د.معتز محي عبد الحميدمع كل عام دراسي جديد يبدأ مسلسل معاناة أولياء الأمور مع أبنائهم الطلبة ، مسلسل يومي يبدأ بهموم التعليم والتدريس الخصوصي وينتهي بقلق الإرهاب وخطف الطلاب والطالبات والاعتداء أحيانا عليهم داخل سور المدرسة ويصبح الابن طالب العلم متورطا في قضية ما ،
إما جانٍ أو مجني عليه ! في الماضي كان آباؤنا مطمئنين عندما نذهب صباحا للمدرسة ، فهم على اقل لم يعرفوا هذا القلق الذي ينتابنا اليوم ، لثقتهم بان المدرسة دار للعلم والأدب قبل العلم النافع ، والمدرسة بدورها كانت ترسخ هذا الاعتقاد في أفكار الطلبة من خلال تدريس مادة الوطنية التي تعنى بالتربية السلوكية كمادة مستقلة ومهمة بجانب بقية المواد ، حيث كانت المدرسة تمارس الدور التربوي من منطلق الشعور بالمسؤولية والأمانة والإخلاص ، وبهذا الشعور كانت المدرسة تتفوق على دور الأسرة في تربية الأبناء وتقويم سلوكهم المنحرف . فمن لم يتعلم الأدب في بيته كان يتعلمه بين جدران المدرسة من معلميه وأقرانه الطلبة ، فطالب المدرسة يعرف في الشارع من سلوكه القويم وأخلاقه الحميدة . إذا نظرنا اليوم إلى اغلب المدارس سواء أكانت حكومية او أهلية نجد هناك قصورا كبيرا في التربية السلوكية كمنهج تدريسي ، أيضا نجد في بعض المدارس عدم وجود التدابير الاحترازية الوقائية التي تمنع وجود اي تجاوزات سلوكية ، وإذا وجدت في بعض المدارس حالات انحراف أخلاقي لبعض الطلبة ، فلا توجد إدارة جيدة وصارمة لاحتواء هذا السلوك او إعادة تأهيل الطالب المنحرف دون أن يخسر فرصته في التعليم . وفي بعض المدارس يكون دور المشرف التربوي غير فعال بالشكل المطلوب لأسباب منها : التزامهم بالتدريس والمحاضرات والأمور الإدارية الأخرى التي تأخذ جل وقتهم واهتمامهم فلا يجدون الوقت لبحث مشاكل الطلبة وحلها بسرعة ، وقد يكون المشرف التربوي بحاجة هو الى دورات وتأهيل مكثف لوظيفته في المدرسة حتى يكتسب الدراية بمعالجة المشاكل والثقة بنفسه ويستطيع معالجة الحالات دون حرج او خجل . كما حدث لإحدى المشرفات مؤخرا في إحدى مدارس البنات المتوسطة حين تم الاعتداء عليها لكونها تدخلت في أمور سلوكية منحرفة لإحدى الطالبات في مدرستها . أسئلة كثيرة تفرض نفسها . هل يكفي التعليم في غياب التربية ؟ وهل تقع على المؤسسات التعليمية مسؤولية مشاركة الأسرة في تقويم الطالب أم هي مسؤولة فقط عن التعلم ؟ وان كان كذلك لماذا تتخذها الوزارة إذاً شعارا يسبق التعليم ؟ هذه التساؤلات لابد من أن نجيب عليها بأمانة حتى نستطيع ان نطمئن على أبنائنا وهم في المدرسة ، لقناعتنا ان العلم لا يغني عن التربية الصالحة، و العكس صحيح ، وبدون التربية لا يكون هناك علم نافع ومثمر في المجتمع . الذي يجعلنا أن نقول هذا الكلام هو تنامي ظاهرة جنوح الاحداث من طلبة المدارس ومن حقنا كباحثين أن ندق ناقوس الخطر ونحمل المدرسة مسؤولية ذلك ويجب أن نحاسب إدارة المدرس إذا قصرت في احتواء بعض الطلبة الذين هم في حاجة للرعاية والحماية والمعرضين للانحراف والانحلال الأخلاقي ... المدرسة مسؤولة عما يحصل من انحرافات بعض طلبتها ، إذا مورس هذا السلوك الخاطئ اثناء الدوام الرسمي وفي ساحة المدرسة او خلف الصفوف او في دوره المياه ... اذن هي مسؤولة عن الوقاية والمعالجة وان تضع التدابير الوقائية للحد من هذه الظواهر التي كثرت في هذا العام الدراسي وتدرس كل حالة وتضع لها الحلول الناجعة ضمن اللوائح والأنظمة المدرسية احتراما للقيم الأخلاقية والعادات والتقاليد .. وان نضع في بالنا القول المأثور لنابليون بونابرت ( من فتح مدرسة أسقفل سجنا) .
تحت المجهر: هل يكفي التعليم فـي غياب التربية ؟!
نشر في: 8 يناير, 2012: 06:44 م