TOP

جريدة المدى > المنتدى العام > بغداد تئنّ من وجع الجميع!!

بغداد تئنّ من وجع الجميع!!

نشر في: 27 ديسمبر, 2011: 07:13 م

د. كاظم حبيبمن يتابع معركة التصريحات الصحفية واللقاءات التلفزيونية عبر قنوات التلفزة العراقية والعربية يدرك شيئاً واحداً مهماً قد حصل في العراق: إن عقول جمهرة كبيرة من السياسيين العراقيين المشاركين في العملية السياسية وفي الحكومة الحالية قد منحت نفسها إجازة طويلة الأمد, وركبت هؤلاء الناس النرجسية المرضية وروح الإقصاء وتصفية الحسابات والرغبة الجامحة والقاتلة في السيطرة الكاملة على السلطة
باعتبارها الطريق للوصول إلى النفوذ على الدولة والمجتمع والمال في آن وبغض النظر عن العواقب الوخيمة التي تصيب المجتمع وخاصة الفئات الكادحة والفقيرة التي تعيش المأساة منذ عقود غير قليلة.وفي مقابل هذا تراجع في ذات الوقت صوت العقلاء من السياسيين العراقيين المطالبين بإيجاد حلول جدية وفعلية للأزمة الطاحنة ولمجمل الوضع الطائفي المقيت السائد في البلاد, إضافة إلى غياب فعلي مقصود لصوت المرأة العراقية العاقلة في هذا المعمعان الملطخ بدم بنات وأبناء بغداد, فهن مهمشات من قبل ذكور وصقور السياسة العراقية الحالية. في الوقت الذي تئن فيه الأوساط الشعبية من وجع الإرهاب والفساد والفقر والبطالة ونقص الخدمات وانعدام التنمية الاقتصادية وارتفاع الأسعار ونقص المدارس وتحول البنايات المتبقية إلى أربع وجبات تعليمية في اليوم الواحد ونقص المستشفيات وقلة الخدمات فيها...الخ, في هذا الوقت بالذات يضحك هؤلاء الساسة على ذقون الناس ويسخرون من أوجاعهم ويتحدى بعضهم البعض الآخر في إثبات من هو الأكثر قدرة على ليّ الآخر وليّ الدستور العراقي والقوانين والقضاء .. إنها لمجزرة بشرية حقيقية حين تتناثر أوصال العراقيات والعراقيين في كل مكان وتسيل دماؤهم الطاهرة بالمفخخات والانتحاريين والقتلة المحترفين من حثالة البشر بتوجيه من قوى جبانة أعماها الحقد والكراهية والتعصب الديني والمذهبي.  الموت اختطف 57 عراقياً وعراقية و176 جريحاً في يوم 22/12/2011 من خلال استخدام 12 عملية إرهابية في فترات متقاربة ومواقع حساسة من العراق, كما اختطف في يوم 26/12/2011 عدداً آخر من بنات وأبناء العراق على مقربة من وزارة الداخلية. ويبدو أن سلسلة التفجيرات والعمليات الإرهابية بأنواعها المختلفة لن تتوقف ما دامت أطراف الحكومة متصارعة, وهم المسؤولون عن حماية أمن بغداد والعراق كله, وما دام الإرهابيون وجدوا الثغرة المناسبة للتسرب والتسلل منها إلى مواقع مفيدة لهم للحصول على ما يبغون من معلومات لإنزال الضربات في مواقع حساسة ومحروسة من جانب أجهزة الأمن الحكومية. بالأمس القريب وجّه رئيس الوزراء اتهامات خطيرة إلى نائب رئيس الجمهورية طارق الهاشمي مؤكداً تورطه بتوجيه أعضاء في حمايته لممارسة عمليات الاغتيال والتفجيرات على  اثر اعتقال واعتراف أعضاء في حماية طارق الهاشمي .. الخ, وأن رئيس الوزراء كان على علم أكيد بالكثير من أفعال نائب رئيس الجمهورية المخالفة للدستور وللعملية السياسية ولكنه سكت عنها حفاظاً على سير العملية السياسية. وضد كل الأعراف والتقاليد السياسية والقضائية العقلانية بادر رئيس الوزراء إلى إعلان هذا الاتهام في مؤتمر صحفي بدلاً من أن يأخذ القضاء على عاتقه مسؤولية الإعلان عن هذه القضية الكبيرة وفق القواعد القضائية, وأشار رئيس الوزراء إلى أنه شكّل لجنة من خمسة قضاة مارسوا التحقيق وتوصلوا إلى تسجيل محضر يؤكد اعتراف الضباط الثلاثة من حماية طارق الهاشمي بارتكابهم جرائم بعلم وتوجيه ودعم مالي من نائب رئيس الجمهورية. ماذا تبين بعد ذلك؟تبين من خلال بيان أصدره مجلس القضاء الأعلى في العراق أن قاضياً واحداً فقط هو الذي قام بالتحقيق مع أعضاء الحماية وسجل اعترافاتهم, وأن القضاة الأربعة الآخرين وقعّوا على محضر التحقيق الفردي من دون أن يشاركوا في التحقيق. وأكد البيان ضرورة إعادة التحقيق كله. وهنا نتلمس الخلل في مجمل العملية بدءاً من السكوت على التجاوزات والجرائم وتأجيلها ثم إثارتها سياسياً بدلاً من القضاء, ثم تبين إن القضاة قد ارتكبوا أخطاءً بتوقيعهم على محضر لم يشاركوا في التحقيق فيه, وإن مجلس القضاء الأعلى يريد الآن تصحيح هذا الخطأ بإعادة التحقيق ومن خلال القضاة الخمسة, في حين يفترض تغيير القضاة, إذ من غير المعقول أن يساهم نفس القضاة الذين ارتكبوا الخطأ, ولا يعرف إن كان الموقف خطأ أم موجهاً ومسيَّساً. هذا ما لجأ إليه رئيس وزراء العراق ورئيس قائمة دولة القانون في الصراع الدائر بين قائمة دولة القانون والقائمة العراقية. وما نقوله هنا لا يمس قبول أو نفي التهم الموجهة لطارق الهاشمي, فهي مهمة القضاء وحده, شريطة أن يكون نزيهاً. ولكن ماذا جرى في الطرف الثاني من الصراع السياسي المتفاقم في العراق. لجأ رئيس القائمة العراقية إلى نفي كل التهم الموجهة إلى طارق الهاشمي بالمطلق واعتبرها قضية سياسية وتهما باطلة حيث "أشار إلى إن هناك إخفاقات واضحة في العملية السياسية والقانون، وان الاتهامات الموجهة لنائب رئيس الجمهورية السيد طارق الهاشمي هي تهم كيدية كما إن توجيه الاتهامات إلى قياديين في كتل سياسية مختلفة هو إسقاط للحكومة ". ولكنه عاد ليقول بأنهم يعملون على التحقيق في التهم الموجهة لنائب رئيس الجمهورية, ويسعون ليكون القضاء نزيهاً وعادلاً.   وقبل ذاك كان رد فعل طارق الهاشمي هو النفي المطلق ل

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق ذاكرة عراقية

الأكثر قراءة

مقالات ذات صلة

كاريكاتير

كاريكاتير

ميثم راضيميثم راضي
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram