محمود النمرفي باكورة نشاطاتها الثقافية ضيّفت "حلقة بغداد الأكاديمية" كلية التربية في الجامعة المستنصرية الناقد ياسين النصير لإلقاء محاضرة بعنوان "دور الجامعة في المجتمعات المدنية" أدار الجلسة الشاعر عارف الساعدي الذي أكد ضرورة التواصل بين الجامعة والوسط الثقافي، وحللت هذه القطيعة مابين هذين العالمين اللذين يسعيان إلى تقريب وجهات النظر في سبيل ثقافة عراقية تجمع هذا الشتات الثقافي والمعرفي.
ثم قرأ الناقد ياسين النصير ورقته الذي أثار فيها مجموعة أسئلة مهمة حول مفاهيم الجامعة والمجتمع، وكيفية فهم الواقع الثقافي ،ومن يقود هذا الواقع، ومن هو صاحب سلطة التغيير ، الجامعة أم المجتمع، وقال: هل الجامعة بنية تطورية؟ كيف نبني جامعاتنا وفق معايير حديثة؟ هل الجامعة مؤسسة لحماية العلم وتطويره، أم لاجترار الدرس القديم؟ هل يحق لنا أن نغلق تفكير الطلبة في الجامعات وفق سياقات معينة أم نقطع هذه السياقات؟ هذه الأسئلة وغيرها سوف نجيب عليها في الحوار والمناقشات.وأضاف النصير بدءا ًاختار جانبا معينا وهو علاقة الجامعة بالثقافة؛ جامعاتنا مؤسسات حكومية، ومادامت مؤسسات حكومية إذن تفيد شئنا أم أبينا من ثقافة مؤسسة الدولة، وعندما تفيد الجامعة من ثقافة مؤسسة الدولة ،ستلغي ضمنا ثقافة الأفراد ، والمؤسسات الأخرى، ماذا تريد الدولة من الجامعة ، وأي حكومة تفرض سياستها وثقافتها على الجامعة ، وتصبح الجامعة ضمن مؤسسة الدولة، وعندما تكون الجامعة تابعة لمؤسسة الدولة ، ستخرج طلبة هم في سياقات الدولة وتؤسس ثقافة مؤسساتية ضمن مؤسسات الدولة، وبالتالي إمكانية الدولة أن تصرف على هذه الجامعة وتصرف على الطلبة وكل مكوناتها ، في حين أن الجامعات في العالم - وهذا الموضوع بدأ من عام 1830 في ألمانيا والنمسا وبعد انهيار الكنيسة - عزلت عن مؤسسات الدولة ، وصارت النبض الحقيقي الحي للمجتمع المدني، الجامعة بدأت تنفتح على متطلبات المجتمع المدني، وليس على متطلبات الدولة، والجامعة هناك منذ عام 1873، حيث يقول شوبنهاور "على جامعاتنا أن تتخلى عن الثقافة الشعبية ، لأن الفرد الألماني عندما يتكلم بالحب ويتكلم بالحياة ، سيكون عصبياً ويكون وقحاً ، بينما حين يتكلم عن الحرب ويتكلم عن العلوم والعدوان فإنه سيكون شخصا سمحا ولطيفا ، على العكس عندنا فإنه لا يوجد شيء من هذا النوع ،نتيجة الحروب الكثيرة التي مرت علينا ،إذ انه عندما يتحدث عن الجمال نراه يتحدث بعنف، وعندما يتحدث عن الحروب يغنّي لها ، إلا أننا نلتمس في هذه الفترة بدأت الجامعة تنفصل وبدأت تؤسس لنفسها ميادين عمل حقيقية .وأضاف النصير قائلا : وقبل أن نأتي على تفاصيل هذا الموضوع ، ما هي الثقافة التي على الجامعة أن تتولاها، وما هي الثقافة التي يحتاج إليها المجتمع ؟ تعاريف الثقافة لا تعد ولا تحصى ، فالكتب الثقافية تحدد 168 تعريفاً، واهم التعاريف التي أخذتها "اليونسكو" هو أن الثقافة مكون اجتماعي يتألف من ثلاثة مكونات؛ المكون الأول: مكون انثربولوجي الذي يهتم بعلوم الإنسان وميثولوجيته وطقوسه القديمة وحكاياته وبأزيائه وموروثه. والعراق الذي يستقر في حوض وادي الرافدين ،يعتبر انثربولوجيا الدائرة الثالثة في العالم ، وهي أغنى الدوائر الانثربولوجية في العالم، إذن على الجامعات أن تبحث في هذا الميدان الانثربولوجي للثقافة، وهو ميدان واسع وكبير ومع الأسف ، لا توجد كتب خاصة بالانثربولوجيا إلا كتب معدودة جدا وهي كتب المستشرقين الألمان والانكليز ، أما مياديننا العملية الحقيقية وجامعاتنا فلم تؤسس كرسياً واحداً في بعض الجامعات لانثربولوجية وادي الرافدين .ثم أشار الناقد النصير في قراءته إلى الواقع الجامعاتي المتردي في المناهج العلمية والمعرفية وعلاقتها المبتورة بالواقع المتجدد الذي يتوجب على أن هذه الحاجة المتجذرة في الثقافة هي حاجة مدنية ، وعندما تطلع على تكوين الإنسان العراقي ، وعن جغرافية الإنسان العراقي وحضارة وادي الرافدين القديمة ، سيكون هذا الاضطلاع نافذة إلى المستقبل ، فهناك جانب كبير من الثقافي الانثربولوجي المعرفي الأساسي لم يصلنا من كتبنا أو من أساتذتنا أو من باحثينا وإنما وصلنا من خلال بعض مترجمات لكتّاب أجانب، وهذه المعلومات ناقصة، والأدلة موجودة مثل زقورة بابل هي من ثماني طبقات لم يكتشف منها سوى طبقة واحدة وهي الطبقة العليا.
الناقد ياسين النصير في المستنصرية..ما الثقافة التي على الجامعة أن تتولاها؟
نشر في: 1 يناير, 2012: 05:09 م