TOP

جريدة المدى > مقالات واعمدة ارشيف > قناديل :لأجل سلام العراق: سعف وورود وحمائم بلا لافتات..

قناديل :لأجل سلام العراق: سعف وورود وحمائم بلا لافتات..

نشر في: 7 يناير, 2012: 06:21 م

 لطفية الدليمي عشق الجمال وحب الحياة مزية عراقية أصيلة  تخبرنا عنها الحكايا ومآثر الأسلاف  وما تعلمناه في المدارس يوم كان معلمونا ومعلماتنا  مزودين بتراث كبير من جماليات الفن والذوق المهذب وكان للمعلم والمعلمة  تلك المكانة العالية  التي تستدعي احترام الجميع لما يملكه أو تملكه من أخلاقيات سامية وتفانٍ في العمل وروح فياضة بالعطاء والتعاون مع التلاميذ - حدثني  صديق من عشاق العراق الأصلاء عن واقعة - تؤكد بهاء الروح العراقية واحتفاءها العفوي
  بالجمال واعتزازها بالعلم والمدارس، ففي بدايات القرن الماضي يوم كان الشغف بالعلم والمعرفة يتوازى  مع حلم التحرر من الحكم العثماني - تأسست  أول مدرسة  في مدينة  أبي الخصيب  ذات بساتين النخل الشهيرة - سنة 1904 ثم جرى توسيع المدرسة واستكمال مرافقها سنة 1909 وأطلق عليها حينها اسم (المدرسة المحمودية ) نسبة الى أول مدير لها هو الأستاذ محمود العبد الواحد الذي بادر  لدى  افتتاح المدرسة الى شراء (2000) بلبل  أطلقها في يوم الافتتاح البهيج لتتوزع في بساتين النخيل المترامية الأطراف ويملأ تغريدها أجواء أبي الخصيب حتى أطلقوا على المدينة في تلك الحقبة اسم  مدينة البلابل وبلد الأغاريد.هل يصدق شبابنا وهم يرون خراب المدن اليوم - أن أسلافهم كانوا قبل قرن واحد  يمتلكون هذه الرهافة وهذا التقدير العالي  للمدارس حتى   ربطوا  بين احتفائهم بالعلم  وعشقهم للجمال  وتوّجوا فرحهم  غناء وتغريد  بلابل   في بساتين أبي الخصيب؟ ما الذي سيحدث لو  بادروا اليوم  الى إطلاق مسيرات تلوّح بالورود والحمائم وسعف النخيل وتزرع  الفسائل على جوانب الشوارع والحدائق بدل الشعارات السياسية واللافتات  التي تؤجج الكراهية والصراع؟ليس حلما طوباويا ما أتمنى حدوثه، فبوسعنا صنع السلام الاجتماعي لو شئنا  إعلان عشق العراق على الملأ ، بوسعنا فعل شيء بسيط ومختلف لتعزيز التلاحم العراقي وابتكار لمسة فرح لحياتنا، نحن الذين استغرقتنا  المراثي والنحيب  منذ تشكلت حضارة أرض الرافدين قبل سبعة آلاف عام حتى يومنا هذا، دعونا نعلن هدنة مع الدموع وأسى القلوب الجريحة والأرواح الثكلى والنفوس التي جاورها الحداد وتألبت عليها المصائب، دعونا  نتيح لأرواحنا فسحة حياة ولذواتنا فسحة حرية تعبر فيها عن انتمائها للعراق والجمال المحظور، بعد أن قمعت هذه الذوات طويلا بتخبط الساسة وفشل التدابير السياسية، دعونا نحيي يوما للسلام دونما  بكائيات  ولا مرثيات، بل استدعاء  للأمان  ونشر لثقافة المحبة والتطلع  إلى الغد القادم  بعيون الأمل فنخرج طوعا في مسيرة لوجه العراق، ننطلق  معا في مسيرة  تضم جميع الأعراق والأديان والطوائف دونما إشارات  قومية أو طائفية  وبلا لافتات تحمل  مطالب أو شكاوى  أو تنديدا  أو تحريضا على العنف والكراهية، ويقوم المشاركون في المسيرة بزراعة فسائل نخل على جوانب الطرق كشعار عراقي للسلام الاجتماعي في وطننا  ويتقدم الأطفال والنساء والشباب  ليدونوا  بمسيرتهم السلمية  ميثاق شرف المواطنة فلا انتماءات جانبية سوى المواطنة ولا شيء سوى العراق وسوف يحمل الجميع زهورا نضرة حية حتى لو كانت زهور دفلى ويلوحون بأغصان الآس والنارنج وتقوم الفتيات والفتيان  بإطلاق مئات الحمائم البيضاء والبلابل  في فضاءات مدننا الحزينة لتزيح عنها غمائم الانفجارات وغبار الكراهية- بأجنحتها الناصعة وأغاريدها الشجية  ولن تكون هناك هتافات لغير سلام العراق ولن نسمع سوى كلمات الوطن  والعراق، لعلنا ندفع  الساسة الى الإحساس  بالخجل  من صيحة الشعب  الموحد وهيبة   المواطنة  ونداء السلام الذي أخرسته التجاذبات السياسية  وأطماع المتناحرين على دم البلاد.

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق معرض العراق للكتاب

الأكثر قراءة

مقالات ذات صلة

حياتي وموت علي طالب

حياتي وموت علي طالب

غادة العاملي في لحظة تزامنت فيها الحياة مع الموت استعدت ذكريات عشر سنوات ،أو أكثر .. أختصرها الآن في ذاكرتي بالأشهر الثلاثة الأخيرة. حينما اتفقنا أناقرر هو أن يسافر ملبيا الدعوة التي انتظرها لأكثر...
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram