اعلان ممول

TOP

جريدة المدى > المدى الثقافي > عوالم ياسين عطيّة البهيجة

عوالم ياسين عطيّة البهيجة

نشر في: 24 ديسمبر, 2011: 07:23 م

علي النجارمالمويبدو أن ثمة ولهاً بالإمساك بأجمل إشعاعات الطيف الملون سكن مخيلة الفنان ياسين عطية منذ أن تلمس خطواته الأكثر نضجا من مساره الفني. فرسوماته، وبحدود العقدين من السنين، لم تفقد بريق موشور ملونتها المنتقاة انبساطا من رحم بيئة مثالية
لا تزال مزهرة على حافة المدارات الملتهبة. لقد انشأ عمارته اللونية المنتقاة بعناية لا تخلو من ولع تصميمي، ليس كما المعماري. بل بما يسمح لشروط اللعب بأخذ مداها، انسجاما، اختلاطا، بعثرة. وليفسح بعد ذلك للخبرة البصرية بأن تلملم عناصرها الإدراكية البيئية وتهيئها لتدخلاتها الدراماتيكية. فالحركة، وهي الشطر الحيوي من انثيالات الموشور اللوني تتوازى مسارات ممراتها وحركة مشخصاته(معظم تشخيصاته التقاطات حركية)، مع الحفاظ على مساحات فضائية مفتوحة على سعة مشهديتها. لقد أدرك ياسين قوانين لعبته الضمنية(الحركة والسكون) وأنتج لنا رسومات جميلة.بما أن قراءتنا لأي عمل فني، تفرض علينا(إضافة للذائقة) التقصي عن شروط الانجاز الزمنية، والمحركات الإبداعية بمصادرها الذاتية والمحيطية. وهذا ما نحاوله في معاينتنا لرسوم هذا الفنان العراقي المغترب. فرسومه وبشكل عام لا توارب بالإفصاح عن مرجعياتها الأثرية(بمعنى: أن يتحول العمل الفني أثرا، بعد إنجازه مباشرة، وبصفته المتحفية الزمنية). هذه الرسوم، وكما أراها، تنتمي لعصر الصورة (اللوحة) العراقية الذهبية. وعلى ما يبدو فإن رسوماته انتقت(ربما من دون وعي أو قصد) من أعمال الفنانين العراقيين الأقدم(فائق حسن، محمد علي شاكر، وحتى بعض من رسوم كاظم حيدر) الكثير من ملونة رسومهم أو أطرافها. مثلما هي بعض من تداعيات تلك الشواخص الفنية المتجددة زمنيا.لكنها، ومثلما هي جزء لا ينفصل عن مشهدية الصورة (اللوحة) الأوروبية في عصر إنتاج هؤلاء الفنانين المتقارب، هي أيضا تعالج الأثر البيئي بأدوات تتراوح ما بين انطباعية محدثة، وتعبيرية مخففة. مع كون اللون في هذه الرسوم، قبل إن يكون تجريديا( ظاهريا)، هو أيضا، يتعدى هذه الصيغة لصالح ادراكاته التعبيرية البيئية.  في عام(1991)، تعرفت وللمرة الأولى إلى أعمال ياسين عطية في عرض بمركز الفنون ضم رسومه ورسوم وأعمال كل من الفنانين: غسان غائب، والفنان السيراميكي وليد القيسي. كان العرض من ضمن عروض لمشاريع الفنانين الشباب التي تبنتها مديرية الفنون في وزارة الثقافة وقتها. ثم بعد ذلك، واصل كل منهم مشواره الفني وبمجهود يشار إليه. رسوم ياسين المتأخرة لم تضيع أثرها التسعيني ذاك بشكل مطلق، لكنها أغنت تفاصيلها بابتكارات تشخيصية إنسية وحيوانية وببعض من مفردات أخرى. مثلما وسعت من إمكانيتها التقنية. لكن ثمة تفصيلا حركيا لا تخطأه العين بقي متعلقا بذاكرته البصرية الانجازية، فلا تزال أجساده المرسومة تعوم ضمن فضاءات حدودها المفتوحة المنفلتة والمتحركة تقريبا.  غالبا ما تقبع السيرة الشخصية للمبدع خلف تفاصيل انجازاته، وخاصة بالنسبة للفنانين التشكيليين العراقيين(رغم ما يشاع في المعالجات النقدية، بشكل عام، عن إقصائها) الفن، وكما هو معروف كنشاط إنساني جواني، إن لم يكن في كل تفاصيله الانجازية. فلا بد من أن يكون في بعض منها، ولو بنسب تحددها جينات ونشأة وبيئة الفنان.لم تكن كل سيرة ياسين عطية زمنا انبساطيا يوازي انبساط مظهرية رسوماته، مما يشكل لنا لغزا، ربما لا يحيرنا كثيرا. فهذا الفنان العراقي عانى في زمن نشأته الشبابية محنة الاعتقال(لقد تكرر الحديث عنها غالبا في ما دون عن سيرة أعماله(*). لكن، وخلال متابعتي لأعماله التي أنجزها في العقدين السابقين. سواء في العراق أو خارجه، فإنني لم اعثر على اثر تعبيري واضح لهذه المحنة، وكما في العديد من نتاجات التشكيليين العراقيين الذين تعرضوا حالات الانتهاك نفسها. لكن، ربما لو تقصينا اثر ذلك، ليس كما تقودنا تصوراتنا الخاصة، أو التي اكتسبناها من أعمال الآخرين، وبتأثيرهم. فربما نكتشف ما يراوغ مساحة ابصارنا، وينفلت عن إدراكنا. مع ذلك، فأنا اعتقد أن ياسين قرر الانعتاق من ربقة ذلك الزمن وإقصاء منغصات تذكاراته، لصالح الانفتاح على أفق أرحب واسلم وأكثر اطمئنانا ودعة. واعتقد أنه أفاد من تلك التجربة احتفاءً بذات جديدة تود أن تخترق الضياء، بعد أن خبرت عتمة أيامها المندرسة تلك.   في غالبية رسوم أو ملونات ياسين ثمة شخوص ينحدرون من الزاوية اليمنى ويعومون تتبعهم بعض أحياز بيئية. وغالبا ما يكون الجسد الأنثوي حقلا لممارسة ألعابه الخطية أو اللونية أو كليهما. و بحذر أو بعناية تتلمس طريقها الفرشاة عبر مسالك لا تشكل أحيازا مكانية غالبا. هو أفاد في تقنيته هذه من التسطير اللوني التجريدي وفوضى حراك الإشكال التعبيري، كما أسلافه. مثلما افاد من الدرس الأكاديمي لإنشاء الأجساد، لا بصيغتها المتقنة القصوى، بل بالاكتفاء بالعلامات الخطية التي توحي بها وبما يضفي على هذه الأجساد من صيغ الحركية. وإن كانت رسومه التسعينية الأولى(في عرضه الذي نوهت به) تحتكم إلى قلقها الوجودي(حالة عدم الاستقرار في جلوسها على كراسٍ هزازة). فإن رسومه المتأخرة هي الأخرى انحدرت من منطقة الاهتزازات نفسها، لكنها تشظت ضمن ا

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

يحدث الآن

ملحق عراقيون

الأكثر قراءة

مقالات ذات صلة

أصابع بابلية' لأحمد مختار تتوّج عالميا

أصابع بابلية' لأحمد مختار تتوّج عالميا

في استفتاء موسيقي تنافسي سنوي حصلت إسطوانة “أصابع بابلية” للمؤلف الموسيقي وعازف العود العراقي أحمد مختار على مرتبة ضمن العشر الأوائل في بريطانيا وأميركا، حيث قام راديو “أف أم للموسيقى الكلاسيكية” الذي يبث من...
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram