بغداد – المدى يعتقد البعض أن النساء العاملات في المصارف هن مجرد هيئة وشكل جميل، أو عامل جذب واستقطاب من خلال المعاملة اللطيفة والحسنة لزبائن البنوك وعملائه، و هذا امتداد للنظرة السائدة عموماًَ في مؤسسات و منشآت القطاع الخاص، والحقيقة على أرض الواقع قد تؤكد هذه الصورة النمطية، إلا أن هناك نساء استطعن بجدارتهن و كفاءتهن اعتلاء عرش بعض المصارف وتأكيد مشاركتهن في صنع القرارات والتمايز في وضع الخطط والسياسات والبرامج،
وإثبات حضورهن القوي في تصريف شؤون البنوك ومتابعة العمل المصرفي بمهنية عالية واقتدار كبير. والسؤال الذي يطرح نفسه حول سياسة البنوك تجاه النساء العاملات فيها وما إذا كانت تمنح الفرص الكافية لهن، وتمكينهن من الظهور على الساحة المصرفية، وتسليمهن زمام العمل الإداري والقيادي، وتوسيع دائرة صلاحياتهن في العمل بما يتوافق مع طاقتهن و قدراتهن، أم أن التمييز ضد النساء موجود أيضاَ في البنوك و المصارف.كريمة محمد (49) عاما موظفة في مصرف الرشيد أوضحت أن النساء أثبتن جدارتهن و كفاءتهن في كافة المجالات والميادين، والقطاع المصرفي هو أحد هذه الميادين، برغم أن العمل فيه يحتاج إلى جهد كبير قد لا يتحمله الرجال، فهو يتصف بالجدية والمسؤولية والقدرة على تحمل ظروف العمل مهما كانت الأسباب والاعتبارات الشخصية وما شابه ذلك. وأضافت كريمة أن النساء القياديات في العمل المصرفي لديهن كفاءة و خبرة قد تفوق الكثير من الرجال على الصعيد نفسه، لذلك ليس مستغرباًَ أن تجد امرأة مديرة قسم، مشيرة إلى أن النساء العاملات في المصارف يتحملن ضغوط العمل أكثر من الرجال حسبما تدل مؤشرات أداء الموظفين، وذلك لجملة من الأسباب أهمها أن النساء بطبعهن هادئات وصبورات وهذه صفات يتطلبها العمل المصرفي وبالتالي يستطعن إنجاز عملهن بأقل جهد ممكن وبدرجة عالية من الأداء المهني بعيداًَ عن تأثيرات ضغوط العمل. فيما اعتبرت حنان هاشم مدير قسم الائتمان في احد المصارف الأهلية أن ارتقاءها هذا المنصب الحساس في البنك يؤكد أن النساء إذا أتيحت لهن الفرصة المناسبة يستطعن إثبات اقتدارهن وإبداعهن في العمل والتمايز به، وتحقيق المردود الإيجابي بما يعود بالنفع على المؤسسة أو منشأة العمل، مؤكدة أنها أصبحت على صعيدها الشخصي والمهني تنافس الرجال القياديين بهذا الشأن وطموحها الوصول إلى رأس العمل المصرفي طالما لديها القدرة على ذلك، مشيرة في الوقت نفسه إلى أنها تشارك بفاعلية في صنع القرارات ووضع الخطط والبرامج المصرفية وتحديد السياسات العامة للبنك ضمن فريق العمل الواحد وبروح المسؤولية العالية. وأضافت أن إدارة البنك الذي تعمل به وفرت لها كل مقومات النجاح والارتقاء بعملها، واستطاعت بمهارتها الانتقال من مرتبة إلى مرتبة أخرى سريعاَ، فبعد أن كانت تعمل كمحاسبة عادية مثلها مثل الآخرين، أصبحت في منصبها الحالي بعد مساعدة زملائها في المصرف، مشيرة في هذا السياق إلى أن المصارف الأخرى لم تمنح فرصا متساوية للنساء العاملات فيها بقدر ما تمنحه للرجال مما يعيق وصولهن لمراكز صنع القرار فيها و يجعل عملهن مقصورا على أقسام الاستقبال والسكرتارية وخدمات الجمهور وصناديق الصرف، مؤكدة برغم ذلك أن الصلاحيات تنتزع ولا تقدم على طبق من ذهب سواء للرجل أو المرأة، وبالتالي على النساء العاملات في المصارف عدم الانتظار طويلاَ وعليهن التقدم للأمام والمبادرة وتطوير إمكاناتهن و قدراتهن فالانتظار هنا لا ينفع بتاتاَ في عالم المال والأرقام.فيما عللت سوزان سعيد موظفة في مصرف خاص أسباب لجوء إدارات البنوك لتعيين نساء للعمل ضمن الاستقبال وخدمات الجمهور والصرف إلى أن النساء لديهن الجاهزية والاستعداد للعمل في هذا المجال بتفان أكبر من الرجال، ويستطعن ترتيب وتنظيم العمل بدقة شديدة دون كلل أو ملل ويكون إنتاجهن غزيراَ، منوهة إلى أن اكتسابهن الخبرة الطويلة يؤدي إلى صقل شخصيتهن المهنية. وأوضحت أن شخصية المرأة العاملة في البنوك تلعب دوراَ كبيراَ في ارتقائها المراتب الوظيفية العليا وتقلدها المناصب القيادية، فالمطلوب من المرأة هنا التفرغ لعملها بشكل كامل، وأن تكون مجتهدة و نشيطة، وألاّ يعكر صفو تفكيرها أي شيء سلبي، ومن هنا تنبع أهمية تشغيل النساء غير المتزوجات في المصارف واستبعاد المتزوجات وعدم قبول طلبات تشغيلهن أو توظيفهن باعتبار أن المصارف عملها دائم ولا يحتمل أي تأخير أو تأجيل، وأن المرأة المتزوجة يقل عطائها في العمل المصرفي الذي يحتاج إلى جهد كبير من حيث إعداد الميزانيات واستخراج الكشوفات وإدخال البيانات ودراسة القوائم المالية وحضور الاجتماعات، مشيرة إلى أن المسألة هنا ليست تمييزاًَ بقدر ما هي قدرة على العمل وعطاء. فيما أشارت وداد عبدالله نائب مدير مصرف أهلي في بغداد إلى أنها واجهت في بداية طريقها المهني صعوبات بسبب نظرة المجتمع للمرأة القيادية أو المسئولة، وكان هناك عدم تقبل من البعض، وقد يكون الأمر غير مستساغ من قبل بعض الرجال تلقي الأوامر والتعليمات من امرأة تتبوأ موقعا قياديا عاليا ورفيعا، فالمجتمع العراقي عادة يرفض من حيث المبدأ فكرة أن المرأة مسؤولة وتدير شؤونه، لذلك تطلب الأمر بعضاَ من الوقت من أجل القبول، مؤكدة أنها تدير شؤون البنك ضمن صلاحياتها و مسؤولياتها ولا تفرق بين رجل و امرأة، إنما
نساء مصرفيات.. لم نعد سكرتيرات فقط!
نشر في: 28 ديسمبر, 2011: 07:14 م