حازم مبيضين يثير التزامن بين وصول الفوج الأول من مراقبي الجامعة العربية لدمشق ووقوع تفجيرين انتحاريين في قلب العاصمة السورية الكثير من التساؤلات عن المستفيد منهما, بحثاً عن الإجابة عمن قام بهما, فالنظام السوري سارع لاتهام تنظيم القاعدة الإرهابي, بعد حوالي ساعة على الحادثين،
وأعلن اعتقال واحد من الانتحاريين الذين نفذا العملية, وبنى استنتاجه على معلومات من الحكومة اللبنانية قبل يومين عن تسرب عناصر من تنظيم القاعدة من لبنان إلى دمشق، مع الأخذ بعين الاعتبار ما كان أفصح عنه وزير الخارجية السوري وليد المعلم بأن أي عمل إرهابي مسلح أمام المراقبين سيزيد من مصداقيتنا بوجود عصابات مسلحة, ولعل هذا ما استندت إليه المعارضة وهي تتهم النظام بتدبير الانفجارين بهدف تأليب الشارع السوري ضدها من ناحية وترهيب المراقبين العرب من الناحية الأخرى.الحكومة السورية وبرغم تأخرها في الموافقة على زيارة المراقبين العرب, تؤكد اليوم أنها ستقوم بتسهيل مهمة فريق المراقبين لأقصى الحدود, وهي تعلن أن التفجيرين هما هدية الإرهاب الأولى, وهما يظهران مدى ما تتعرض له سوريا من إرهاب وقتل, وتعتبر أن ما حصل رسالة لكل من يدعم هذه الأعمال الإرهابية وتؤكد أنهم يدعمون الإرهاب الذي يقف خلفه المجرمون المسؤولون عن قتل الشعب السوري, وتشويه صورة سوريا في العالم, وهي ترى أن من يتهمها بتدبير الانفجارين مجرم وداعم أساسي لقتل أبناء سوريا, وبالطبع لم يكن منتظراً من الحكومة السورية أن تقول غير ذلك, وهي تعرب عن ثقتها بأن الشعب السوري مستعد لمواجهة آلة القتل المدعومة من الخارج.تفجيرا دمشق كانا مناسبةً لان تعيد القوى الدولية طرح تصوراتها لما يجري في بلاد الشام, ودعت روسيا بعد إدانتها للهجمات, إلى الاستعانة بالنموذج اليمني وليس الليبي في معالجة الأزمة, ومع انتقادها للمعايير المزدوجة في التعامل معها, فإنها أكدت على مطالبة النظام السوري بضرورة وقف العنف ضد المدنيين, وحذرت فرنسا من أن استمرار النظام السوري بقمع المدنيين سيدفع البلاد إلى حرب أهلية مع التطور الخطير المتمثل بانفجاري دمشق, وطالبت مجلس الأمن بوضع حد للنظام السوري, فيما دانت واشنطن ولندن العمليتين وأملت ألا تكون عائقا أمام عمل المراقبين العرب, كما دان مجلس الأمن الدولي الهجومين في دمشق، وعلى الصعيد العربي دان الأردن بشدة التفجيرات معرباً عن الأمل في أن يتوقف القتل ونزيف الدم, وأن تنفذ الإصلاحات المطلوبة فوراً. المؤكد أنه ليس من مصلحة المعارضة السورية القيام بهكذا عمليات, وهي تعلن ليل نهار أن حراكها سلمي, وقد أكدت إدانتها للتفجيرين, ولو أنها اتهمت النظام بتدبيرهما, وبرأت إرهاب القاعدة, كما أنه يبدو أن ليس من مصلحة النظام تدبير تفجيرين, يؤكدان فقدانه السيطرة على الأمور, خصوصاً وأنهما استهدفا معقلين أمنيين, كان الواجب أن يكونا محصنين, ويؤكدان فيما لو صحت فرضيته أن حدود وشوارع سورية وطرقاتها باتت خارج قبضته الأمنية, وأن في ذلك دعوة لأن يترك هذا النظام أمور البلاد والعباد وأمنهم, لمن هو قادر على ضبط الأمور, وتجنيب المواطنين الأبرياء مخاطر التعرض لهكذا أعمال, لا يمكن وصفها بغير الإجرامية والإرهابية, بغض النظر عن القائمين عليها, والمدبرين لها.
في الحدث :قلبي على الشام
نشر في: 24 ديسمبر, 2011: 09:17 م