وديع غزوان لم تكن الفرصة لي سانحة كثيراً للاطلاع على معالم العاصمة الأردنية عمان بسبب طبيعة وظروف الزيارة ،غير أن الملاحظة الأبرز التي لا تغيب عن ناظر أي زائر إن ما منطقة إلا وفيها عراقي اختار العيش بعيدا عن وطنه لأسباب متعددة ولكل واحد منهم قصة وحكاية .
وقد تكون من أكثر المناطق الآهلة بالعراقيين هي مايسمى هناك بوسط البلد التي اصطحبني إليها احد الأقرباء وهي تجمع بين التراث والحداثة، فإلى جانب المدرج الروماني والمسجد هنالك الأسواق الشعبية الشبيهة بأسواق الصدرية والشورجة عندنا كما أن هنالك شارع الصاغة القريب الشبه بمحال الكاظمية حيث ضيفنا احد الصاغة وكان من الطبيعي أن يكون محور الحديث والتساؤلات عن العراق، وخلال الحديث بادر احد العراقيين الجالسين ممن تربطه بصاحب المحل علاقة وطيدة بالحديث عن أربيل وكردستان وما تشهده من استقرار وأمن واستذكر أيام خدمته العسكرية في جبال ومناطق كردستان وما تعرض إليه أهلها من ظلم لكنهم مع ذلك تجاوزوا النظر إلى الماضي وتطلعوا إلى المستقبل ليبنوا تجربة من حق كل عراقي أن يفتخر بها .فقد تناسوا الأحقاد ورسخوا قيم المحبة التي بدونها لا يمكن للبناء أن يشمخ .صاحبي هذا تساءل عن سبب عدم الاستفادة من هذه التجربة لكي ننعم في بغداد بجزء من هذا الاستقرار الأمني ومظاهر التوجه الحقيقي نحو حياة كريمة ،وأخذ يتحدث بأسى وحسرة عن الظروف التي اضطرته لاختيار العيش في عمان مع أهله وكيف تعرضت حياة ابنه وابنته إلى الخطر على يد أفراد ميليشيات مسلحة ما اضطره إلى مساومته والاتفاق على إطلاق سراحهم مقابل (خمسة دفاتر من الدولارات ).عرض هذا العراقي المهاجر صورتيهما التي يحتفظ بهما في الموبايل وآثار التعذيب واضحة عليهما وأضاف أنا لست من أزلام النظام السابق ولم أنتم إلى أي حزب سياسي بأي شكل من الأشكال ومع ذلك تعرضت لكل هذا الظلم رغم إنني كنت أعمل موسيقيا بسيطا فقد تم اغتيال والدي العاجز وخطف ابني وابنتي من اجل المال وتم الاستيلاء على كل ما لدي فضاقت بي السبل فلم أجد غير الهرب بعائلتي إلى الأردن بعد أن سيطر آخرون على منزلي وأجبرونا على بيع قطعه الأرض التي نملكها بثمن بخس.مرة أخرى يتساءل بحرقة عن سبب وسر عدم استفادة المسؤولين في بغداد من تجربة إقليم كردستان بل محاولة البعض تشويه صورته الجميلة ،مضيفا ليس العيب أن نستفيد من تجربتهم ولكن كل العيب أن تبقى بغداد ومحافظات العراق الأخرى بما هي عليه من سوء في الخدمات وعدم الاستقرار في الأمن ، فهل من أمل في أن تعود لعاصمتنا صورتها التي كنا نعرفها بها من كل العواصم والمدن ونعود إليها مطمئنين بعد كل سنوات التعب في الغربة ؟! مضيّفنا الأردني تساءل قائلا :ألا يريد الكرد الانفصال عن العراق ؟قلت مع صاحبي بلغة واثقة :لقد أثبتت السنوات الماضية أنهم عامل استقرار ومتمسكون أكثر من الأدعياء بوحدة العراق وأرضه
كردستانيات :كـردسـتـان وأمنية عراقي مهاجر
نشر في: 10 يناير, 2012: 09:24 م