إياد الصالحيشكلت مباراة الزوراء والشرطة التي جرت مؤخراً في ملعب الشعب الدولي انعطافة خطيرة في علاقة جمهور دوري النخبة مع الاندية من جهة ومكانة الحكم العراقي وقدراته الثقافية والنفسية في التعاطي مع ظرف طارىء من جهة اخرى بعد ان عبث احد المحسوبين على جمهور الشرطة بصفاء اللقاء المثير وأوقد نار التوتر حتى بين قادة الصفارة العراقية الذين ظهروا مشلولين لا يعرفون كيف يتصرفون في مثل هذه اللحظات الحرجة بينما تاريخ عمل اي واحد فيهم لا يقل عن 20 عاماً في الملاعب المحلية والخارجية!
ان اكثر ما آلمنا في احداث اللقاء الذي شهد تعرض الحكم المساعد حسين تركي الى شج في رأسه سال منه دم كثير برغم انه يعد من افضل الحكام المساعدين ويتمتع بالشخصية المقتدرة في اداء واجباته ، ان يخرج مدير دائرة التحكيم في الاتحاد العراقي لكرة القدم طارق احمد بتبرير لا يمكن ان يصدر عن رجل مثله هضم القانون وروحه ويعي حدوده الحمر مهما كانت الضغوط اكبر واخطر، فقد برر استئناف المباراة من دون توقف كما يجب بان اليوم الوطني "الاستثنائي" غلب على الجميع التماشي معه وعدم افساد فرحة الجمهور به ! بينما تناسى احمد ان اليوم الوطني فرصة لتأكيد قدسية القانون واستقلالية القضاء الذي تحوم حوله الشبهات في ميادين أخر تقترب من جري الفرق وراء هدف محدد في اجندة صراعها كلما تصاعدت حدة الاختلاف بينها !ان اليوم الوطني مناسبة لاعلان استقلالية الانسان العراقي وأصالته ودوره في طرد الدخلاء وحماية ارضه ، وما شاهدناه في ملعب الشعب قمة الإذلال بعد ان استبيحت كرامة حسين تركي اثناء اداء واجبه في ذلك اليوم ، وكان حري بمدير دائرته طارق احمد ان يعلن القرار القطعي واللازم والمفروض بحسب توصيات الاتحاد الآسيوي للعبة وهو ايقاف المباراة واعداد تقرير مفصل عنها لحماية طاقم التحكيم وسلامة اللاعبين وحتى الجمهور من شطط المشجعين ذوي الغرض السيىء وحملة مباخر الشياطين واعداء الروح الرياضية واللعب النظيف ، ونستغرب ان يتخلى الحكم صباح عبد عن زميله ويدير وجهه عن القانون عندما تعامل بلا أبالية ، بل وبانت امارة الامتعاض على وجهه وهو يطالب زميله تركي بمعاودة استئناف واجبه غير مكترث لاصابته وجرح كرامته ، والحق يقال ان صباح عبد يتحمل بصورة مباشرة ردة الفعل السلبية من بعض المتعصبين في مدرجات الشرطة بعد ان اغفل منح ركلة جزاء صريحة لحسام ابراهيم اثر اعثار متعمد من مؤيد خالد كادت تلعب دوراً مهماً في مجريات اللقاء!ولا يمكن ان نعفي بقية اعضاء الاتحاد ممن تواجدوا في ارض الملعب ولم يسلموا من اساءات الجمهور الذي تمادى في قذف الصواريخ النارية تحت ارجلهم لانهم استرضوا الانصياع الى الحلول الوسط ، بل احدهم اقتاد حسين تركي للتشاور معه بطريقة الاكراه القسري على استئناف مهمته على حساب دمه وصحته.لأسرة الكرة والحكام وجمهورنا العزيز نذكرهم ليس إلا ، ان لقاءً جرى عام 1994 بين فريق سيمبا التنزاني والمريخ السوداني في نصف نهائي بطولة الاندية الافريقية على ارض الثاني حيث تلقى حكم المباراة تهديداً صريحاً من الجمهور في الاستراحة ما بين الشوطين لم يبال له وعاد الى مواصلة الشوط الثاني وكانت النتيجة تشير الى تعادل الفريقين 1-1 حتى سجل الفريق التنزاني هدف الفوز في الوقت الاضافي فثارت حمية الجمهور السوداني الذي تدافع بعنف حتى نزل اكثر من مئة مشجع الى منتصف الملعب ونال الحكم ضرباً مبرحاً وسالت منه دماء غزيرة ، وعندما رفع الاتحاد الأفريقي للعبة تقرير توصياته الى (فيفا) وجه الاخير خطاباً شديد اللهجة الى الاتحادات ( الأفريقي والسوداني والتنزاني) يعلمهم بضرورة ايقاف الحكم المباراة اياً كانت اهميتها منذ شعوره بالتهديد الشخصي له ولطاقمه المساعد في فترة الاستراحة وذلك لتوفر العذر المشروع بوجود خطر على حياته !
مصارحة حرة : كرامة تركي في يوم وطني
نشر في: 3 يناير, 2012: 06:53 م