TOP

جريدة المدى > مقالات واعمدة ارشيف > فضاءات: أدوار لابد منها

فضاءات: أدوار لابد منها

نشر في: 25 ديسمبر, 2011: 07:38 م

 د. مهدي صالح دوّايتعايش التطوّر الاقتصادي للدول مع ادوار متعددة للدولة تمثلت بالحماية مرة، والتوجيه مرة ثانية، والمشاركة في الإنتاج مرة ثالثة، وقد اطّر لنا الفكر الاقتصادي التقليدي والحديث تلك الأدوار بثلاثة توصيفات رئيسية،(فالدولة الحارسة)،
تمثلت باحتفاظ الدولة بمهمات الأمن والقضاء والدفاع، بهدف تامين البيئات الآمنة لعمل القطاع الخاص، في حين مارست (الدولة المتدخلة) أعمالا" ترقى إلى حالات من التدخل الحكومي لتوجيه عمل القطاع الخاص بأدوات نقدية ومالية معروفة، حين أخفقت آليات السوق في تحقيق الأهداف التوازنية المطلوبة، أما مهام (الدولة المنتجة) فكانت قريبة من عمل القطاع الخاص، عندما وظّفت الحكومات إمكاناتها السيادية في تحقيق المزيد من الإيرادات المالية والعينية لدعم برامجها الاقتصادية والاجتماعية .والاقتصاد العراقي الحديث بما يملك من موارد ريعية (نفطية)، وسيادية (ضرائب ورسوم)، لم يتسن للدولة فيه أن تأخذ أدوارها الفاعلة ضمن (ثلاثية) الوظائف آنفة الذكر، على الرغم من انه يوصف باقتصاد القطاع العام، فقد كان الابتعاد عن الأنموذج الرأسمالي في التطوّر سببا" لبقاء دور نمطي للدولة غير قادر على تأمين مستلزمات الإبداع والابتكار المرتبطة دوما" بمبادرات القطاع الخاص، والذي هو الآخر بقي تابعا" للدولة، وفاقدا" للإرادة المستقلة، فكانت هذه الإشكالية معوّقا" أساسيا" أمام فرص التطوّر واللحاق بالتجارب الأخرى . إن ما ينبغي التركيز عليه في هذه المرحلة المفصلية، هو أن تكون الدولة العراقية، (حارسة ومتدخلة ومنتجة) في آن واحد في إطار تعاطيها مع مجمل الفعالية الاقتصادية، إذ أن المتغيرات الراهنة لا تسمح بتجزئة تلك الأدوار في ظل تدويل متسارع للاقتصاد لا يقوى فيه القطاع الخاص أن يتبوأ الصدارة، وإنما على الدولة أن تهيئ لذلك القطاع بيئاته التشريعية والأمنية واللوجستية لتحفيزه على الانطلاق، في ذات الوقت الذي تكرس فيه أدواتها النقدية والمالية والتجارية، لضمان سهولة ولوج المشاريع الخاصة في الأنشطة الاستثمارية المتنوعة .ولضمان قاعدة إنتاجية متنوعة قادرة على تامين درجات عالية من الاكتفاء الذاتي، يمكن للدولة أن تكون (منتجة)، وفقا" لنمط الشراكات مع القطاع الخاص المحلي أو الأجنبي، أو العمل باستقلالية خاصة، فعن طريق هذا الدور سوف تعجّل الدولة من تنويع القاعدة الإنتاجية المحلية، وتامين فرص عالية من التشغيل، وتغذية التيارات السلعية المحلية، لكبح جماح التضخم المستورد .وتأسيسا" لما سبق ينبغي أن يتعايش كلا القطاعين (العام والخاص)، بعيدا" عن تجاذبات الفلسفتين الرأسمالية والاشتراكية، فالمرحلة الحالية تتطلب التخطيط لادوار واضحة لكلا القطاعين وفقا" للإمكانيات والأهداف المخطط لها، وتزخر تجارب النمو الدولية المعاصرة بالعديد من العبر والدروس عن ادوار اقتصادية للدولة بعيدا" عن التطرف لما هو عام أو خاص، وإنما عن طريق الدمج المنظم بينهما .

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

يحدث الآن

المالية النيابية: كلفة استخراج النفط من كردستان تصل 22 دولاراً

في رد رسمي.. محافظ بغداد يرفض قرار الإحالة إلى التقاعد

الدرجات الخاصة المصوت عليهم في البرلمان اليوم

نص قانون التعديل الأول للموازنة الذي أقره مجلس النواب

بالصور| أسواق الشورجة تستعد لإحياء "ليلة زكريا"

ملحق معرض العراق للكتاب

الأكثر قراءة

مقالات ذات صلة

حياتي وموت علي طالب

حياتي وموت علي طالب

غادة العاملي في لحظة تزامنت فيها الحياة مع الموت استعدت ذكريات عشر سنوات ،أو أكثر .. أختصرها الآن في ذاكرتي بالأشهر الثلاثة الأخيرة. حينما اتفقنا أناقرر هو أن يسافر ملبيا الدعوة التي انتظرها لأكثر...
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram