عادت آذاننا تتحملها ، ولحلت محلها اصوات الاطفال الذين تيتموا، والآباء الذين ضاع ابناؤهم من بين ايديهم من دون سنة غيروها او شريعة بدلوها.هؤلاء ابناء الضحايا وامهاتهم وآبائهم مع مئات الجرحى هم الوحيدون الذي يحق لهم ان يظهروا على الشاشات ويقولوا رأيهم بما حدث. وما على الساسة الا ان يقبعوا بملاذهم الذهبي بالخضراء لينعموا ويتنعموا بها مع زوجاتهم واولادهم وحبايبهم بخير العراق الذي سرقوه. وليلعبوا هناك بأي دم يشاؤون الا بدمائنا.
سلاما ياعراق : الـلَّـعــب بـالـــدم
نشر في: 24 ديسمبر, 2011: 07:14 م