وائل نعمة تذكرت وأنا أشاهد فيلماً أميركياً يتحدث عن حياة الشباب الجامعي "كافتيريات" الكليات في بغداد وباقي المحافظات،الفيلم كانت فيه مشاهد كثيرة في مطعم الجامعة،والشباب يحملون صحوناً وملاعق وسكاكين بلاستيكية – ذات الاستعمال الواحد – وفواكه مغلفة وعصائر طبيعية ، وكان استغرابي حول جمالية ونظافة الكافتيريا وطريقة تقديم الأكل،وعناية القائمين على المطعم من خلال وضع غطاء الرأس
وارتداء قفازات طبية، فيما الحال يبدو معكوسا في جامعتنا، حيث بعض الكافتيريات تفوح منها رائحة كريهة قادمة من الحمامات الطافحة الواقعة خلف النادي الطلابي ،والروائح يستنشقها الطلبة بكل رحابة صدر وهم يتناولون "لفات فلافل " تتجمع عليها أنواع الذباب العادي والأخضر، والشخص الواقف وراء الطاولة الخشبية الفاصلة بين الطلاب وبين المطبخ يضع مكونات "اللفة" بيده العارية من أي قفاز ،ونراه في الوقت نفسه يقوم باليد ذاتها بتنظيف الأرض من بعض بقايا الطعام الساقطة في أرجاء الكافتيريا.. القائمة تطول مع أواني الطهي والطبخ التي اسودت من كثر الاستعمال، وزيت الطهي لا يبدل إلا كل ثلاثة أيام مرة واحدة ، والأكل المعد في المطبخ الجامعي له الطعم نفسه بسبب استخدام الزيت عينه لا أكثر من صنف طعام. وبالتأكيد أن النوادي الطلابية لا تفتقر إلى الاهتمام بنظافة الطعام المقدم فقط ، بل في الأسعار السياحية التي تزيد على أسعار الشارع بـ500 وألف دينار عن كل شيء يباع في تلك الكافتريات،كما أن الكثير منها غير ملائمة لشكل الطالب ،فهي تختار بناية قديمة وغير نظامية وتعلوها الرطوبة لاسيما في الكليات القديمة مثل مجمع باب المعظم التابع لجامعة بغداد، فضلا عن ان الأثاث المستخدم معظمه مكسور ولا يتحمل الأوزان الثقيلة لبعض الطلبة، فيتحول النادي الى مسرحية هزلية حين تسقط طالبة بدينة بعض الشيء...الكافتريات عادة ما تنتشر فيها الفئران والنفايات وقناني الماء في أركان البناية ، وفي الصيف يصبح المكان "حمام ساونا" بسبب عدم وجود تكييف يتسع لحجم النادي ،ويقتصر البعض على وضع "مبردات " عادة ما تكون من دون ماء،لأنها تملأ لمرة واحدة أثناء الدوام، وفي الشتاء يهرب الطلبة منه إلى أماكن تواجد الشمس لأن النادي يصبح رطبا لدرجة يمرض فيها الطالب.والنادي الطلابي مؤخرا أصبح طاردا لطلابه بعد احتكار القائمين عليه بوضع أغانٍ هابطة لدرجة ينفر منها الطلبة لاسيما أن الأصوات تكون عادة مرتفعة جدا والطلاب لا يستطيعون الحديث في ما بينهم بسبب الصوت العالي ،والبعض منها تحولت إلى الجانب الديني وأخذت تعيد وتكرر بأناشيد دينية طوال أشهر السنة الدراسية ،كما تتهم الطالبات عادة بعض أصحاب الكافتيريات الجامعية بالتحرش والتدخل في خصوصياتهن وعدم احترام عملهم المرتبط بتقديم الخدمة للطالب وليس التطفل عليه.الجانب الآخر والذي يجري وراء الكواليس في تلك البنايات الفقيرة من حيث خدماتها ،تتعلق بقضايا فساد مالي وادر بين القائمين على الكافتيريات وبعض أساتذة الجامعة والعمداء وحتى على مستوى رؤساء جامعات.. بعض الطلبة يستغرب من بقاء الشخص نفسه لست وسبع سنوات في إدارة الكافتيريا دون أن تنتقل الى شخص آخر وفق المزايدة العلنية – أو هكذا يجب أن تكون – التي تجريها الجامعة في كل عام لكي تؤجر أحد النوادي ،المزايدة بالتأكيد تنطوي على شروط مهنية وأخرى تتعلق بالنظافة وبالأسعار ،ولكن الغريب يبقى النادي على حاله بعد سنوات من المزايدات ويحتفظ بسلبياته لان الإداري لا يتغير، ووفقا لكلام بعض الطلبة ومن فم بعض القائمين على إدارة الكافتريات يؤكدون وجود صفقات مشبوهة تدور في الخفاء بين الجامعة والمؤجر يأخذ بعض المسؤولين في الجامعة مبالغ – رشوى،إكرامية – من اجل إرساء المزاد على ذلك الشخص ،وتتكرر الحالة في كل سنة ،لدرجة أن عمداء ورؤساء جامعات يتغيرون ولكن أصحاب الكافتيريات يبقون على حالهم ،والطريف إن إحدى الكليات في جامعة بغداد في مجمع الجادرية يعد صاحب الكافتيريا فيها من المخضرمين لأنه عاصر عهد صدام وبريمر وعلاوي والجعفري والمالكي لولايتين وهو لم تنته ولايته إلى الآن!
من داخل العراق :ولاية مفتوحة
نشر في: 7 يناير, 2012: 06:19 م