عامر القيسي جميل جدا أن يتنادى قادة البلاد من أجل عقد مؤتمر وطني عام لحلحلة الأزمة الخانقة التي نمر بها . لكن السؤال هو : على ماذا سيجتمع القادة ؟ إجابة السؤال واضحة للمواطن العادي من خلال الشعارات والتصريحات والندوات والمبادرات . انها القضايا التي عطلت البلاد منذ انطلاقة عمليتها السياسية ،
وهي ، حكومة الشراكة الوطنية الحقيقية ،بناء مؤسسات الدولة، تصحيح مسار العملية السياسية بكل ما نتج عنها من سلبيات بل وكوارث ، التأكيد على مرجعية الدستور،استقلالية القضاء وكل ما نتج عن هذه الإشكاليات من واقع عاناه المواطن ومازال يعاني .جيد .. ولكن ألم تكن هذه المواضيع والعقبات موضع نقاش وجدل واجتماعات واتفاقات وتحديدا اتفاقية أربيل التي أنتجت لنا هذه الحكومة . ألم يجتمع القادة مثنى وثلاث ورباع من اجل القضايا نفسها ؟ ألم يعلنوا بعد كل اجتماع لهم ان الاجتماع كان مثمرا وان وجهات النظر اما متقاربة أو متطابقة ؟كل هذا حدث .. لكننا بعد كل تلك التطمينات واهمها تطمينات اتفاقية اربيل كنّا نعود مرّة ثانية الى المربع الأول وربما المربع الصفر !! لندور جميعا في نفس الدوامة التي من أبرز نتاجاتها استمرار دوامة العنف وحصد أرواح العراقيين بالمفخخات والكواتم والتسقيطات السياسية .!بكل وضوح وصراحة نقول لقادتنا ان المواطن العراقي الى حد كبير غير مكترث بهذا المؤتمر نتيجة خبرته من نتائج كل اجتماعاتكم القيادية السابقة . لكننا نقول ان الامل باق بوجود الوطنيين الحقيقيين والحريصين على مستقبل الوطن والشعب معا ، وهو أمل مشروط بتغيير العقلية التي كانت تذهب الى كل الاجتماعات والمؤتمرات على الأرضية التي قامت عليها العملية السياسية وهي المحاصصة التي تعاملت مع الوقائع الجديدة لما بعد التغيير باعتبارها كعكة العيد والأقوى هو من يأخذ منها حصة الأسد .هذه العقلية لو عقدنا لها عشرات المؤتمرات في أربيل أو البصرة أو بغداد أو الأنبار فلن تنتج لنا واقعا إلا كما واقعنا الحالي . هذه حقيقة معروفة وملموسة النتائج للجميع . لكن الحديث عن الأمل يبقى مشروعا لكنه في نفس الوقت مشروطا بان يذهب الجميع بعد أن ينفضوا عنهم كل تكلسات اجتماعاتهم العقيمة السابقة والتخلص من عقدة الخوف المشترك من الآخر والنظر الى مستقبل العراق باعتباره مستقبلا للجميع والقاء الاستقواءات بالخارج في مزبلة الماضي والتعامل الشجاع والجريء مع الاسباب الحقيقية لاخفاق العملية السياسية في البلاد والبحث عن حلول غير تقليدية للمشكلات والازمات التي واجهتنا وستواجهنا في المستقبل . على الجميع ان يجدوا الاجابة على السؤال المهم:كيف نخرج من هذه الورطة ؟نعم ورطة بكل معنى الكلمة ودلالاتها ، فاستمرار نزيف الدم والفساد المالي وخطورة تقسيم العراق وتعطل البناء والاعمار واحتمالات انفلات الازمات إلى ما لا يرضي الجميع ورطة حقيقية تصيب الجميع بالضرر وترسل رسائل حقيقية للمجتمع الداخلي والإقليمي والدولي بفشل التجربة العراقية التي نريد ان نتباهى بها نموذجا ديمقراطيا .وبرغم ان الخلافات بدأت منذ الآن عن المكان والزمان والشخصيات والاشتراطات ، لكننا نقول ان هذا جزء من اللعبة الديمقراطية التي يجب أن نجيد لعبها ونخرج بنتيجة من المؤتمر تقول للشعب الصابر إن ذهابك الى صناديق الاقتراع لم يكن خطأ!فهل يستطيع قادتنا فعل ذلك ؟ لننتظر ونرَ !
كتابة على الحيطان :مؤتمر وطني ولكن ...
نشر في: 3 يناير, 2012: 09:46 م