TOP

جريدة المدى > مقالات واعمدة ارشيف > نص ردن: كاميرا خفية

نص ردن: كاميرا خفية

نشر في: 8 يناير, 2012: 07:17 م

 علاء حسن  في غضون الأيام القليلة المقبلة سيكون العراقيون على موعد زف بشرى سارة ستجعلهم يحتفلون طوال الليل والنهار يرقصون ويغنون ، ويطلقون بالونات ملونة كما فعلوا في يوم الوفاء الذي تحول إلى اسم آخر، وستغلق الطرق والجسور، وتعتذر الدوائر الرسمية عن انجاز معاملات المراجعين للتفرغ إلى الاحتفال بمناسبة كبيرة وعزيزة على قلوب المؤمنين بالنظام الديمقراطي والعملية السياسية وحكومة الشراكة الوطنية، البشرى هي احتواء الأزمة الراهنة،
 وإنقاذ البلاد من تداعياتها ومخاطرها ومن حق العراقيين الاحتفال بكل الطرق والأساليب، لان النخب السياسية والأطراف المشاركة في الحكومة،  اتفقت على اعتماد الدستور واتفاق أربيل لحسم خلافاتها الشائكة والمستعصية .هذه المرة سيرفع العراقيون برقيات التهاني إلى القادة السياسيين ببعث رسائل عبر هواتفهم النقالة  إلى المسؤولين وأعضاء مجلس النواب، لأنهم أسهموا في تبديد المخاوف من عودة العنف الطائفي والاحتقان السياسي، مبارك هذا "النصر الناجز " وانتصار الإرادة الوطنية على المؤامرات الإقليمية والمخططات المريبة والمراهنات على فشل الديمقراطية العراقية.خلال الأيام الماضية ومنذ اندلاع الأزمة السياسية كانت هواجس العودة إلى المربع الأول ثقيلة على الجميع، وتزامنت مع انخفاض درجات الحرارة ، فاصطكت الأسنان وارتعشت الأبدان ، وارتفعت نسب الإصابة بالزكام والأنفلونزا ، وبرغم ذلك تحمل العراقيون مزاح السياسيين الثقيل ، بعدما عرفوا أن الوضع السياسي يشبه مشاهد برنامج الكاميرا الخفية ، صراع وتبادل اتهامات وتلويح باعتقال كبار المسؤولين ، ثم ينتهي المشهد بالضحك والقبلات والعودة الى الدستور ، وعرض حلقة جديدة من  البرنامج  الكارتوني "بوجي وطمطم "العودة الى الدستور هي الخطوة الأولى نحو اندلاع أزمة محتملة ، لأنه بنظر الجميع لا يصلح أن يكون مرجعية ثابتة، وفي المؤتمر الوطني المرتقب ، سيتم بحث القضايا المتفق عليها والخاضعة للتسوية،  وترحل الأمور الأخرى الى إشعار اخر ، ثم يسمع العراقيون الاسطوانة  المعروفة ، ويبدأ المشهد الأول من الكاميرا الخفية ، وضحية المقلب الجديد سيكون احد المسؤولين ، والأسماء المرشحة كثيرة ومتعددة ، ويكفي ملف فساد واحد أو ارتباط عنصر حماية بفصيل إرهابي او إطلاق تصريح عبر فضائية لتعيش البلاد في أجواء مضطربة،  تعقبها حوادث أمنية، والسبب معروف هو غياب الجهد  الاستخباري، وقبل الوقوع في هذا المطب الحقيقي من الكاميرا الخفية، الشعب ينتظر المشاركين في المؤتمر بحث مشكلة البطالة والكهرباء ، وتحسين الملف الأمني ، و"بدربهم " يناقشون الأداء الحكومي وما تحقق خلال 400 يوم، وهل هناك نية لانجاز النظام الداخلي لمجلس الوزراء ، و"بدربهم" أيضا مناقشة قضية خروج العراق من الفصل السابع ، و"بدربهم " الاتفاق على تشريع قانون الضمان الاجتماعي، ومنح القابعين تحت خط الفقر حصة تموينية إضافية، فضلا عن منحة مالية ليخرج المستفيدون من هذه المكرمة السخية بتظاهرة كبيرة تعبر عن فرحهم باحتواء الأزمة السياسية، وعودة المياه إلى مجاريها و"بدربهم " سيلعنون  الاستعمار لأنه سرق ثرواتهم وجعلهم تحت الطابوكة حتى نهاية العمر ، وهذا المشهد حقيقي ومألوف ولم يرد  في الكاميرا الخفية، وفي يوم قريب سيطل علينا مذيع فضائية معروفة ليزف البشرى باحتواء الأزمة السياسية، وليخسأ الخاسئون.

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق معرض العراق للكتاب

الأكثر قراءة

مقالات ذات صلة

حياتي وموت علي طالب

حياتي وموت علي طالب

غادة العاملي في لحظة تزامنت فيها الحياة مع الموت استعدت ذكريات عشر سنوات ،أو أكثر .. أختصرها الآن في ذاكرتي بالأشهر الثلاثة الأخيرة. حينما اتفقنا أناقرر هو أن يسافر ملبيا الدعوة التي انتظرها لأكثر...
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram