أثبتت أفضل القصص بأن ليس هناك أعظم من رواية غابي وود (زيارة فرقة المغفلين). في مثل هذا الوقت من العام الماضي كان هناك كتاب لمؤلفة أميركية هي بالنسبة للناقد من أفضل المؤلفين الاميركان على وشك أن يصدر في المملكة المتحدة عن ناشر صغير، وانه مندهش لماذا هي غير معروفة جيدا هنا، رغم ان رواياتها لقيت الثناء وبيعت بشكل واسع في الولايات المتحدة، وأن هذه الرواية الجديدة حققت نجاحا كاسحا هناك.
لم تستغرق بريطانيا وقتا طويلا لكي تمتلئ بالمتحولين، فقد أصبحت رواية جنيفر ايغان (زيارة فرقة المغفلين) من أكثر الروايات التي يجري الحديث عنها هذا العام، وبالإضافة الى استحسان النقاد والحديث عن كونها رواية لامعة، فلقد تردد أن الكثير من القراء يتحدثون عنها ويستمتعون بقراءتها في القطارات أكثر من رواية (يوم خارج البيت) للكاتب ديفيد نيكولز. وسيفرح قراء ايغان الجدد عندما يسمعون أن الناشر كورسير يخطط لنشر كتبها عام 2012. ظاهريا تدور الرواية حول شؤون الموسيقى، حيث تستخدم فرقة المغفلين موسيقى البوب بطرازها الذي يتلاشى بسرعة كوسيلة لبيان تأثير الزمن. الشخصيات تنظر إلى نفسها وإلى بعضها البعض وهم يتساءلون كيف تحولوا من أ إلى ب. في الحقيقة هناك موسيقي يحتضر يريد أن يطلق على ألبومه الأخير اسم أ إلى ب، يقول هذا الموسيقي " هذا هو السؤال الذي أريد أن أواجهه: كيف تحولت من نجم في موسيقى الروك إلى رجل بدين لا يعيره الآخرون أي اهتمام؟". فتى في الثالثة عشرة من العمر منشغل بتوقيت التوقفات في أغاني البوب وعندما يصرخ أبوه الذي ينزعج من ذلك، ترد أمه نيابة عنه قائلة " الوقفة تجعلك تشعر بأن الأغنية ستنتهي ولكنها لم تنته في الواقع، فتشعر بالراحة. لكن بعد ذلك تنتهي الأغنية فعلا لأن كل الأغاني تنتهي ". خلال مجريات الرواية، نشهد أحداثاً مثل الغرق، الشفاء من الإدمان على السرقة، الخداع، الغضب، الندم، الرغبة وما تسببه هذه الأشياء من العنف. هناك قدرة اختراع بارعة في هذه الرواية- إنها مؤلفة من قصص متشابكة ذات إيقاعات مثل عملة معدنية براقة – وهناك دعابة في الأصوات توحي لأول مرة بمشهد مجازي للعالم مرتبط بسلسلة من المشاعر تمنحنا إياها ايغان. عند مراجعة الرواية قالت الروائية كاثلين شاين بان ايغان البست روايتها لباس رواية ما بعد الحداثة، لكنها قدمت لنا تحتها ملحمة عظيمة تتنفس أجواء القرن التاسع عشر. العبارة التي أعطت الرواية عنوانها هي "الزمن مغفل". يتساءل المنتج بيني سالازار" هل ستدع هذا المغفل يتآمر عليك؟ "، ثم يرد قائلا " لقد كسب المغفل ".بمعنى أو بآخر فإن هذا هو ما يمكن ان تفعله أفضل الروايات – إذا أردت فعلا توثيق الزمن، فانك لا تحتاج إلى حقائق تاريخية، وإنما الى شكل يترسم الطريقة التي يعمى فيها الزمن وينحرف ثم يصل إليك. هذا هو موضوع كتاب (الإحساس بالنهاية) للكاتب جوليان بيرنز. لدينا هنا راوي يعلن عن عدم مصداقيته، حيث يقول – عندما تكبر في السن لا احد يساندك كما كانوا يفعلون في الماضي – لكنه غير موثوق به أكثر مما يتصور، فحياته تتصف بمحاشاة الناس، يقول " كنت أريد حياة لا اشعر فيها بالانزعاج، وقد نجحت في ذلك ". فقدان البصيرة الواضح هو الذي منح الكتاب الاتقان والأسلوب اللاسع. لا يخفي الناقد إعجابه بهذا الكتاب. البعض ممن لم يعجبهم كثيرا اشتكوا من عدم وجود شخصيات سوى "بيرنز فقط". حتى لو كان ذلك صحيحا، فيعتقد الناقد انه لا يهم مادام قد فعلها بأسلوب رائع، ودفاعا عن الكتاب يشير الناقد إلى خلل بسيط هو أن الراوي يقتبس عن أشخاص لا يعرفهم..." من الذي قال....؟" أو " احدهم قال...." أو " قال رجل انكليزي مرة..." و يشعر بأنها هفوة بسيطة من المؤلف. يذكر الناقد بإيجاز كتبا أخرى استمتع بها هذا العام – وقد اقتصر على القصص لأنه مرّ بسنة غريبة في هذا الشأن، حيث كان ضمن هيئة التحكيم الخاصة بجائزة مان بوكر. كتاب (آخر مائة يوم) للكاتب باتريك مكينيز، عن الظروف التاريخية المتطرفة – الأشهر الأخيرة لحكم شاوسيسكو، فيما يدعوها الراوي " أكثر الدكتاتوريات حزناً في أوربا ". القصة هي مسرح منافٍ للعقل بسعة المدينة، ومع كون مكينيز بارعا في نقل شعر وكوميديا بخارست إلى طريق الانقراض، فإن المقاطع التي تدلل على قوة أسلوبه هي تلك التي تدور حول والدي الراوي الميتين اللذين يشعران بالمرارة وعدم زيارة احد لهما. كتاب (تشريح الاختفاء) للكاتب هشام مطر، وكتاب (رقصة الفالس المنسية) للكاتبة آن انرايت، تنقلان لنا تأثير الجنس في طبيعته – ليس الفعل نفسه، وإنما ما يتعلق به من سرية وتآكل وتغيير للقلب. فتى مراهق يشعر باشتياق كاسح إلى امرأة تتزوج في ما بعد من أبيه زير النساء. نشهد هنا سقوط امرأة متزوجة بلا مستقبل في إثارة ظاهرة. هذان الكتابان يتبادلان في نوع الاستقصاء البشري الذي لا يجد حلا. القصة بمجملها عبارة عن صدى، وهذا هو سبب كون هذه الروايات المدمجة المثيرة للذكريات تمتلك حياة وراء ص
الكتب اللامعة لعام 2011
نشر في: 2 يناير, 2012: 06:54 م