اعلان ممول

TOP

جريدة المدى > المنتدى العام > بنـاء دولة أم بنــاء أُمّــة؟

بنـاء دولة أم بنــاء أُمّــة؟

نشر في: 2 يناير, 2012: 07:08 م

د. نعمة العبادي تزايد الاهتمام بسؤال (كيف نحكم؟)،بحيث أصبح جدلا شعبيا ونخبويا،وأخذت الإجابات عنه تأخذ طريقا نقديا يواجه الصورة المعاشة في واقعنا من نماذج حكم وأحيانا قليلة تمثل مفتاحا لرؤية تصحيحية تقبل بالواقع بالجملة ولكنها تختلف في التفاصيل وتطرح مسارات للتصحيح ونماذج من الحلول تراها من زاويتها الأسلم في إطار جواب سؤال :كيف نحكم؟لا يوجد شعب بالعالم يتحدث عن السياسة والسياسيين والحكم وشؤونه والسلطة ومحاسنها ومساوئها
 أكثر من (عراقيي ما بعد نيسان 2003)، حتى صار الحديث والجدل السياسي عند البعض هواية أو تسلية أو الموضوع الذي يسد فراغات الوقت عندما  تنتهي موضوعات النقاش محل الاهتمام.رغم أن هذا الجدل لم يجر موجها في غالب الأحيان، إلا انه أثرى الوعي السياسي المجتمعي وخلق مزيدا من الشفافية والانكشاف، وأحيانا شكل عنصر ممانعة ولو بنسبة ما أمام الانحراف والفساد والزلل من قبل أهل السلطة وقوامها، إلا أن الجرة لا تسلم دائما فقد يكون مفتاحا لتدافع في الرؤية أو شرارة لتصعيد هنا أو هناك وقد يصل في الحالات السيئة إلى فتنة غير هينة الشرور.مهما يقال عن هذا الجدل في صورته التلقائية يبقى حالة أو ظاهرة خارجة عن التوجيه الصارم وغير منظورة كأداة لنتاج نوعي في مجال البحث عن المخارج والحلول،إلا أن المشكلة الخطيرة أن يصبح هذا الموديل نسقا بحثيا أو نمطا نقاشيا في أروقة الدوائر التي ينبغي عليها أن تبحث بجد عن الحلول مما يعطي تصورا سلبيا عنها ويجعلها ليست أحسن حالا من نقاش الباحات والشوارع العامة والجدل في سيارات النقل العام ولا تكون ميزتها إلا في هيئة المتحدثين وترتيب المكان وجماليته. أعتقد أن جملة كبيرة من الإشكاليات في فروع المعرفة المختلفة تبقى تدور في شرنقة مغلقة وحيرة من عدم الوصول إلى نهايات واضحة ونتائج مقبولة بسبب عدم قدرة الباحثين في حالاتها عن تلخيص تلك الإشكاليات في أسئلة حفرية معرفية تصوغ موضع العقدة بشكل يفتح المجال واسعا للبحث وتوليد المعرفة ،ولذلك يقال أن أهمية المفكر تكمن في قدرته على تصور الإشكاليات والعقد المعرفية والحاجات الواقعية وحتى الاحتمالات وتحويلها إلى أسئلة تلامس العمق وتغور بحثا عن الحقائق، وقد يجيب عنها بأجوبة خاطئة إلا أن فضيلته تبقى محفوظة في إثارته السؤال الصحيح الذي يوجه بوصلة النقاش.انطلاقا من هذه المقدمة وفي إطار توجيه بوصلة البحث عن حلول للمشكلة العراقية في الأروقة المختصة ، تأتي هذه المناقشة التي قد تكون اقرب إلى الحقل المعرفي منه إلى الإجرائي، لذا أرى إننا ينبغي أن نفرغ من إجابة هذا السؤال: هل نحن في أزمة بناء دولة أم بناء امة؟ربما يأتي الجواب إننا اليوم بصدد الحديث عن المجتمع التعددي ،وقبول التعددية شرط لازم لقبول الديمقراطية ،وان الحديث عن الأمة بمفهومها المتجانس ولى مع أنموذج الدولة القومية التي استهلكت أحزابها وحركاتها  الشعوب بالدعوة إليه وإقحامها فيه دون أي جدوى، بل كان النموذج دولا محكومة بأنظمة قاهرة ترتكز على العسكر أو الأيدلوجيات الشمولية، وأنها بحجة مقولة الأمة الواحدة سحقت مكونات دولها وأجبرتها على الانصهار في قوالب ثقافية وفكرية واجتماعية وحتى دينية ضيقة وقسرية ،وكان ذلك سببا رئيسا لانفجار غير متناهي الأطراف لهذه الشعوب، لذا يغدو السؤال عن بناء الأمة ممنوعا في هذه الأيام بناء على هذا الفهم.يستمر هذا الفهم في بيان ما هو المناسب للأوطان ذات التعددية العرقية والمذهبية والدينية والثقافية كالعراق ،بأن تكون دولة المواطنة هي الحل الناجع التي تعني أن تكون المواطنة هي منوط الحقوق والواجبات ،وان المواطنة فرد أوحد غير قابل للتعدد والتنوع ،وان التنوع لا يتقاطع مع المواطنة التي تعني إطارا أعلى للانتماء تحيط بالاختلافات وتنظمها وتستوعبها في صورة كلية يمتزج فيها الكل دون أن تكون ممثلة للون أو اتجاه محدد.انطلاقا من هذا الفهم نغدو أمام استحقاق واضح وواحد هو بناء الدولة القائمة على المؤسسات والمرتكزة على المواطنة في مجال الحقوق والواجبات وهو ما جرى ويجري الحديث عنه يوميا في المحافل الشعبية والنخبوية منذ نيسان 2003،إلا أننا نتجه في هذه المقاربة إلى فهم آخر ورؤية مختلفة.لا إشكال في أننا إذا استطعنا الوصول إلى مجتمع المواطنين وأصبحت قوانين الدولة العراقية وتشريعاتها وتطبيق هذه القوانين يقوم على أساس المواطنة (الواحدة الموحدة)، فان مشكلتنا انتهت وان حالنا صار بأحسن الأحوال ،إلا أن الواقع يشي بخلاف ذلك ، فما زلنا بين أزمة وأزمة نعيش أزمة أصعب من أختها على الرغم من تطور مشروع بناء الدولة خطوات كبيرة،فبالرغم عن كل ما يقال عن مؤسسات الدولة فإن الواقع يؤكد وضعا مؤسسيا لا بأس به بالقياس إلى حجم التحديات ،لكن ومع هذا الوضع تتفجر أزمات مختلفة التوصيفات لكن جوهرها يرجع إلى أزمة الثقة بين المكونات والأطياف السياسية وتشي بوضوح بالحاجة إلى بناء أمة ،أي تحدي بناء مجتمع.قد يكون التحليل السابق بنظر البعض مازال في إطار العموميات رغم أنها من وجهة نظري في قلب الحدث، لذلك لنقترب أكثر إلى تطبيقاته الواقعية من خلال ملامسة الأزمة الحالية المتعلقة بنائبي رئيس الجمهورية ورئيس مجلس الوزراء. لابد  من أن نضع الأزمة في سياقها الطبيعي ،فهي إفراز لطبيعة العلاقة المحتقنة والمشدودة بين دولة القانون والقائمة العراقية

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

يحدث الآن

ملحق عراقيون

الأكثر قراءة

مقالات ذات صلة

كاريكاتير

كاريكاتير

ميثم راضيميثم راضي
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram