وديع غزوان يبدو أن بعض بوادر الانفراج باتت تلوح في الأفق بعد جهود أصحاب العقل والحكمة المضنية ودعواتهم لحل الأزمة بمؤتمر وطني .وهنا فإن دواعي المسؤولية تقتضي التذكيربالمخاطر التي سببتها سلوكيات وممارسات غير مسؤولة من البعض وسمت العلاقات بين أطراف العملية السياسية طيلة السنوات التي أعقبت مابعد 2003 التي غلب عليها طابع الشك وعدم الثقة وما افرز من تداعيات من بينها محاولة كل طرف الاستفراد بالآخر والاستقواء عليه وإضعافه تمهيداً لإزاحته نهائياً .
الكثير نبه إلى مخاطر مثل تلك الممارسات على عملية التحول الديمقراطي في العراق الذي كان محط آمال الملايين التي كانت تنتظر من الكتل والأحزاب السياسية بمختلف توجهاتها فعلاً يعكس إيمانها الفعلي بضرورات الديمقراطية فخاب ظنها مع الأسف وفشلت هذه القوى في إعطاء نموذج حي يشيع في المجتمع وشرائحه ثقافة احترام الآخر والإصغاء إلى رأيه مهما كان مخالفاً أو متعارضاً مع منطلقات وأفكار الطرف الآخر.. منهج جديد وثقافة كان يفترض أن تتمثل في تصرفات الأحزاب الممسكة بزمام العملية السياسية بهذا القدر أو ذاك لتتولد قناعة بأنها (أي هذه الأحزاب والقوى ) يمكن أن تكون فعلا نواة التغيير الأولى في العراق . غير أن الذي حصل هو العكس تماما فقد كانت اغلب هذه القوى ، عدا التيار الديمقراطي يستغل ما وفرته السلطة من إمكانات لتأجيج الصراع في الشارع وتحويله بهذا الشكل أو ذاك لصالحه ووصل الحد لاستثمار الانتخابات وقانونها بأسوأ شكل على حساب العملية السياسية وجوهرها الديمقراطي. في ظل مثل هذه الأوضاع التي تحتاج إلى شرح مفصل لا سبيل له الآن ، لم يكن هنالك من سبيل لتحقيق الاستقرار مادامت العلاقة بين أطراف العملية السياسية بهده الشاكلة وإصرار كل واحد منهم على استثمار ما منحته الظروف الجديدة من إمكانات لإبعاد ما عدهم خصوما له وليس شركاء والمأزق الأكبر إن الكل كأنما اتفق على إبعاد التيار الديمقراطي لأنه الوحيد الذي كان من الممكن أن يصحح المعادلة المختلة ،فحوربت جماهير هذا التيار الوطني وتعرضت لمختلف الضغوطات وهي تخرج بعفوية في تظاهرات سلمية في ساحة التحرير وغيرها معبرة عن إرادة الملايين المسحوقة بالإصلاح والتغيير ، والأنكى إن كل طرف من حيتان العملية السياسية وكواسجها سعى لتشويه هذا المظهر الديمقراطي البسيط ،لذا كان مقدرا في ظل شبه غياب للصوت الديمقراطي وفي مثل هكذا أوقات أن نعيش دوامات لا تنتهي وأزمات سياسية وأمنية وغيرها فأرضيه المحاصصة لابد من أن تنبت مثل هذه الثمار المرة خاصة وان الكتل السياسية النافذة جعلت من المحاصصة قاعدة لاتفاقاتها لتتجه الأمور بالتالي إلى نتائج من بينها هذا التصعيد الخطير الذي نعيشه فأعضاء مجلس النواب تتحكم بهم تراضيات قادة كتلهم والحكومة هي الأخرى صورة مصغرة للتوافقات المشوهة والقضاء الذي يفترض أن يكون الملجأ كان عرضة للاتهامات مادامت قراراته لا تنسجم وأهواء المتصارعين والأسوأ من كل ذلك القفز المستمر على الدستور وفقراته .نعم الأزمة خطيرة جدا لكنها يجب أن تكون الفاصلة لرسم أسس ومرتكزات حقيقية ننطلق منها إلى الأمام وأن نتفق على مشترك كبير هو العراق وشعبه .. المؤتمر الوطني مهم وكلنا نتمنى نجاحه لكنه يبقى امتحاناً صعباً لايمكن عبوره من دون إرادة حقيقية للتغيير.
كردستانيات :امتحان صعب
نشر في: 8 يناير, 2012: 08:42 م