اعلان ممول

TOP

جريدة المدى > المنتدى العام > أعياد المسيح.. تحدٍّ للإرهاب ورمز للتعايش

أعياد المسيح.. تحدٍّ للإرهاب ورمز للتعايش

نشر في: 25 ديسمبر, 2011: 07:55 م

محمد صادق جرادبالرغم من الضغوطات التي مازال يتعرض لها أبناء الأديان والطوائف الأخرى في العراق من قبل القوى الإرهابية وبالرغم من تهجير الكثيرين منهم خارج مدنهم إلا أن  كنائس العراق كانت عامرة بأبنائها وهي تمارس طقوس الميلاد المجيد .
وكم كان رائعا أن يعلن الوقف المسيحي اقتصار الأعياد على إقامة القداس في الكنائس وإلغاء جميع مظاهر الفرح الأخرى في النوادي والمرافق الأخرى لتزامنها مع شهر محرم الحرام وذكرى عاشوراء وذلك انطلاقا من تضامن المسيحيين العراقيين مع إخوتهم المسلمين في صورة رائعة للتعايش السلمي في العراق بين جميع مكوناته في ظاهرة تعكس تعايش الأديان والطوائف في العراق الجديد .ولا بد لنا هنا  من أن نستذكر محاولات القوى الإرهابية في تعكير صفو هذه العلاقات الإنسانية التي تربط أبناء العراق عبر قرون طويلة من خلال قتل المسيحيين وتهديدهم وتفجير الكنائس ومنها كنيسة النجاة في بغداد والتي كانت نموذجا لوحدة العراقيين حيث فشل الإرهاب بكل ما يحمله من حقد وأفكار متطرفة في زرع الفتنة بين الأديان والمذاهب في العراق فكانت كنيسة النجاة رمزا للتوحد بعد أن أرادوها سببا للفرقة والفتنة . لقد رفض العراقيون الأفكار المستوردة من الخارج والتي جاءت بها القاعدة لما تشكله هذه الأفكار من خطر على وحدة العراق وتهديدا لحياة أبنائه وتعايشهم السلمي .فبعد أن كانت الأفكار المتطرفة التي تؤمن بها القاعدة مخزونة في كتب وكراريس يتم طبعها وتداولها والترويج لها عبر مدارس دينية خاصة أصبحت اليوم أكثر خطورة على الإنسانية بعد أن خرجت من تلك الكتب ودخلت حيز التطبيق ليتم تنفيذ أجنداتها الخطيرة على ارض الواقع حيث يستند هذا الفكر على تفسيرات خاطئة للنصوص القرآنية بما يخدم توجهات هذه الجماعة وبما يجعل كل من لا يؤمن بأفكارها كافرا ومرتدا لا بد من قتله واستباحة دمه وعرضه وماله . ويشكل هذا الفكر خطرا كبيرا على المفاهيم والقيم السامية التي جاء بها الإسلام وخاصة قيم التسامح والتعايش مع الآخر حيث نجد العمليات الإرهابية التي يقوم بها هذا التنظيم تستهدف جميع الديانات والقوميات والمذاهب ,وما حصل مع مسيحيي العراق في كنيسة النجاة  ومسيحيي مصر في كنيسة القديسين خير أمثلة للتطرف ورفض الآخر ومحاولة إخراجه من بلاد المسلمين التي هي بلاد جميع الأديان والطوائف منذ فجر التاريخ .ولم يقتصر الأمر على علاقة الإسلام بالديانات الأخرى بل ساهم هذا الفكر  في ضرب وحدة الإسلام وجر المسلمين إلى ويلات الحروب الأهلية والاقتتال الطائفي من خلال اللجوء إلى أفكار دخيلة على الدين كالتكفير وإلغاء الرأي الآخر في التعامل مع المذاهب المختلفة بعيدا عن الإسلام ومفاهيمه . أما بالنسبة للدين الإسلامي فان معظم آيات القران الكريم تدعو إلى تطبيق القيم الروحية والإنسانية والالتزام بمبادئ العدالة والمساواة والحق والحرية في اختيار المصير واعتناق الدين .وكذلك نجد إن السيرة النبوية الشريفة اتسمت على طول مسيرتها بالتمسك بهذه القيم والمفاهيم ويتجلى ذلك في جميع مواقف النبي في سيرته وحتى في بنود اتفاقياته ومعاهداته مع أعدائه من خلال اعتماد مبدأ التسامح في بنود تلك المعاهدات ومنها (حلف الفضول) الذي تم توقيعه قبل الإسلام وتبناه الإسلام بعد ذلك والذي يؤكد ع اعتماد التسامح و رفض الظلم ويدعو إلى الحفاظ على حياة الناس والى تحقيق المساواة والعدل بين أهل مكة .وهناك أمثلة أخرى كثيرة تراعي نفس المفاهيم ,منها دستور المدينة المعروف باسم الصحيفة وكذلك صلح الحديبية. وإذا ما أردنا أن نعمل على حماية المجتمعات من هذه الظاهرة الخطيرة فعلينا  إشاعة المفاهيم السمحاء وعلينا أولا القضاء على المدارس الفكرية التي تغرس هذه المفاهيم الخاطئة ويجب أن نؤسس لثقافة العفو والتسامح بين الجميع باختلاف مذاهبهم وقومياتهم ويتحمل الجميع هذه المسؤولية من خلال دور المؤسسة التربوية والإعلامية والمنظمات المدنية وخطباء الجوامع والحسينيات في ترسيخ مفاهيم الإسلام الحقيقية والعمل على محاربة الأفكار الظلامية التي تريد أن تمزق نسيج المجتمعات العربية والإسلامية .

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

يحدث الآن

ملحق عراقيون

الأكثر قراءة

مقالات ذات صلة

كاريكاتير

كاريكاتير

ميثم راضيميثم راضي
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram