بغداد / المدى أجرت قناة mtv اللبنانية حوارا موسعا مع رئيس مؤسسة المدى للإعلام والثقافة والفنون فخري كريم ، حول العملية السياسية الجارية في العراق، وما رافقها من أحداث وتحولات وأزمات ، ولأهمية الحوار تنشر المدى أهم ما جاء فيه. المقدم: هل تعتقد أن الصيغة الحالية التي تسير فيها العملية السياسية صحيحة؟
- فخري كريم: انا-ومن وجهة نظر شخصية- اعتقد ان الصيغة الراهنة مقبولة، إن كان مدار الحديث حول ضبط نبض العملية السياسية بحيث يجسد مصالح مختلف المكونات. للأسف أن الوضع خلال مرحلة صدام حسين و ما قبلها شوه الحياة السياسية ودفعها باتجاهات مخلة، وقد ورثنا هذا التشويه من ذلك النظام وأضفنا له صيغة المحاصصة الطائفية البديلة عن غياب حركة سياسية ديمقراطية، فإن الأحزاب جرى تدميرها عمليا من قبل نظام صدام وان المواجهات اتخذت طابعا مشوها. المقدم: هل برأيك أن مرحلة صدام أنهت الأحزاب أم ان كل التجربة التي تلت الملكية كانت مشوبة بكل هذه المساعي للتفرد بالحكم وإبعاد المعارضين وحل الأحزاب التي لا توافق فكر الممسك بالسلطة.- فخري كريم : هذه قضية كبيرة جدا، فهي اعادة تقييم تاريخية لكل التجربة، ولكن هناك شيء من الحقيقة فيما أثرته. ان التجربة بعد ثورة 1958 تعرضت الى انتكاسات متتالية بحيث تحولت الى سلطة العسكر اولا ثم سلطة البعث ثم انتهينا الى هذه السلطة الاستبدادية التي تمثلت بحكم صدام حسين. المقدم: ثمة من يقول ان الشعب العراقي طوال النصف القرن الأخير لم يتسن له العيش الجيد، ما يظهر صعوبة الواقع الاجتماعي العراقي، وثمة من يعتقد ان هذه الانظمة سهلت هذا الاستقرار لان الديمقراطية ممكن ان تقود الى الفوضى؟- فخري كريم: هذا استنتاج خطير جدا، أنت تتحدث عن العراق وكأنك تتكلم عن العالم العربي بأكمله وتلاحظ ان الربيع العربي أجهز على كل هذه الانظمة التي كانت هي اساس ما نحن فيه اليوم ايضا، بمعنى ان الاستبداد يجب ان ينتج نظاما مشوها معقدا وملتبسا لا ينتهي الا بخراب البلد بالكامل، هذه مصر وليبيا وتونس وسوريا ونحن على الطريق،فالقول ان الشعوب العربية ليست مهيأة لممارسة الديمقراطية وبالتالي فهي بحاجة الى انضباط يتجسد بالاستبداد، ليس صحيحا، لكن الشيء الصحيح ان الأنظمة الاستبدادية تسللت الى السلطة تحت شعارات قومانية وتحرر وطني انتهت الى تكريس صيغة من النظام الاستبدادي لم تكن موجودة في الأنظمة التي مرت في مراحل سابقة. المقدم: في حديث لك نشر بصحيفة الحياة تقول بشكل واضح وصريح ومباشر "الأوان حان لرحيل رئيس الوزراء العراقي نوري المالكي"؟- فخري كريم: هذه وجهة نظري، ليس هناك خلاص من دون ان نتفق على الخلاص من الصيغ التي جرى اعتمادها في حكم البلاد في السنوات الاربع الماضية، ففي الدورتين للسيد المالكي،اللتين خيمت عليهما صيغة الانفراد والتحكم والتسلط وتغييب الآخر والفراغ السياسي اعتقد ان ذلك سيدفع البلاد الى نتائج وخيمة جدا وبالتالي على المالكي ان يعود ويدقق هذه الصيغة التي جرى تنبيهه عليها اثناء اعادة تشكيل الحكومة في ولايته الثانية وقد جرى التأكيد من جميع القوى والأوساط والقيادات على ان هذه الصيغة تؤدي الى نتائج ليست في صالح العراق. المقدم: هل ظهرت كل عيوب المالكي بعد انسحاب الاميركان؟- فخري كريم: لا إطلاقا. المقدم: لماذا قدمت له الولاية الثانية وصور وكأنه هو من سينتج العراق القائم على المشاركة في الحكم ؟- فخري كريم: أولا ان العيوب لم تظهر كلها، وثانيا من الصعب ان تتحدث عن الواقع العراقي دون ان تأخذ تناقضاته وتشابكاته والتخندقات الطائفية السياسية التي جرت ولم تُعالج كما قلت بسبب غياب مفاهيم موحدة للعملية السياسية. المقدم: الم يكن المالكي خيارا ضد الخيار الآخر (إياد علاوي) الذي يعبر عن تطلع عراقي آخر غير الذي اتى به المالكي، وان الأخير واضح باعتباره من حزب الدعوة وقريبا من إيران و انه تكريس لمنطق العيش المشترك او الفيدرالية الطائفية القائمة في العراق، اما الخيار الثاني (علاوي) كان وحدويا ذا طابع علماني بشكل او بآخر.- فخري كريم: كنت اتمنى ذلك وكنت اول من سيصوت على الصديق علاوي كرئيس للوزراء ولكن واقع الحال ليس كذلك، بل هناك استقطاب للاسف، سني عربي واستقطاب شيعي، فالذي مثله علاوي ليس علمانيا بدقة، فهو يعبر عن المكون العربي السني وهذا صحيح وكل من يقول عكس ذلك فهو مخطئ. المقدم: ان علاوي ومن خلال رسالة نشرتها صحف دول العالم قال "نحن عندنا مشروع علماني".- فخري كريم: انه لا يمتلك مشروعا علمانيا، فهو شخصيا ممكن ان يكون علمانيا، ولكن قادة العراقية يعبرون عن المكون السني، انت (المقدم) عندما التقيت في حوار القادة قبل تكوين الحكومة كنت ترى ان هناك استقطابا طائفيا، العراقية تتحدث باسم المكون العربي السني وهناك من يتحدث باسم الشيعة، وليس صحيحا ان علاوي يمثل المشروع العلماني وكنت اتمنى ان يمثله حقيقة، فإن وجود بعض الشخصيات من الشيعة لا يضفي طابعا وطنيا ولا علمانيا على مشروعه، فالمشروع طائفي كما المشروع
فخري كريـم:لم تظهـر كل عيوب المالكي وعلاوي لا يمتلك مشروعاًعلمانياً
نشر في: 1 يناير, 2012: 11:00 م