علاء حسن طيلة الايام الماضية وتحت ضغط الازمة السياسية حاول معظم العراقيين الهروب من الاجواء المشحونة بالتوتر ، بالانتقال الى دول العام الاخرى للاطلاع على استعدادات احتفالاتها بقدوم العام الجديد ، عبر شاشات الفضائيات ، وتركوا وراء ظهورهم تداعيات الازمة وامتداداتها وتفاعلاتها ، على الرغم من انها اثارت في نفوسهم القلق والمخاوف من العودة الى المربع الكارثي .
متعة العراقي في متابعة احداث وقضايا اخرى تصطدم احيانا بخبر عاجل عن انفجار سيارة مفخخة او وصول مسؤول اميركي لاحتواء الازمة، او اعلان القبض على متورطين من عناصر حماية احد المسؤولين في تنفيذ اعمال تفجير في العاصمة ، وعلى هذا المستوى من الاخبار العاجلة ، يضطر المواطن من شعب" المكاريد " على حد تعبير الزميل الشاعر والكاتب محمد غازي الاخرس ، للذهاب الى النوم مبكرا ، ثم النهوض في ساعات الصباح الاولى ليخوض جولة اجتياز السيطرات للوصول الى مكان عمله ، ويده على قلبه من مفاجآت الطريق .في ايام احتدام الازمة اتخذ مجلس محافظة ميسان اجراء بغلق جميع المقاهي لتعاطي روادها "النركيلة " ، وذكرت وكالة انباء محلية نقلا عن عضو في المجلس قوله ، ان الاغلاق جاء نتيجة شكاوى قدمها اهالي الاحياء في المحافظة ، نظرا لما يسببه رواد المقاهي من متعاطي الناركيلة من ازعاج وضجيج اثناء متابعتهم الدوري الاوربي ، واكد المسؤول ان ظاهرة تعاطي الناركيلة طارئة على المحافظة ، محملا قوات الاحتلال مسؤولية الترويج لها في مناطق معروفة بتقاليدها الشعائرية ، ولوح المسؤول بعقوبات مشددة بحق اصحاب المقاهي التي تقدم النركيلة ، لانها وبحسب اعتقاده اختراع وابتكار امبريالي للسيطرة على الشعوب وسرقة ثرواتها ، ويبدو ان المسؤول في داخله رغبة لم يعلن عنها في تنظيم تظاهرات احتجاجية لطرد متعاطي الناركيلة من المحافظة او اعتقالهم بتهمة العمالة والترويج للأخطار الهدامة ، التي بثها المحتل في العراق فجعل نصف شبابه عملاء له بتعاطيهم النركيلة الامبريالية .ليس مستبعدا ان يكون للقوات الاميركية الدور الكبير في تعاطي المخدرات في بعض المحافظات ، وفي زمن النظام السابق شاع تعاطي حبوب الهلوسة للهروب من الواقع ، و"المكبسل" وقتذاك لا يتعرض لعقوبات الا اذا كان "فرار " من وحدته العسكرية او شتم الحزب القائد او مسؤولا كبيرا ،من دون وعي لانه خاضع لتاثير "الكبسلة" ، ومن يتعاط المخدرات او يتاجر بها فعقوبته الاعدام ، ونتيجة ذلك اصبح خيار اللجوء للمفرد المختوم او "عرك هبهب ابو الطبة " أجلَّكم الله هو الافضل لدى الشباب والكبار . في سنوات الحملة الايمانية اغلقت البارات والنوادي وتحولت دور السينما الى مخازن للمواد الانشائية ، ومسارح لعرض المهازل اليومية ، مسرحيات هابطة بطولة ابو يافوخ ، وطارش طركاعة ، وسلمان شامية ، هؤلاء النجوم كانوا يقدمون مهازلهم في بغداد ، ثم ينتقلون الى المحافظات ، وفي ميسان التي منعت تعاطي الناركيلة ، تصدى لجوقة النجوم مثقفو المحافظة ، واجبروا "النجوم " على الرحيل بليلة سودة والعودة الى العاصمة ، لان المثقفين رفضوا تشويه تراث ميسان الفني بمهزلة من بطولة ابو يافوخ وفرقته التعبانة .، ويبدو ان المسؤول المحلي لم يطلع على هذا الموقف فأصر على حماية الشباب من الناركيلة الامبريالية .
نص ردن: الناركيلة امبرياليّة
نشر في: 30 ديسمبر, 2011: 07:00 م