بغداد/ المدىيعود الفضل في اختراع الطباعة الآلية إلى الألماني يوهان غوتنبرغ الذي توصل في عام 1447 إلى طريقة تنضيد قوالب الحروف المصنوعة من الرصاص، بحيث توضع بجوار بعضها البعض لتشكل النصَ َالمطلوب، ثم تُطلى بالحبر، وتكبس على الورق فنحصل على نسخ بعدد مرات الكبس .كانت تلك هي الآلية التي اعتمدتها المطابع قبل أن تتوصل إلى الطباعة الالكترونية والليزرية اليوم.
في البصرة يستذكر المطبعي أبو حيدر تلك المهنة التي تقترن برائحة الأحبار، والورق وتنضيد الحروف، ومكائن الطباعة التي أنتجت الجرائد والمجلات والكتب أواسط القرن الماضي، وما رافقها من مفارقات وقصص. لا يزال أبو حيدر، منضد حروف الطباعة القديم، يتذكر دوي مكائن الطباعة القديمة، التي كان عددها في البصرة لا يتجاوز عدد أصابع اليد. ويقول إن أصابعه كانت تشكل عناوين وجمل أخبار أيام زمان، وهي عملية كانت تستقطع من عمره ساعات وربما أياما أيضا، بينما لا تحتاج اليوم إلا إلى دقائق معدودة.تحدث عبد الرضا جايد فعيل العيداني ـ أبو حيدرـ عن سنوات عمله الأولى في مطابع البصرة. وقال إنه بدأ العمل في مطبعة التايمز في عام 1950 وكانت يومذاك تطبع جريدة بصرة تايمز باللغة الانكليزية. وبعد إنهائه الخدمة العسكرية التحق بمطبعة البصرة، ثم بمطبعة حداد لصاحبها القاص المرحوم يوسف يعقوب حداد، التي كانت تطبع عدداً من الصحف والمجلات منها جريدة النهار لصاحبها المرحوم عبود شبر، والجنوب الرياضية لصاحبها المرحوم كاظم جبارة، ومجلة القوة الجوية ويستطرد أبو حيدر قائلا: إثر مضايقات السلطة في عام 1968 انتقلت إلى دولة الكويت وعملت في عدد من مطابعها منها: مطبعة الخليج، والمطبعة الدولية. وبعدها انتقلت للعمل في مطابع وزارة التربية. وعن زملاء المهنة أيام زمان ذكر أبو حيدر، عبد القادر جاسم، ويحيى حسن، ومحمد بتور، ومعظمهم انتقل إلى رحمة الله، وقد عملوا في مطابع البصرة القديمة وهي: التايمز، وشط العرب وحداد، والأديب. وعن رواتب أيام زمان يقول أبو حيدر إن راتب عامل المطبعة كان دينارا ونصف الدينار، حتى وصل إلى سبعة دنانير، وهو راتب موظف في الدولة العراقية. ويستذكر أبو حيدر دور الرقابة على المطابع آنذاك واهم الأخطاء التي وقعت، والتي كادت أن تزجه وزملاءه في السجن :اذكر أننا كنا نطبع احد أعداد الصحف في عام 1957 وكان الاحتفال بتتويج الملك فيصل الثاني، إذ سقطت من أحدنا عملة معدنية من فئة 4 فلوس، والتصقت بعين الملك في الصورة، ولم ينتبه لذلك أحد. ثم طبع العدد ووزع في السوق وعندما انتبه رجال الأمن لهذا الخطأ جمعوا كل الأعداد التي وزعت من السوق ثم قاموا بالتحقيق مع عمال المطبعة". وعن الفرق بين مطابع الأمس واليوم يقول أبو حيدر إن عملية الطباعة في السابق كانت صعبة جداً، لان الحروف كانت ترتب يدوياً حرفاً حرفاً، غير أن أبو حيدر وبرغم ذلك أعرب عن حنينه إلى ذلك الزمان، والى المطابع التي أمضى فيها أجمل سنوات عمره.
طباع بصري كاد ان يُسجن بسبب خطأ في صورة الملك
نشر في: 24 ديسمبر, 2011: 09:50 م