اعلان ممول

TOP

جريدة المدى > غير مصنف > منبع النيل ومأساة مستكشف غربي

منبع النيل ومأساة مستكشف غربي

نشر في: 26 ديسمبر, 2011: 07:09 م

اسم الكتاب: مستكشفو النيلاسم المؤلف: تيم جيلترجمة: عبد الخالق عليفي بداية عقد السبعينات من القرن التاسع عشر، وفيما يعرف اليوم بزامبيا، قاد ديفيد لفينغستون – أعظم المستكشفين البريطانيين – العديد من الحملات بحثا عن منبع نهر النيل. في أحيان كثيرة كان يعاني صعوبة السير بسبب التقرحات التي انتشرت في  قدميه، ونخرته الملاريا والبواسير وأضعفته النزلة الصدرية وقام  بقلع العديد من أسنانه المنخورة باستخدام الخيط والمسدس. هاجمته الحمى والأمطار الغزيرة والحمى القرادية وتجار الرقيق وأنواع العلق. في عام 1873 أصيب بتجلط الدم في أمعائه. كل تلك المعاناة تلخص رباطة الجأش المريرة لرجال من أمثال لفينغستون.  الاستكشاف لا يكون متعة  دائما.
الرجال – وأحيانا النساء – الذين ذهبوا بحثا عن منابع أطول انهار إفريقيا، أبدوا مرونة جبارة وشجاعة فائقة بعيدا عن  الغرور.  كتاب جيل يذكرنا بصلابة أولئك المغامرين التي لا تلين.إن كتاب " مستكشفو النيل " هو حكاية متألقة وحية عن عقدين في منتصف القرن التاسع عشر عندما كان البحث عن منبع النيل في إفريقيا الوسطى في ذروته، الحكاية تروى من خلال قصص متلاحقة عن افينغستون، ريتشارد برتون، جون هاننك سبيك، جيمس غرانت، صامويل بيكر وهنري مورتن ستانلي. هؤلاء الرجال كانت وراءهم دوافع مختلفة – الدين، البحث العلمي و التعطش للشهرة – لكن لم تدفعهم رغبة في ترك بصمة السلطة الامبريالية البريطانية على تلك المجاهل الخالية. يستمر كتاب جيل بمتابعة العواقب السياسية غير المتوقعة لفتوح إفريقيا وللاستيطان، من الفظائع المروعة في أوغندا في ظل عيدي أمين إلى الرعب المعاصر في دارفور. لم يأت هؤلاء المستكشفون، بلحاهم المهندمة وثقتهم العالية وطاقتهم التي لا تعرف الحدود، من اجل أن يحكموا ولكن  ليجدوا حلا للغز قديم أثار فضول الجغرافيين منذ زمن الفراعنة: من أي مكان في إفريقيا ينبع نهر النيل ليعبر آلاف الأميال من المناطق الصحراوية ويسبب الفيضان في مصر كل عام؟ لقد افتتن الاسكندر الكبير ويوليوس قيصر بهذا اللغز. بالنسبة للفيكتوريين فقد ذهب هذا اللغز إلى ابعد من أهميته العلمية: حيث صار نزعة للاستكشاف بحد ذاته، ومرادا يشبه إلى حد كبير القوة  الدافعة للتسابق إلى القمر في القرن اللاحق. هؤلاء المغامرون كانوا مستعدين للتعرض للمصاعب من اجل متابعة منبع النهر، ومهيئين للتمسكن من اجل إظهار فضلهم في اكتشاف المنبع. لقد حاربوا الطبيعة وتشاجروا بوحشية مع بعضهم. إن أفضل ما أنجزه جيل هو كشف التنافس الفظيع بين سبيك وبرتون، موازنا بين مكانتيهما في التاريخ. في شباط 1858، وصل برتون والرجل الاخر الذي يشير إليه دائما بـ " التابع "، الى شواطئ بحيرة تنجانيقا بعد رحلة مضنية. كان برتون مريضا لدرجة انه كان يحتاج إلى من يحمله طيلة المائتي ميل الأخيرة. بينما كان سبيك يعاني رمد العين بحيث انه لم ير البحيرة. بالتالي أصيب برتون بتقرحات في لسانه منعته من الكلام، وفي الوقت نفسه دخلت خنفساء صغيرة في أذن سبيك تسببت في أضرار في طبلة أذنه مما دعاه الى استخدام أداة حادة في قتلها لكنه أصاب إذنه كثيرا لدرجة انه  أعاق سمعه لعدة شهور. لقد تشارك هذان الرفيقان في المصاعب، الصمم والعمى والبكم والعوق، لكنهما كانا يبغضان بعضهما الآخر. كان برتون مقتنعا بان بحيرة تنجانيقا لابد أن تكون هي منبع النيل، بينما تركه سبيك واستمر في رحلته لأكثر من مائتي ميل شمالا لاكتشاف المياه المعروفة للعرب باسم بحيرة يوكيرو التي أعاد تسميتها باسم بحيرة فكتوريا. بعد أن حسب ارتفاعها عن سطح البحر، توصل إلى أنها لابد أن تكون منبع النيل وليس بحيرة برتون.كان سبيك على حق وبرتون على خطأ، لكن برتون هو الذي كسب الشهرة ولقب الفارس. قال برتون " أنا مهووس بالاستكشاف "، لكنه كان أيضا مهووسا بعزمه على تدمير سمعة رفيقه القديم. قبل يوم من ظهور الرجلين علنيا لمناقشة نظريتيهما، قتل سبيك خلال رحلة صيد عندما كان يتسلق سورا فانطلقت رصاصة أصابت جنبه. أصبح المكان شاغرا أمام برتون الذي استغل الفرصة لإسقاط منافسه والتصريح بأنه انتحر. بقي سبيك في الظل، شخصا منزويا شاحبا بالمقارنة مع برتون المتورد الذي راح يجذب اهتمام كتّاب السير الذاتية على مدى السنين. الانجاز الوحيد للمؤلف جيل هو إنقاذ سبيك من النسيان غير المسوغ ومن التنزيل الى المرتبة الثانية،  مثبتا  ليس فقط فضله كمستكشف رائد وإنما أيضا كشخصية جذابة غير متزمتة. كان سعيدا بالتلميحات الجنسية التي عرضها على الشيوخ الأفارقة، وبحبه لامرأة شابة من باغاندا تدعى ميري، مما كان يخالف الآراء السائدة  لأبناء جنسه وطبقته.لقد ذهب جيل إلى ابعد وأعمق مما ذهب إليه (الان مورهيد)  في كتابه (النيل الأبيض) وذلك من خلال العودة إلى المصادر الرئيسة وخاصة صحف سبيك الأصلية وبهذا فانه يقدم إعادة نظر متينة في تلك الأساطير. إن المهمة الرئيسة لكتاب " مستكشفو النيل "  هي أحياء سمعة سبيك،إلا أن جيل أدى مهمة إنقاذ أخرى من خلال ذكر أفضال مئات الأفارقة الذين سهّلوا مهمة هؤلاء الرجال البيض، حيث يذكر  جيل، قدر الإمكان، أسماء الإدلاء والمترجمين والحمالين الذين ساندوا ورافقوا واطعموا وحرسوا هؤلاء المستكشفين في قلب إفريقيا من اجل اكتشاف أماكن يعرفها الأفارقة  أصلا. عندما مات لفينغستون أخيرا، بعد أن كتب قائلا بان الاستكشاف قد وصل إلى نهايته، قام مرافقوه من الأف

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

يحدث الآن

واشنطن تحذر بغداد من التحول الى "ممر" بين ايران ولبنان

تقرير أمريكي: داعش ما زال موجوداً لكنه ضعيف

انتخابات برلمان الاقليم..حل للازمات ام فصل جديد من فصولها؟

صورة اليوم

المباشرة بتطبيق الزيادة في رواتب العمال المتقاعدين

ملحق ذاكرة عراقية

الأكثر قراءة

فريق ألماني يكتشف مدينة تاريخيّة وأقدم إمبراطوريّة إنسانيّة من العهد البرونزي في دهوك

مارلين مونرو.. قصة حزينة جداً!

قراءة في كتاب: دراسات في تاريخ الاقتصاد والفكر الاقتصادي

القذافي.. سيرة حياة كارثية!

السحر الغريب لألف ليلة وليلة

مقالات ذات صلة

بالصور| بيت المدى ومعهد غوتا يستذكران الموسيقار محمد جواد أموري
غير مصنف

بالصور| بيت المدى ومعهد غوتا يستذكران الموسيقار محمد جواد أموري

بغداد / المدىعدسة: محمود رؤوفأقام بيت المدى التابع لمؤسسة المدى للاعلام والثقافة والفنون وبالتعاون مع معهد غوتا، اليوم الجمعة، فعالية تحت عنوان "محمد جواد أموري.. صانع النجوم"، بمناسبة مرور عشرة اعوام على رحيل الملحن...
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram