اعلان ممول

TOP

جريدة المدى > تحقيقات > العيد على الأبواب..إنه موسم حوادث الطرق والاعصاب!

العيد على الأبواب..إنه موسم حوادث الطرق والاعصاب!

نشر في: 22 أكتوبر, 2012: 05:03 م

العيد على الأبواب، ومع الفرح الذي يصاحبه ، تكثر حوادث الطرق مع الأسف ، نتيجة السرعة في قيادة المركبات ، وفي كل مناسبات الأعياد والعطل، ترى إحصائيات المصادر الطبية، تؤشر حوادث عديدة، اغلبها في مناطق الرأس، والعمود الفقري، وهي إصابات تحتاج الى جراحات  طبية دقيقة وسريعة ، وعنايات فائقة الدقة... فما هي هذه الجراحات؟ تعالوا معنا لندخل عالم جراحات (المخ والأعصاب) وهي أدق أنواع التخصصات الطبية .. وكل عيد وأنتم بخير وكفاكم الله شر الحوادث ! بداية ، نقول إن جراحة الجملة العصبية من التخصصات الدقيقة في الطب. وتُعنى بأمراض الجهاز العصبي وعلاجها بالتدخل الجراحي أو غير الجراحي. ويعالج إصابات الجهاز العصبي المركزي والعمود الفقري والنخاع الشوكي جراح متخصص في المخ والأعصاب ، ويعد هذا التخصص من أصعب وأدق تخصصات الطب، ومدة التدريب فيه تعتبر طويلة نوعا ما.
ويحتاج هذا النوع من التخصص الطبي ولاسيما فتح الدماغ البشري الى إمكانات طبية كبيرة كونه يتعامل مع جزء حيوي جدا ألا وهو دماغ الإنسان الذي يحوي مراكز السيطرة على جميع أجزاء الجسم والسيطرة أيضا على وظائف أعضائه، فأي خلل يصيبه سينعكس بالنتيجة على الجسم بأكمله.
إذاً سندخل اليوم عالم طب الأعصاب والجملة العصبية ودماغ الإنسان.

متى يلجأ الطبيب
لفتح الدماغ؟
في أروقة مستشفى الجملة العصبية في بغداد ، كانت جولتنا الأولى، حيث ترد حالات عديدة لإصابات الرأس والدماغ ، نجد الجراحين في عجلة من أمرهم لأداء عملهم . وهكذا توقفنا قليلا مع معاون مدير المستشفى الدكتور أسامة العوادي اختصاص جراحة الجملة العصبية حيث أكد لنا أن 80% من الحالات التي تدفع بالطبيب لإجراء عمليات فتح الدماغ هي الإصابة بالأورام سواء الحميدة منها أو الخبيثة إضافة الى أورام النخاع الشوكي.
وهناك إصابات الحوادث إذ يتعرض الرأس الى ضربة معينة وكذلك حوادث التفجيرات والسقوط من علو وحوادث السيارات واغلب هذه الحالات يحصل فيها كسر في الجمجمة ونزيف في الدماغ (أي ما يعرف بنزف المخ) او التعرض الى طلقة او شظية او ضربة قوية على الرأس بآلة حادة تؤدي الى كسر او حدوث خسف في الجمجمة ويحصل نزف داخلها وأحيانا نزف داخل الدماغ .
أما بخصوص العلاج فان نتائجه مذهلة فخلال ساعات من تعرض إنسان الى حادث أدى الى فقدانه الوعي وإصابة دماغه نجده وبعد العملية قادرا تماما على الحركة والمشي وتتعدل صحته شيئا فشيئا ، ولكننا نبقيه بالمستشفى عشرة أيام لضمان عدم التهاب الجرح، والشيء المهم في الأمر هو الإسراع بايصال المصاب الى المستشفى لان إصابة الدماغ لا تحتمل التأخير في إجراء العملية ومعالجة الضرر الذي أصابه واي تأخير في هذا الشأن يؤدي  حتما إلى الوفاة ، لذلك نجد أن مستشفى الجملة العصبية مستعدا 24 ساعة يوميا لاستقبال هكذا حالات وهناك اطباء اختصاص على مدار اليوم وأي حالة تردنا لشخص فاقد الوعي ولا يستطيع تحريك يده أو رجله نعمل له المفراز بشكل سريع فإذا ما ثبت وجود كسر بالجمجمة نلجأ على الفور الى فتح الدماغ.

الباطنية والجراحة العصبية
وقفتنا الأخرى كانت مع الدكتور محمد عبد المنعم الوطني اختصاص جراحة الدماغ والجملة العصبية في مستشفى الكرامة ببغداد حيث قال: تنقسم الجملة العصبية إلى قسمين رئيسيين وبموجبهما يتحدد عمل الطبيب فإما أن يكون طبيب باطنية عصبية أو طبيب جراحة جملة عصبية ورغم تداخل النوعين مع بعضهما إلا أنهما يتخذان مسارين مختلفين، وهذه أهم المهام الموكلة إلى كل منهما، الأول يخص طب الأعصاب والطبيب هنا ليس جراحا لأنه يتعامل مع اصابات العمود الفقري والحبل الشوكي والأعصاب فمثلا يعالج مرض الصرع الذي لا تتم معالجته بالعمليات الجراحية بل بالأدوية لان المريض هنا يعاني من خلل في الدائرة الكهربائية للدماغ حيث يحصل بها تحفيز أكثر من الطبيعي .
أما النوع الثاني فيكون الطبيب جراحا لأنه "يتعامل مع إصابات الدماغ وكسور الجمجمة والنزف والأورام الدماغية".
ويضيف :"الناس بشكل عام لا يتفهمون ما هي جراحة الجملة العصبية لذا نجدهم يلجأون لنا عند تعرضهم الى حالات نفسية ظنا منهم أننا أطباء نفسانيون ، وهنا احب التأكيد على نقطة هامة الا وهي ان الطب النفسي يتعلق بروح الانسان لان جميع التحاليل والفحوصات التي تُجرى للمريض النفسي ومنها تحليل الدم وقياس مستوى الضغط والنبض تكون طبيعية بعكس مريض الجملة العصبية الذي يمكن تشخيص حالته من خلال نتائج الفحوصات".

مستشفى الكرامة
 بلا صالة عمليات
ويعود للحديث عن جراحة الدماغ بالقول:" لدينا في بغداد أربعة مستشفيات متخصصة بالجملة العصبية أو فيها أقسام متخصصة وهي مستشفى الجملة العصبية، ومستشفى العلوم العصبية، ومستشفى مدينة الطب، ومستشفى الكاظمية. أما هنا في مستشفى الكرامة فهو عام وليس فيه صالة عمليات خاصة بالجملة العصبية وهو أمر ضروري لإجراء العمليات التي تخص الدماغ والجملة العصبية ، لذلك نقوم بإحالة مرضانا المحتاجين الى عمليات الى مستشفى تخصصي آخر لان هذا النوع المعقد من العمليات يحتاج الى صالة خاصة ومتخصصة بالجملة العصبية تكون على مستوى عال من التعقيم الدقيق لأننا نقوم بفتح دماغ الإنسان ونصل الى منطقة السحايا الدماغية فإذا لم يكن مستوى التعقيم 100% سيموت المريض لا محالة لان فتح الدماغ يتطلب تقنيات عالية وأجواء تخصصية غاية في الدقة ومراعاة أن تكون الردهات معقمة تعقيما كاملا هذا بالإضافة الى ضرورة وجود كادر جراحي متخصص بالجملة العصبية من طبيب ومساعد طبيب وممرضة وردهة عناية مركزة بعد إجراء العملية تتولى الإشراف التام على المريض ومراقبة حالته 24 ساعة يوميا وايضاً نحتاج إلى أجهزة خاصة كالمايكروسكوب والناظور لتكشف لنا عن أورام الدماغ".
المعنى العلمي لنزف المخ
يواصل الدكتور محمد الوطني الحديث بالقول:" ينقسم نزف المخ أو الدماغ إلى نوعين: الأول يكون عادة خارج منطقة السحايا: هذا النوع ممكن علاجه لأنه يحدث نتيجة كسر الجمجمة وحصول شق صغير في السحايا أي انه ينحصر في المنطقة الواقعة خارج الدماغ وداخل الجمجمة وهنا يتجمع الدم ويبدأ بالضغط على الدماغ، لأن الجمجمة هي عبارة عن عظم ولا تتأثر بالضغط عليها. واذا لم يتم علاج المريض سريعا فستكون النتيجة الحتمية هي الوفاة. وكل ما يقوم به الجراح في مثل هذه الحالات هو إزالة الدم المتجمع بهيئة خثرة حتى يعود الدماغ إلى وضعه السابق.
والثاني يكون تحت منطقة السحايا: وهذا النوع أيضا يمكن علاجه.
والثالث يكون داخل السحايا أي في عمق الدماغ: وهو النوع الخطر الذي يتعذر علاجه لان النزف هنا قد حصل داخل الدماغ ومن ثم أدى الى تلف داخلي في بعض المناطق المهمة بالدماغ، وأود أن أشير هنا الى أن خلايا الدماغ اذا تعرضت للتلف فإنها لا تحيا من جديد ابداً بعكس أي خلايا اخرى بالجسم ، لذا نجد أن عمليات من هذا النوع غير ناجحة اطلاقاً وخاصة في بلادنا حيث الإمكانات الطبية محدودة في هذا الجانب.
وتستغرق عمليات فتح الدماغ ثلاث ساعات وهذه المسألة تنطوي على خطورة بالغة على حياة المصاب. أما كيف تتم فتكون أولا بتحديد المنطقة المراد فتحها في الرأس وتحديد عدد الثقوب المطلوب إحداثها لفتح الرأس وفقا لحالة المصاب ومن ثم تتم إزالة الجلد وقلبه إلى الخارج بواسطة السكين لنصل إلى عظم الدماغ حيث يتم عمل ثقوب فيه بواسطة الدريل الكهربائي أو اليدوي الخاص بفتح الدماغ والذي صممه علماء في هذا الجانب لأنه يتحرك وبدورانه يُحدث ثقب في عظام الدماغ أي انه يتحرك بشكل دائري وما أن ينتهي من العظم ويصل إلى داخل الدماغ يتوقف بشكل تلقائي حتى لو استمر الطبيب بالضغط عليه فلن يتحرك ابداً أي انه صمم خصيصا وبتقنيات علمية دقيقة لإحداث فتحات بالعظم فقط.
ويضيف غالبا ما ترد إصابات حوادث السيارات وحصول نزف بالدماغ وبمجرد إحداث ثقوب بعظم الدماغ يتدفق الدم المحصور داخل الرأس.
والثقوب هذه ينتج عنها عظام ناعمة جداً وكأنها نشارة الخشب يأخذها الجراح ليعيدها إلى مكانها بعد الانتهاء من العملية وسوف تلتحم بشكل طبيعي ولا يبقى لها أي اثر بعد شهر أو شهرين من إجراء العملية .
وبعد عمل الثقوب يقوم الجراح بإدخال منشار إما كهربائي أو يدوي كي يقص العظم بين الفتحات التي حددها مسبقاً وهنا يصبح الدماغ أشبه بالباب المفتوح، بعد أن يصله الطبيب يقوم بفتح غشاء السحايا ليظهر أمامه الدماغ بشكل واضح ويبدأ بإجراء العملية حسب نوعها وهذه القواعد متعارف عليها في جراحة الجملة العصبية ولا يجوز تغييرها لأنها تنطوي على أُسس علمية سليمة.
أورام الدماغ وأنواعها
تنقسم إلى أربعة أقسام، وبالنسبة للورم غير الخبيث جدا يجب إزالته والخيار طبعا لأهل المريض بالموافقة على إجراء العملية من عدمها . أما الورم الخبيث والذي يتم تشخيصه بوقت متأخر لا نلجأ الى إزالته لأننا على علم مسبق بعدم جدوى العملية كما يجب الأخذ بالاعتبار عمر المريض.
وفي بعض الأحيان يكون الورم حميداً لكن مكانه خبيث أي يقع في منطقة من الدماغ لا يجوز للجراح أن يصل اليها وتدعى جذع الدماغ والنخاع المستطيل وهي حساسة ومهمة جدا لان فيها مركز تنفس الإنسان ومركز الضغط والنبض فأي لمس لهذه المنطقة من شأنه أن يوقف التنفس مثلا مهما بلغت براعة الجراح في إجراء العملية ، وهنا إذا ثبُت ان الورم قريب من هذه المنطقة يتم تحويل المريض للعلاج بالطب الذري وإخضاعه لجلسات الإشعاع حتى يتم تحجيم الورم والقضاء على قسم من الخلايا السرطانية أي انه علاج يمد في عمر المريض.
وهناك جهاز، لكنه عاطل الان وغير مستعمل، وهو موجود الآن في مستشفى العلوم العصبية يقوم بإزالة الورم بدون فتح الدماغ شرط ألا يتجاوز حجمه 5 سنتيمتراً ويتم بإلباس المريض جهازا أشبه بالخوذة ثم إدخاله في مجال أشعة مشابهة للرنين المغناطيسي وبعد تحديد مكان الورم يتم تسليط أشعة تتولى فصل الورم عن الشرايين والخلايا التي تغذيه وهكذا تقتله وينتهي الامر كما ان العلاج به بسيط جدا لان المريض يكون بكامل وعيه عند ربط الجهاز بدماغه والعلاج يكون عادة بجلستين تستغرق كل واحدة منهما حوالي ربع ساعة.
هذا الجهاز كان سينقذ حياة اناس كثيرين لو كان يعمل فقد كان العراق البلد الاول في الشرق الأوسط الذي قام بإدخاله في عام  2000 وهو الآن متروك في غرفة مقفلة ولا أحد يهتم بتشغيله وإصلاحه وهو بحق يعتبر إنعاشا للجملة العصبية.
مجالات أخرى في التخصص
يضيف الدكتور الوطني بالقول :"هناك إصابات الأعصاب الطرفية التي تعاني منها النساء بشكل خاص بعد الأربعين اذ تحصل حالة من الخدر المستمر باليد وتعالج بعملية موضعية بتوسيع قناة الأعصاب وقطع بعض الاوتار منها حتى يخف الضغط على الأعصاب وبالتالي تزول حالة الخدر.
ويواصل حديثه عن مجالات الجملة العصبية الأخرى وهي الإصابات بالحوادث مثلا شظية اخترقت قوم بإزالتها وهكذا، وهناك ايضا حالات الإصابة بأكياس شحمية او دهنية خارج الجمجمة وهي عملية بسيطة للغاية.
وأيضا هناك التشوهات الخلقية لدى الأطفال منذ الولادة اذ يظهر في ظهر الطفل كيس مائي يجعله مشلولا لا يستطيع ان يحرك ظهره او لا يسيطر على الإدرار بالتالي نقوم بإزالة الكيس وإرجاع الأعصاب الى مكانها في العمود الفقري وهذه العملية قد تتطلب ان يعمل فيها فريق متكامل يتضمن طبيب تجميل يقوم بخياطة مكان العملية وعمل ترقيع جلدي لها.
كما ترد إصابات أخرى مثلا طفل رأسه كبير ومعناه وجود ماء داخل الدماغ وتتم إزالته بعملية نقوم بربط "صوندا" رفيعة ودقيقة وفيها صمام داخل الدماغ تتولى سحب الماء الزائد الموجود بعد ربطها بجهاز لسحب الماء، وهذه الحالة أشبه بانسداد المجاري أي أن مجرى الماء في دماغ هذا الطفل مسدود لذا نقوم بعمل مجرى خارجي له يسحب الماء ليذهب إلى منطقة البطن لتجمعه وترسله إلى خارج الجسم عن طريق الجهاز البولي.
وأخيراً..  على الرغم من المشاكل التي تعاني منها المؤسسات الصحية في العراق بحسب العاملين فيها فإن عجلة التقدم لابد لها أن تسير نحو الأمام حيث كشفت دائرة صحة بغداد الرصافة مؤخرا عن نصب جهاز رنين متطور في مستشفى العلوم العصبية يعد الأحدث على مستوى منطقة الشرق الأوسط وهو من نوع (ثري تي) ويعد من الأجهزة المتطورة على مستوى العالم إذ يعطي تشخيصا عالي الدقة والجودة ويمتاز بسرعة الأداء في مجال الجملة العصبية والجراحات المتعلقة بها.

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

يحدث الآن

طقس العراق.. أجواء صحوة وانخفاض في دراجات الحرارة

أسعار صرف الدولار تستقر في بغداد

تنفيذ أوامر قبض بحق موظفين في كهرباء واسط لاختلاسهما مبالغ مالية

إطلاق تطبيق إلكتروني لمتقاعدي العراق

"في 24 ساعة".. حملة كامالا هاريس تجمع 81 مليون دولار

ملحق ذاكرة عراقية

الأكثر قراءة

مقالات ذات صلة

لا ينبغي ان يحلق في سمائها غير طيور الحباري ..الإرهاب والمخدرات يهددان أمن الحدود العراقية السعودية
تحقيقات

لا ينبغي ان يحلق في سمائها غير طيور الحباري ..الإرهاب والمخدرات يهددان أمن الحدود العراقية السعودية

 اياد عطية الخالدي تمتد الحدود السعودية العراقية على مسافة 814 كم، غالبيتها مناطق صحراوية منبسطة، لكنها في الواقع مثلت، ولم تزل، مصدر قلق كبيراً للبلدين، فلطالما انعكس واقعها بشكل مباشر على الأمن والاستقرار...
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram