TOP

جريدة المدى > مقالات واعمدة ارشيف > في الحدث: وما أدراك ما هرمز

في الحدث: وما أدراك ما هرمز

نشر في: 9 يناير, 2012: 09:48 م

 حازم مبيضينيدرك الجميع وأولهم العالم الغربي, قدرة إيران على إغلاق مضيق هرمز، بعد استثمار الجمهورية الإسلامية في وسائل يمكن أن تتيح لها إغلاق المضيق لفترة, لكن الجميع يدرك أيضاً أن ذلك سيكون  عملاً لا يمكن السكوت عليه, لان الدول الغربية أيضاً استثمرت في وسائل تمنحها فرصة دحر الإيرانيين,
 ومنعهم من إحراز نصر في هذه المواجهة, التي تسعى إليها طهران في محاولة لتصدير أزمتها الداخلية إلى الخارج، بعد التأثيرات العميقة للعقوبات الاقتصادية الغربية على الاقتصاد الإيراني، والتي رفعت معدلات البطالة، وأفقدت العملة الإيرانية حوالي 16% تقريباً من قيمتها, إضافة إلى عديد المشاكل ذات الطابع القومي بين شعوب إيران, والذين ينشغل العالم عن قمعهم بتركيز اهتمامه على البرنامج النووي.مضيق هرمز أو ممر باب السلام ليس بحيرة إيرانية, وهو أحد أهم الممرات المائية في العالم, خصوصاً بعد اكتشاف النفط, فهو المنفذ البحري الوحيد للعراق والكويت والبحرين وقطر, وهو من وجهة نظر القانون الدولي جزء من أعالي البحار، ولكل السفن الحق والحرية في المرور فيه ما دام لا يضر بسلامة الدول الساحلية أو يمس نظامها أو أمنها, ونظراً لموقعه الاستراتيجي، فإنه ظل عبر التاريخ محل أطماع وصراع الدول الكبرى للسيطرة عليه، ومع ذلك فإن الملاحة عبره لم تكن يوماً موضوع معاهدة إقليمية أو دولية، وكانت الملاحة فيه تخضع لنظام الترانزيت الذي لا يفرض شروطاً على السفن طالما أن مرورها يكون سريعاً، ومن دون توقف أو تهديد للدول الواقعة عليه، وإذا كانت الأزمات السياسية السابقة دفعت دول المنطقة إلى التخفيف من اعتمادها على هذا المضيق, والاستعاضة بمد خطوط أنابيب لنقل النفط، فإن هذه المحاولات بقيت محدودة الأثر, خصوصاً بالنسبة إلى استيراد المواد الأخرى التي تحتاجها المنطقة.لا الدول المستوردة للنفط, ولا المصدرة لهذه المادة الحيوية ستقبل بإغلاق المضيق, وإلى حد أن واشنطن تعتبر المضيق خطاً أحمر لا ينبغي تخطيه، وإن كانت حتى اللحظة تعطي الأولوية للعمل الدبلوماسي وللعقوبات الاقتصادية على النظام الإيراني، فإنها لا تستبعد التحرك العسكري إن لزم الأمر, وتكفي نظرة سريعة إلى مياه المنطقة لاكتشاف عدد السفن الحربية الأميركية المنتشرة في الخليج، والتي لم تمنع البحرية الأميركية قبل أيام من تحرير 13 بحاراً إيرانياً, كان قراصنة صوماليون يحتجزونهم قبالة الساحل العماني، وهي بادرة أشادت بها طهران معتبرة أنها لفتة إنسانية إيجابية, لكن واشنطن تصر على أن تحذيرات إيران بإغلاق المضيق تعتبر دليلاً على ضعفها, وتظهر فاعلية العقوبات على برنامجها النووي المثير للشبهات. يخطئ كثيرون باعتقادهم أن أزمة مضيق هرمز مفتعلة, وأنها مرتبطة بسباق التسلح, وهي بذلك تخدم المصالح الاقتصادية للدول الغربية وروسيا، وهي فرصة للغرب للخروج من أزمته الاقتصادية الخانقة ببيع كميات من الأسلحة وإبرام صفقات ضخمه, وهم بذلك كأنما يتهمون طهران بالتواطؤ مع الشيطان الأكبر, وأنها في نهاية المطاف ستكتفي بإطلاق التهديدات الجوفاء, كما فعلت حين توعدت بتدمير إسرائيل, ويتجاهلون أن ما يجري ليس مجرد تهديد لأمن المنطقة سياسياً وعسكرياً واقتصادياً, بقدر ما سيكون شرارةً لفتنة طائفية تجتاح المنطقة, وتلك هي النقطة الأكثر خطورة, والتي تبدو اصطفافاتها ماثلة لكل ذي بصيرة, ابتداءً من التوتر الطائفي في العراق ولبنان وسوريا والبحرين وصولاً إلى اليمن, وليس انتهاءً بما تشهده الجمهورية الاسلامية من توترات على هذا الصعيد, وإذا كانت طهران قادرةً على إغلاق المضيق, وذلك ليس عملاً بطولياً, فهل هي قادرة على تحمل النتائج والتبعات.   

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق معرض العراق للكتاب

الأكثر قراءة

مقالات ذات صلة

حياتي وموت علي طالب

حياتي وموت علي طالب

غادة العاملي في لحظة تزامنت فيها الحياة مع الموت استعدت ذكريات عشر سنوات ،أو أكثر .. أختصرها الآن في ذاكرتي بالأشهر الثلاثة الأخيرة. حينما اتفقنا أناقرر هو أن يسافر ملبيا الدعوة التي انتظرها لأكثر...
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram