إحسان شمران الياسريالذين ورثوا تقاليد العمل الأصيلة، وروح الانتماء لمؤسساتهم، يدركون معنى أن تكون في موقعك وتتأثر بما يُحيط بك.. ففي زحمة الاحداث التي مرت وتمر بها بلادنا، وطالت في تأثيرها مستويات متقدمة في إدارة الدولة، فضلاً عن السياسيين، فان على العاملين في مؤسسات الدولة أن يتناسوا أية رابطة بهذهِ الاحداث طالما كانوا في مواقع العمل وخلال ساعاته.. فليس من مصلحة، أو واجب مسؤول المستوصف الصحي أن يتأثر بها وهو يعالج المرضى، وليس من مصلحة أو مسؤولية مدير مخازن الأدوية أو صوامع الحبوب أن يعتزل العمل طالما اعتزل أعضاء مجلس الوزراء جلسات المجلس..
فليس من مهمة موظف صغير أو متوسط أو كبير، باستثناء الموظف السياسي، أن يهتم بالاصطراع خلف من يحبهم أو يتبعهم، وليس له أن يقعد أو يتأثر، وليس لنا جميعاً، سواء كنا في العمل الحزبي أو المجتمعي أو الروحي، طالما كنا نتولى مسؤولية إدارية تخص المجتمع سواء كانت في الدولة أم في القطاع الخاص. وعلى من يتحدث عن الحلال والحرام، والولاء والانتماء أن يدرك هذا، ويؤمن به ويحترم كل ما له صلة به..فنحن الذين نقود الجرارات والسيارات والدواليب والبواخر، وفي أيدينا مفاتيح الماء والخبز والدواء، ونؤتمن على أسرار الدولة ومفاتيحها ومغاليقها وأبوابها وشبابيكها، لا نملك الحقوق التي يملكها المتفرجون خلف أسوار المهام الرسمية.. فهؤلاء، ويا لسعدهم، يستطيعون إغلاق محالهم التجارية ومكاتبهم الخاصة، ويقعدون في ساحة التحرير أو ساحة الجندي المجهول، ويهتفون ضد هذا أو مع ذاك، وفي الوقت الذي يختارونه.. أما نحن الذين نمدّ المؤسسات بأسباب الحياة وديمومتها، فليس لنا أن نغلق بابا وقت الدوام الرسمي، أو نترك صنبور الماء يتدفق أو قاطرة تسير في الصحراء، لان ذلك، في ابسط توصيف له، يعبر عن قصور في الوعي تجاه الأمانة والمسؤولية.. ومن اجل هذا، لتبق دواليب الحركة تحمل بلادنا في طريقها، مهما كان، أرجو أن ننسى ونحن نعمل، من لنا صلة بهم من السياسيين، ونتذكرهم هناك حيث نغادر مواقع عملنا، ويتيسر لنا الوقت المناسب. أما من الساعة الثامنة صباحا إلى الثالثة عصرا، فنحن خدام المؤسسة التي نعمل فيها، مهما كان رئيسها أو وزيرها أو مديرها.
على هامش الصراحة: نحن والسياسيين

نشر في: 27 ديسمبر, 2011: 07:11 م