TOP

جريدة المدى > مقالات واعمدة ارشيف > على هامش الصراحة: الاستقطاع المباشر

على هامش الصراحة: الاستقطاع المباشر

نشر في: 6 يناير, 2012: 07:03 م

 إحسان شمران الياسريعام 1979 تم إلغاء الضريبة على دخل العاملين في الدولة. وبعد عام 2003، عندما تمت إعادة النظر بالكثير من التشريعات المالية وغيرها، صدر الأمر رقم 49 لسنة 2004 بإعادة فرض الضريبة على دخل العاملين في الدولة والقطاع العام، إذ أن القطاع المختلط والخاص كان خاضعاً بالأصل كما اعتقد.
 وليس في هذهِ المقالة دعوة للرجوع إلى عام 1979 وإعفاء هذا الدخل، غير أن فكرة الضريبة على الدخل أو ضريبة الدخل كما يُقال اختصاراً، بُنيت على أساس أن ما يحصل عليه الشخص من إيراد يمكن أن تستحصل منه الضريبة على ما يفيض منه.. أي على الدخل، وهو ناتج طرح كل التكاليف والمصروفات والنفقات من الإيراد، وبعد طرح متطلبات المعيشة التي يعبر عنها بالسماح القانوني.. وهذا الكلام عن (مصادر الدخل) المختلفة كالمحال ووسائط النقل ونشاط المقاولات والخدمات.. الخ..أما دخل العمل أو دخل العاملين فله قصة أخرى لم يُلتفت إليها، ذلك أن الإنسان (العامل) هو مصدر الإنتاج، مثلما هي الآلة والمركبة والبلدوزر والفندق، إلا أن مصادر الدخل الأخيرة لها اندثار ونفقات وصيانة يتم احتسابها واستبعادها من الإيراد المتحقق عنها، ثم عندما نصل إلى صافي إيرادها (دخلها)، نعطي لصاحبها السماح القانوني الذي يُعبر عما يلزمه لمتطلبات معيشته وأسرته خلال السنة.. وبعد هذا الحساب نأخذ من الصافي (الصافي) الضريبة (الضريبة على الدخل).. ولكن الإنسان العامل (في الدولة والقطاع العام والمختلط والخاص) لا نعطيه أية تكاليف أو نفقات تتطلبها ضرورة ديمومة نشاطه هو، وليس معيشة أسرته ومعيشته التي يُعبّر عنها بالسماح القانوني.فنحن نُخضع الراتب بالكامل للضريبة (بعد تنزيل السماح).. أما (الآلة) التي هي الإنسان الذي صنع هذا الإيراد (الراتب) فلا نُعيرها أي اهتمام ولا نحسب لها (اندثاراً) يمثل التنازل الطبيعي في قدرتها على الإنتاج والإبداع.. وعلى صعيد السماح القانوني الذي يلزم لتغطية متطلبات معيشة الإنسان وأسرته، فإن السماح الحالي للشخص الطبيعي (المكلف) هو (5) ملايين دينار سنوياً (حوالي 400 ألف دينار شهرياً) أو (14) ألف دينار يومياً. أما سماح الزوجة فهو (4) ملايين دينار.. الخ.. وبحساب الضرورات (وليس الترف أو الرفاهية) فإن تلك المبالغ لم تُعد مُجدية لشعب يُغريه الاستيراد وتُغريه وفرة السلع وجنون بدلات الإيجار وتكاليف النقل. ومن أجل هذا.. أدعو البرلمان الذي هو الأمل الأخير للشعب العراقي في القراءة الثانية لقانون الموازنة أن يطلب مضاعفة السماح القانوني لمكلفي ضريبة الدخل، إما بشكل عام أو لمكلفي ضريبة الدخل من العاملين في الدولة والقطاع العام والمختلط والخاص.. ففي بلدٍ غني مثل العراق، يُفترض أن تكون الضريبة أداة اجتماعية للدلالة على الرابطة بين الفرد والمجتمع وليس أداة مالية لتمويل النفقات العامة.. فكما فهمت، إن الإيرادات من الضريبة على دخل العمل لم تتعد خلال عام/2011 ما يعادل (130) مليون دولار.. هو مبلغ لا يوازي واحدة من إخفاقات تنفيذ احد المشاريع الكبيرة إن لم نُعبّر عنها بدلالة أخرى، فيما أودت هذهِ الملايين البسيطة بالعلاقة بين الدولة ونحو (4) ملايين من العاملين لديها.إن زيادة السماحات القانونية إلى الضعف ستسمح بتجنيب نصف العاملين في الدولة إن لم نقل (80%) منهم من هذهِ الضريبة، أما ذوو الدخول العالية فستبقى الضريبة عليهم رغم زيادة السماحات.وسيمثل هذا الإجراء إنجازاً للبرلمان والحكومة على أعتاب العهد الجديد الذي خرج فيه الأجنبي من بلدنا وتسلم فيه العراقيون أمورهم.

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق معرض العراق للكتاب

الأكثر قراءة

مقالات ذات صلة

حياتي وموت علي طالب

حياتي وموت علي طالب

غادة العاملي في لحظة تزامنت فيها الحياة مع الموت استعدت ذكريات عشر سنوات ،أو أكثر .. أختصرها الآن في ذاكرتي بالأشهر الثلاثة الأخيرة. حينما اتفقنا أناقرر هو أن يسافر ملبيا الدعوة التي انتظرها لأكثر...
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram