اعلان ممول

TOP

جريدة المدى > تحقيقات > مشرّدون يتحولون إلى مجرمين بعد توديعهم دُور الدولة!

مشرّدون يتحولون إلى مجرمين بعد توديعهم دُور الدولة!

نشر في: 8 يناير, 2012: 06:27 م

 بغداد/ إيناس طارق- عدسة/ أدهم يوسفيجلس أحمد قرب أحد الباعة في منطقة الباب الشرقي يستجدي المال، يرتدي ملابس رثّة ممزقة بعد أن ودّع دار المشردين لبلوغه السن القانوني، أحمد مثل الكثير من الفتيان لا يعرفون عالم العائلة ولا البيت  لأنهم منذ الصغر وجدوا الشارع ملاذاً لهم ،
 يقضون أكثـر أوقاتهم النهارية في التجوال بين الشوارع، وأحيانا  أخرى  يبيعون قناني الماء أو "يستجدون" قرب إشارات المرور والسيطرات الأمنية،  لا فرق لديهم سواء كانت ليلة شتوية باردة أم تموزية لاهبة،  المهم هو النوم عندما تحين ساعاته، صديق أحمد يدعى حيدر كان أيضا في دار الأحداث يوما ما ،لكنه  أفضل حالا منه، حيث يعيش على ما يكسبه من بيع السكائر والكارتات التي يعطيها له صاحب محل جملة في منطقة الشورجة لبيعها ومن ثم يتقاسمان الربح. احمد وحيدر يلتقيان يوميا في ساعات الغروب من اجل قضاء ليلتهم في احد فنادق منطقة العلاوي المتهالكة الأبنية لكنها تعتبر وحسب تعبيرهم أفضل من النوم على الرصيف .rnقانون الأحداث  يعرِّف قانون الأحداث رقم 76 لسنة 1983 "المشرَّد" بأنه كلُّ حَدَث لم يتجاوز الـ15 من العمر، ويُعثر عليه من دون مرافقة ولي أمره وهو يتسول في الأماكن العامة، أو يتجول ممارساً مهنة صبغ الأحذية أو بيع السجائر أو أي مهنة أخرى تعرضه للجنوح. كما اعتبر القانون الحدث "مشرداً" اذا لم يكن له محل إقامة معين أو اتخذ الأماكن العامة مأوى له، ولم تكن له وسيلة مشروعة للعيش، أو ترك منزل ذويه من دون عذر مشروع.خبراء قانون وعلماء اجتماع وباحثون وجهات رسمية معنية بقضايا المشردين، وجهوا انتقادات لاذعة لقانون المشردين الذي لم يخضع للتعديل منذ 28 عاماً، رغم كل ما مر به العراق من حروب ونزاعات وتحولات اقتصادية واجتماعية خلال العقود الثلاثة الأخيرة.وحقيقة إذا ما طبّق القانون بحذافيره لن نجد يوما صباغ أحذية ولا بائع قناني ماء أو من يفترش الأرصفة لبيع علب المناديل والألعاب الورقية، ينضم إليها بائع الكعك والشاي، فالكثير من هذه الحالات أبطالها من الأطفال والشباب .rnليس الأحداثلذا فالحديث عن المشردين لا يشمل من ترك دور الأحداث فحسب، فالكثير من كبار السن يفترشون الأرصفة والطرقات، فحالة الرجل الذي يجلس على الرصيف الذي يتوسط منطقة السيدية قرب إشارة المرور لا يمكن أن تنقل لأن منظره يؤلم كثيرا، كيف يمكن لرجل يكاد يتجاوز عمره الـ50 عاماً، ينام ويأكل على الرصيف، والناس تتصدق عليه بالأغطية والطعام ،هذا الرجل الذي سرد قصته وهو يبكي ولا يستطيع أن يثبت نظراته في وجه الآخرين يقول :لقد طردني أولادي من بيتي بعد أن توفيت والدتهم وليس هناك مكان اذهب إليه غير الرصيف، أنا مصاب الآن بأمراض عديدة بسبب البرد وحتى عندما أتغطى بالأغطية التي أعطاها الناس لي أرتجف من البرد ليلاً ، والكثير من الأيام لا أتناول طعاماً غير الخبز والماء، وعدة مرات تلقي الشرطة القبض عليه بسبب النوم على الرصيف، ويفتشون حاجاتي المرمية بقربي وعندما يعلمون بحالي يتركوني أعود الى النوم. هذه حالة أردنا بها نقل صورة واحدة تمثل عدداً من المتشردين بالعمر نفسه يفترشون الشوارع ولا مأوى لهم !البحث الاجتماعيمن جهة أخرى، أشار الباحث عبد الرزاق سليمان إلى ما يسميه "غياب الإدراك الحقيقي" لأهمية تعديل قانون دار المشردين "الهزيل" الذي ورثناه من النظام السابق، وينقل في الوقت نفسه الصورة المأسوية الواسعة التي انتهى إليها ملف المشردين في العراق أواخر عام 2011 الماضي.سليمان يتحدث عن ثلاث حروب خاضها العراق خلال العقود الثلاثة الماضية، هي على التوالي، حرب الخليج الأولى 1980- 1988، حرب الخليج الثانية 1990-1991 وما تبعها من انتفاضات في معظم المدن العراقية، ومرحلة الحصار الذي فرضته الأمم المتحدة بين عامي 1990-2003، وتسبب بدمار البنى التحتية للاقتصاد العراقي وانتشار الفقر بين أكثر من 90 في المئة من شرائح الشعب العراقي، وصولاً إلى تداعيات حرب الخليج الثالثة عام 2003، وما تبعها من عمليات قتل وتشرد وتهجير طائفي إزاء كل هذا، يلخص الباحث ما يحويه ملف التشرد في العراق بأنه "مأساوي" لا يمكن حل تداعياته بقانون جامد مضى عليه قرابة الثلاثة عقود.وزارة التخطيطتعترف وزارة التخطيط بأنها لا تمتلك حتى الآن أي إحصائيات يمكن من خلالها معرفة العدد الحقيقي للمشردين. ويبرر الناطق باسم الوزارة عبد الزهرة الهنداوي غياب هذه الإحصائيات بالتأجيل المتكرر للإحصاء السكاني في العراق على خلفية الصراعات السياسية التي تحيط بملف الإحصاء رغم مرور أكثر من ثمانية أعوام ونصف العام على سقوط النظام السابق.آخر تعداد سكاني جرى في العراق كان عام 1997، لكن حتى هذا التعداد لم تكن فيه أي إشارة إلى المشردين كما يقول الهنداوي، الذي يقر بأن الحصول على أعداد المشردين الحقيقي هو السبيل الأمثل للبدء بإعداد الخطط اللازمة لتأهيلهم وحل مشاكلهم المزمنة.الهنداوي ينتقد التقارير التي نقلت عن وزارة التخطيط رقماً "وهمياً ومبالغاً فيه" للترويج لأهداف سياسية

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق ذاكرة عراقية

الأكثر قراءة

مقالات ذات صلة

لا ينبغي ان يحلق في سمائها غير طيور الحباري ..الإرهاب والمخدرات يهددان أمن الحدود العراقية السعودية
تحقيقات

لا ينبغي ان يحلق في سمائها غير طيور الحباري ..الإرهاب والمخدرات يهددان أمن الحدود العراقية السعودية

 اياد عطية الخالدي تمتد الحدود السعودية العراقية على مسافة 814 كم، غالبيتها مناطق صحراوية منبسطة، لكنها في الواقع مثلت، ولم تزل، مصدر قلق كبيراً للبلدين، فلطالما انعكس واقعها بشكل مباشر على الأمن والاستقرار...
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram