اعلان ممول

TOP

جريدة المدى > المدى الثقافي > ثقافة الأمل في مواجهة سلطة الاستبداد المطوقة بآلام الناس

ثقافة الأمل في مواجهة سلطة الاستبداد المطوقة بآلام الناس

نشر في: 25 ديسمبر, 2011: 07:30 م

رضا الظاهراعتبر مقال الشاعر ياسين طه حافظ المطروح للنقاش جهداً مميزاً، خصوصاً وانه يأتي في ظرف لا يخلو من مشاعر نكوص وتراجع ويأس ليشكل جزءاً من ضفاف الأمل. وهو تجلٍ لمنهجية إعادة النظر الضرورية دائماً،
وتعبير عن الجدل المستند الى الاختلاف في الرأي والتحليل. من ناحية أخرى فإن وجود بعض الالتباسات والمواضع التي بحاجة الى تدقيق مفاهيمي في المقال لا يقلل من أهمية الموضوعات المطروحة فيه.إن (حزن الثقافة المرير) تعبير شاعري يضيء مرارة الأحزان العراقية، وهي أحزان تمتد من بكاء عشتار السومرية على رحيل تموز حتى أيامنا المفعمة بالأحزان والبعيدة، على ما يبدو، عن المسرات.في مداخلتي أود إضاءة بعض الموضوعات الأساسية التي طرحتها ورقة الأستاذ ياسين طه حافظ وأركز بشكل خاص على قضايا: الثقافة والديمقراطية، والمثقف والسلطة، ودور الثقافة.الديمقراطية هي شرط ازدهار الثقافة، وهي عنصر داخلي في المعرفة يمنحها سمة اجتماعية، ويؤكد القبول بالنقد والاجتهاد والاختلاف والتعددية والحوار، وبالصراع الذي هو أساس تجدد المعرفة. وبالتالي لا يمكن الفصل بين الديمقراطية والعقلانية.والحق أن ماركس وضع، في نقده فلسفة الحق عند هيغل، أساساً منهجياً لرؤيته الديمقراطية، وقوامها أن الدولة ينبغي أن تكون تعبيراً عن المجتمع المدني.إن الثقافة الجماهيرية هي ثقافة الدولة التسلطية التي تتعارض مع الثقافة الديمقراطية. ولعل الفارق بين الاثنتين أن الثقافة الديمقراطية لا تزعم الكمال على عكس الثقافة الجماهيرية التي تزعم امتلاك الحقائق الكلية النهائية مما يجعل الاستبداد قائماً فيها. ومن هنا التعارض بين الثقافة الجماهيرية التي تتسم بالبؤس وتأبيد الراهن والثقافة الديمقراطية التي هي فضاء حر يتطور عبر الحوار في إطار مجتمع مدني، وشرط للتحول الاجتماعي التقدمي.وبما أن كل مشروع سياسي لابد أن يستند الى مشروع ثقافي، فإن الديمقراطية هي الأساس الذي ترتكز عليه هذه العملية في صياغة مشروع نقدي يتمثل في إعادة إنتاج العلاقات الضرورية بين الفكر والأخلاق والسياسة، التي تسعى، من بين غايات أخرى، إلى صياغة نموذج الفرد ذي التفكير الديمقراطي.وتبدو الديمقراطية العلمانية التحديثية والأصولية متعارضتين تماماً، ذلك أنهما تمثلان مشروعين سياسيين وثقافيين متضادين ينفي أحدهما الآخر، فهما نمطان متعارضان من التفكير، أحدهما قوة إقصاء ثقافي مناهضة للنقد والتعددية، والآخر يعتمد الحوار والتجدد وأشكالاً من المساواة تفرضها الديمقراطية وخصوصاً مساواة النساء.ومن الطبيعي أن سلطة الاستبداد المطوقة بآلام الناس وصمتهم، بل التي لطخت أيديها بدماء مثقفين حقيقيين أبرياء رفضوا الخنوع لها، هي التي تحتاج إلى إقامة الجسور مع التابعين والخانعين من المثقفين لتسلبهم استقلاليتهم، وتستثمر لهاثهم وراء المنافع في عملية الدعاية لفكرها وإدامة وجودها.وبما أن الدولة، وهي مؤسسة طبقية سياسية قمعية، تعبر عن علاقات الإنتاج السائدة في المجتمع، فإنها تسعي إلى ممارسة سلطتها باعتبارها التعبير السياسي عن مصالح المجتمع بأسره. وتمارس الدولة سلطتها بوسيلتي القمع والآيديولوجيا. ولعلنا نتذكر هنا سفيان الثوري الذي قال "إذا رأيتم شرطياً نائماً عن صلاة فلا توقظوه لها، فإنه يقوم يؤذي الناس ونومه أحسن". كما نتذكر ابن خلدون الذي قال "إعلم أن السيف والقلم كلاهما آلة لصاحب الدولة يستعين بها على أمره". فهاتان المقولتان من تراثنا تضيئان الجوهر القمعي التضليلي للدولة وسلطتها.وارتباطاً بذلك بوسعنا أن نتذكر ما قدمه أرسطو للحاكم المستبد إذ قال "على المستبد أن يختار رجال حمايته من المرتزقة الديماغوغيين الجهلة، وأن يحافظ على السلطة التي كسبها بكيل الوعود لهم. ويتعين عليه أن يمنع صعود أي شخص ذي إمكانات استثنائية، إما بإعدامه أو باغتياله إذا تطلب الأمر. ويجب على الحاكم المستبد، أيضاً، منع الولائم والتجمعات الأدبية وإشاعة أي رأي أو ثقافة من شأنها إثارة مشاعر معادية. وعليه أن يمنع الناس من التعرف إلى بعضهم بعضاً بصورة جيدة، وأن يستعين بالجواسيس حتى من النساء، وأن يفقر رعاياه وينشر بينهم النزاعات ويشغلهم بالأعمال الشاقة مثل فرعون الذي أشغل رعاياه في بناء الاهرامات. وعلى المستبد إثارة الحروب لإلهاء رعاياه وجعلهم في حالة التأهب الدائم لأوامر القائد". وهي نصائح تذكرنا بوصايا ماكيافيللي للأمير، الذي دعا للتعرف إلى أغواره والعمل على تثقيفه وتوسيع مداركه لتدعيم سلطته. ونصب ماكيافيللي، الذي ابتعد عن مفاهيم الأخلاق وأحكام القيم، الأمير ليكون له القول الفصل في ما يتعلق بدولته ونصحه أن يقدر الأوضاع الطارئة التي تجيز له أن يكون شريراً ليحافظ على منصبه، داعياً إياه الى أن يكون مصدر خوف للناس. ويؤكد ميكيافيللي أن الدس والمخاتلة والتحايل هي فضائل في ميدان السياسة يجب على الحاكم أن يتحلى بها إذا أراد حقاً أن يكون حاكماً.  وعلى الرغم من الدور الفاعل الذي تلعبه الايديولوجيا ويلعبه المثقفون حاملو المعرفة في إدارة الدولة وتوجيه المجتمع، فإن المثقفين ليسوا، في هذا

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق عراقيون

الأكثر قراءة

مقالات ذات صلة

أصابع بابلية' لأحمد مختار تتوّج عالميا

أصابع بابلية' لأحمد مختار تتوّج عالميا

في استفتاء موسيقي تنافسي سنوي حصلت إسطوانة “أصابع بابلية” للمؤلف الموسيقي وعازف العود العراقي أحمد مختار على مرتبة ضمن العشر الأوائل في بريطانيا وأميركا، حيث قام راديو “أف أم للموسيقى الكلاسيكية” الذي يبث من...
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram