سعد ناجي علوان تنشد السينما وهي أحد المفاهيم العليا للإنسانية ،في خضم صراعها مع السلطة ،التأكيد على أصالة الذاكرة وألقها ،فالصراع مع السلطة كما ينبئ الرائع (ميلان كونديرا) هو صراع الذاكرة مع النسيان. ولطالما تمثل الأمر بالتصدي المباشر من قبل مخرجين باتوا علامة فارقة في سماء الفن السابع، ويعتبر المخرج الإيراني (جعفر بناهي) أحد المصاديق المهمة لهذا الصراع منذ أن افتتح بفيلمه ( البالون الأبيض) مهرجان سراييفو الأول ،حتى مشاركته في التظاهرات والاحتجاجات عقب الانتخابات (2009) في إيران،
وإخراجه لفيلم حولها ومرورا بأفلامه المهمة (الدائرة – أوف سايد) ولم يمنع غيابه نتيجة اعتقاله من قبل السلطات الإيرانية والحكم عليه بالسجن سبع سنوات بعد ذلك ومنعه من السفر والعمل لمدة عشرين عاما، أن يستمر حضوره الباذخ في العديد من المهرجانات العالمية (كان –البندقية- برلين – سراييفو... وغيرها) حيث شكل تكريمه والتضامن معه جزءا مهما من فعالياتها، إضافة إلى الإيعاز بترك مقعد شاغر مطرزا باسم (جعفر بناهي) سواءً كجزء من لجنة التحكيم أو بين الحضور الفني.وضمن المسار ذاته وتكريما لشجاعته وريادته الكبيرتين ،نظم منتدى صحبة السينما في الديوانية بالاشتراك مع قصر الثقافة والفنون أمسية احتفاءً وتضامنا مع المخرج (بناهي)، ومثلما حصل في كل محفل فني ترك المقعد الأول مطرزا باسمه وسط حضور مميز للاحتفائية، وقد تحدث الشاعر سعد ناجي سكرتير المنتدى بداية عن أن الأمسية تمثل إدانة لجميع أنواع القمع الثقافي والفني والإنسان أينما وجد ،وإن بدت بأدواتنا البسيطة لكن صوتنا مستقيم حين يعلن ذلك ،ثم أتم حديثه عن مكانة بناهي المتميزة كأحد أسماء الموجة الجديدة للسينما الإيرانية.ليعقبه الناقد (فراس الشاروط) مدير المنتدى بالحديث عن أهم مسارات (جعفر بناهي) الفنية ومجموعة أفلامه المخصصة دائما بالاعتناء بهموم الإنسان الإيراني وآماله وخاصة شريحة النساء منه، وتتجلى أهمية ما يطرحه من نقد ظل يسخر دائما من الأبعاد السلطوية لمختلف بنى المجتمع ومقاربتها التي تجعل الفرد يعيش إشكالية معقدة نتيجة لعدم التوائم بين هذه الرؤى والواقع اليومي المعاش، كما فيلم (الدائرة) الذي عرض في الاحتفائية الديوانية، حيث عمد إلى رسم ما يريد بأناة وجهد كبيرين وكأنه يمنحنا لوحة تعبيرية وتفصيلية لأغلب شرائح مجتمعه، ليظهر لنا مراكز الضعف والهشاشة والألم والتجاوزات الإنسانية التي أحالت مكونا مهما كالمرأة إلى دائرة مغلقة من التهميش والصلف والشعارات الكاذبة لدرجة الصعوبة البالغة في استعادة المكانة التقليدية والمحترمة للمرأة كي تمارس دورها كركيزة أساسية لنمو الحياة وتصاعد بهجتها، وهذا ما يعول عليه الجميع كيلا يعلو الهامش ويصبح فعلا عاديا وأساسيا في المجتمع، آملا (الشاروط) أن يستمر التضامن ضد أية سلطة قمعية للإنسان وإبداعه.
حرية بناهي
نشر في: 4 يناير, 2012: 06:05 م