حازم مبيضينأثار منع عناصر من حركة حماس وفداً فتحاوياً من دخول قطاع غزة موجة من الاتهامات المتبادلة بين الحركتين بالعمل على تخريب المصالحة الوطنية, وقالت فتح إن ذلك استمرار لنهج فئة لا تؤمن سوى بمصالحها الضيقة التي يعتقد البعض أن إتمام المصالحة يتهددها, ودعت إلى عدم الخضوع لابتزاز خاطفي غزة أو الاستسلام لمحاولاتهم المستميتة لإبقاء الانقسام، واتهمت حماس الطرف الآخر بتضخيم ما جرى بشكل يوحي بأن هناك نية مبيتة من قبل أطراف في فتح للتملص من عملية المصالحة,
ودخلت منظمة التحرير على خط البيانات فدانت ما أقدمت عليه حماس باعتبار أنه لا يوجد أي سبب أو حجة تبرر فعلتها، وشددت أنه لا يوجد أي قانون على وجه الأرض يمنع مواطناً من العودة لوطنه أو التواجد فيه سوى الاحتلال، ووصفت الذرائع التي ساقتها حماس لتبرير ما حصل بالواهية والمبتذلة.أثارت الحادثة مجدداً الحديث عن انقسام في صفوف حماس بين قيادتي الداخل والخارج, ودعت فتح رئيس المكتب السياسي لحماس خالد مشعل بإعلان موقف واضح بإدانة ما أقدمت عليه عناصر حماس في غزة وتأكيد رفض هذه الممارسات وضمان عدم تكرارها, باعتبار أن ما جرى يهدف إلى تخريب وتعكير أجواء المصالحة، واتهمت فئة تسيطر على القطاع بالخوف من عودة اللحمة والوحدة لشطري الوطن, وسمحت لبعض المحللين بطرح سؤال عن جدية الجانبين في مصالحة حقيقية أم أن ما يجري هو مجرد ذر للرماد في العيون, وهل هناك فعلياً أمل في مصالحة وطنية فلسطينية, أم أن على الجانبين الاكتفاء باتفاق على أن ثمة أسساً جديدة للعلاقة بينهما, تقوم على مبدأ الطلاق بين الضفة وغزة, والتخلي عملياً عن مصالحة حقيقية وفي العمق.معروف أن حماس بعد سيطرتها على القطاع باتت صاحبة مصلحة في القضاء على فوضى السلاح نظراً لتحولها إلى سلطة فعلية وأقنعت نفسها بأن غزة استكملت تحررها وأن ليس في الإمكان تحرير فلسطين انطلاقاً من القطاع, وباتت لديها حسابات إقليمية ذات طابع تنظيمي, فهي اليوم ليست معنية بمناكفة القاهرة التي سيحكمها التنظيم الأم, وباتت مصر أقرب إليها من سورية وإيران, وهي بدأت مرحلة جديدة في مسيرتها تتركز على ضرورة إعادة ترتيب أوضاعها، لتلعب دوراً تتمناه في إطار نهوض الإسلام السياسي في المنطقة سواء كان في مصر أو تونس أوليبيا والمغرب وابتداءً تركيا ومن قبلها إيران, وعلى الصعيد الاستراتيجي فإن دحر الاحتلال لم يعد أولوية, وبات حلم القيام بدور تنسيقي بين تنظيمات الإخوان المسلمين في المنطقة الهاجس الأول عند الكثيرين من قيادات هذه الحركة.السلطة الفلسطينية ومعها فتح, تدرك بأن إسرائيل لا تريد مفاوضات حقيقية, ولا تريد دولة فلسطينية قابلة للحياة, وهي تجد نفسها مجبرة على متابعة بناء مؤسسات الدولة بغض النظر عما تريده الدولة العبرية أو الولايات المتحدة, والصمود في وجه المشروع الصهيوني الرامي لتهويد كل أرض فلسطين, وهي تدرك أن الخيارات محدودة وتنحصر في التعايش مع حماس إلى أن تقتنع القيادة الصهيونية ومعها العالم الغربي أن لا مفرّ من الدولة الفلسطينية, وأنه ليس ممكناً تجاهل أكثر من عشرة ملايين فلسطيني يحلمون بوطن مستقل, وفي الأثناء فإن التعايش لا يعني تجاهل ملف المصالحة الوطنية, ولا يعني الانجرار خلف حرتقات بعض الحماسويين الذين يتهمون فتح بما يقومون به أنفسهم من تخريب على المصالحة, وإثبات بطلان المزاعم بأن السلطة تنازلت عن مطالبها, وعادت للتفاوض المباشر في عمان, مرسلة رسالة إلى نتنياهو بعدم جديتها في موضوع المصالحة, لتيسير المفاوضات.وحتى لو كانت حماس وفتح تتحدثان عن المصالحة وتعملان ضدها فإن الشعب الفلسطيني يعرف مصلحته وسيضع في التوقيت المناسب جداً لكل من يقف في طريقها.
في الحدث: مصلحة الفلسطينيين تكمن في المصالحة
نشر في: 8 يناير, 2012: 08:14 م