محمد صادق جرادمعظم الحروب في العالم تبدأ بحرب كلامية بين الأطراف المتصارعة ويبدو ان الأزمة الإيرانية الأمريكية حول البرنامج النووي الإيراني قد وصلت الى مرحلة خطيرة من حرب التصريحات.فبينما أعلنت أمريكا والدول الغربية العمل على فرض عقوبات جديدة على المصارف الإيرانية وحظر على صادرات النفط الإيراني صرح قائد البحرية الإيرانية حبيب الله سياري لقناة تلفزيونية رسمية
بأن إغلاق إيران لمضيق هرمز أمام ناقلات النفط سيكون “أسهل من شربة ماء” اذا رأت الجمهورية الإسلامية ضرورة لذلك.وعلينا ان ننتبه الى حقيقة مهمة وهي ان هذا التصريح بما يشكله من خطر على 40% من صادرات العالم من الوقود التي تمر عبر هذا المضيق وتداعيات كبيرة يمكن ان تحصل في منطقة الخليج التي تعد صاحبة اكبر مخزون نفطي في العالم فانه أيضا يمس المصالح الاقتصادية العراقية حيث تمر حوالي 70% من صادرات العراق النفطية التي تعتمد عليها موازنة البلد بصورة كبيرة بل بصورة رئيسية لاسيما وان العراق يمر بفترة مهمة يحاول اعمار البلد من خلال رصد ميزانية ضخمة تكاد لا تكفي بالرغم من الأموال الكبيرة التي يتم صرفها وذلك للحاجة الكبيرة لإعادة البنى التحتية للبلد ومحاولة اعتماد مشاريع استثمارية كبيرة .ومن خلال قراءة متأنية للأحداث نجد بان إيران أصبحت تعاني من وقع العقوبات الدولية المفروضة عليها فأخذت تحاول التهديد بما تمتلكه من قدرات عسكرية بحرية في محاولة للضغط على المجتمع الدولي للحيلولة دون تطبيق العقوبات الجديدة .وربما يعتقد البعض بانها مجرد تهديدات تطلقها الحكومة الإيرانية كورقة ضغط فقط , إلا اننا نرى بان هذه التهديدات ستكون بمثابة القنبلة الموقوتة لاسيما بعد المناورات البحرية التي قامت بها البحرية الإيرانية قبل ايام والتي لا تتكافأ مع القدرات العسكرية الأمريكية المتمثلة في الأسطول الخامس المتمركز في البحرين، والمدعوم بالقوات الجوية الأمريكية، التي تمتلك أسطولاً جوياً ضخماً في قاعدة العديد الجوية في قطر، حيث هددت القوات الأمريكية بالمقابل بأنها لن تسمح للقوات الإيرانية في حال تنفيذها للتهديد بإغلاق المضيق لأكثر من عدة ايام فقط .وبالرغم من التفوق الأمريكي إلا ان الحرب في حال وقوعها ستتسبب بإيقاف الإمدادات النفطية وستكون هناك أزمة حقيقية في الاقتصاد في المنطقة لاسيما الدول التي لا تمتلك منافذ أخرى بديلة عن مضيق هرمز وفي مقدمتها العراق والكويت وقطر .ويعتبر مضيق هرمز أهم ممر مائي في العالم وأكثرها حركة بالسفن لما يميزه موقعه الأستراتيجي الحيوي اذ يعبره (20_30) ناقلة نفط يومياً بمعدل ناقلة نفط كل(6دقائق) فهو المنفذ الوحيد لدول الخليج العربي صاحبه أكبر احتياطي نفطي في العالم،ويشبه بعنق الزجاجة في مدخل الخليج العربي يربط هذه المياه الشبه المغلقة بالبحار الكبرى على المحيط الهندي .ولابد من الإشارة هنا إلى ان على العراق ان يبحث عن منافذ جديدة كما هو الحال مع دولة الإمارات العربية المتحدة والسعودية باعتبار ان منطقة الخليج العربي دائما تكون حساسة وربما تشهد صراعات إقليمية ودولية في المستقبل لذلك علينا إتخاذ منافذ جديدة لتصدير النفط عن طريق البحر الأحمر عبر ميناء”العقبة” الأردني أو عن طريق البحر الأبيض المتوسط عبر ميناءي”بانياس” و”طرطوس” السوريين للتقليل من خطورة الأزمة الاقتصادية للعراق إذا ما نفذت إيران تهديدها بإغلاق مضيق هرمز. علاوة على دور دبلوماسي عراقي يجب ان يأخذ طريقه بين الأطراف المتنازعة لما يمتلكه العراق اليوم من علاقات اقتصادية قوية مع إيران وإمكانية لعب دور الوسيط في هذه الأزمة كما شهدنا دورا للعراق في الأزمة السورية .ان مصالح العراق الاقتصادية ستتعرض للخطر اذا لم يتم استيعاب الأزمة ولابد للعراق من التحرك نحو إقناع إيران بالالتزام بالمعاهدات والاتفاقات الدولية التي تمنع الدول من إغلاق الممرات المائية إضافة إلى ان العمل الذي تنوي إيران القيام به سيؤدي الى الإضرار بالكثير من الدول المسلمة وهذا يتنافى مع القيم والمبادئ الإسلامية التي من المفروض ان تلتزم بها إيران كدولة إسلامية.
مضيـق هرمــز.. أزمة حقيقـيــة أم حــرب كلامـيـة؟
نشر في: 6 يناير, 2012: 07:06 م