TOP

جريدة المدى > مقالات واعمدة ارشيف > نص ردن: (النحنوية) وأخواتها

نص ردن: (النحنوية) وأخواتها

نشر في: 3 يناير, 2012: 07:08 م

 علاء حسن مفردة  "النحنوية"  وردت على لسان أحد السياسيين فجعلت الإعلاميين يقعون في مشكلة عويصة في تفسيرها وفك طلاسمها، وبعد جهد عرفوا انه يقصد الشللية و الفئوية الضيقة، ومثل هذه المفردة غالبا ما ترد مع أخواتها الغامضات المبهمة في حديث السياسي، خصوصا عندما يجد فسحة واسعة من الوقت فيترك لشهيته تناول التحدب التاريخي، وعلاقته بنظيره الجغرافي، وتأثير الحكم "النحنوي" في مصادرة إرادة الانعتاق من الفكر المأزوم بالأوهام، والداعي إلى  سلب حركة الانطلاق نحو مديات عناوين البشرية الحقيقية، كما أقرتها شرائع السماء لجعل الأرض دوحة للبشرية.
"نحنوية" السياسي لا علاقة لها بعلم النحو في اللغة العربية، و المفردة من ابتكاراته وهو المعروف دائما بأنه على صلة مباشرة بشرائح اجتماعية مختلفة تعاني  مشكلة الأمية،  أي لاتقرأ ولاتكتب  وهي على استعداد للاستماع إلى أي حديث لإنقاذها من معاناتها وليس بالضرورة من الأمية،  وإنما من الفقر وانخفاض المستوى المعيشي، وتداعيات الاحتقان والعنف الطائفي، والإرهاب الأعمى.الزميل الشاعر الحلاوي رعد كريم عزيز،  حدثني في معرض تعليقه على مفردة "النحنوية" عن صاحب مقهى في مدينة الحلة، كان رواده من مختلف التيارات والقوى السياسية مطلع عقد السبعينات من القرن الماضي، وصاحبنا أبو الكهوة كان صديقا للجميع، وعندما كان يقدم استكان الشاي لشيوعي يقول "جاي سنكين  يساري ابو الهيل"، وعندما يكون بقرب احد القوميين وهم قلة آنذاك في المدينة يصيح بأعلى صوته :" جيب ماي وحدوي لعمك أبو يعرب "  ونتيجة ملازمة أبو الكهوة لرواده سنوات عديدة،  اخذ يردد مصطلحاتهم ومفرداتهم، وحتى في استخدامه منظومة السباب والشتائم : "اشتعلوا اهلك  ياشوفينى " موجها شتيمته لصاحب عربة حطم سياج حديقة المقهى ، وإذا تكرر الحادث استبدل الشيمة بأخرى" عدو المشروع العربي النهضوي ابن دعاة الأفكار المستوردة "، واستمر مزاح صاحب المقهى زمنا، وبعد المتغيرات السياسية المحلية والإقليمية، ترك هوايته، والتزم  الصمت، بعد أن علق  صورة كبيرة للرئيس القائد في واجهة المقهى، وخضع لضوابط ذلك الوقت، لأنه صاحب( جهال)، خصوصا بعدما عرف مصير رواده اليساريين، وكيف انتهى بهم المطاف في المعتقلات والمنافي، أما رواده الآخرون،فمنهم من أصبح مسؤولا كبيرا، وآخر انخرط بسلك الشرطة برتبة نائب مفوض .  وما ذكره الشاعر  عزيز عن صاحب المقهى انه في احد الأيام وبعد اندلاع نزاع عشائري مسلح بين أبناء عمومته وعشيرة أخرى طلب منه القدوم على الفور لحسم النزاع، لأن "كليط" العشيرة كان مسافرا إلى بيروت لتلقي العلاج،  وليس هناك من وجيه لحل المشكلة غير صاحب الكهوة، وكعادته في الحديث استرسل باستخدام مصطلحات رواده الشوفينية والنهضوية والقومية والعروبية والأممية  والتحولات الاشتراكية وحركة الكفاح المسلح  والتفاف القاعدة حول القيادة، وأثناء الاسترسال بالحديث، صرخ احد الأشخاص من المتخاصمين، وصاح بأعلى صوته "عمي سامعين هذا الحجي بسناين العشاير"، فجاء الرد بالإيجاب، وتوصل المتخاصمون إلى تسوية من دون الاستعانة بجهود صاحب الكهوة وطريقته "النحنوية".

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق معرض العراق للكتاب

الأكثر قراءة

مقالات ذات صلة

حياتي وموت علي طالب

حياتي وموت علي طالب

غادة العاملي في لحظة تزامنت فيها الحياة مع الموت استعدت ذكريات عشر سنوات ،أو أكثر .. أختصرها الآن في ذاكرتي بالأشهر الثلاثة الأخيرة. حينما اتفقنا أناقرر هو أن يسافر ملبيا الدعوة التي انتظرها لأكثر...
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram