بغداد/ المدىيعد سوق اليهود الذي يقع وسط مدينة سامراء من أقدم أسواق المدينة، وأطلقت على السوق تلك التسمية لأن غالبية ساكنيه قبل أربعينيات القرن الماضي كانوا من اليهود العراقيين.فيما يسبق تسميته بسوق اليهود اسم آخر هو سوق (الحجاج) نسبة إلى مكان تجمع الحجيج قبل الذهاب إلى الأراضي المقدسة كل عام.
واشتهر وتميز هذا السوق بتنوع وتعدد المحال والدكاكين التي بدأت متواضعة بما تعرض وتقدم من خدمات ثم ازدهرت في ستينيات القرن الماضي فأصبح حينها سوقا تجاريا معروفا ينعم بنشاط اقتصادي واسع إلى جانب ضمه المقاهي والبيوت التي امتلكها بعض أهالي سامراء بعد ترحيل اليهود منها فولدت ونشأت فيه شخصيات أضحت أسماء وأعلاما بارزة في الفقه والدين والسياسة والأدب والعلوم والمجالات الأخرى. ويقول الحاج احمد عبد الرزاق 60عاما والذي يسكن مع عائلته في منزل متهالك كان في السابق معبدا للديانة اليهودية في السوق لوكالة كردستان للإنباء إنهم من أقدم من سكن السوق بعد رحيل اليهود منه.واستطرد الحاج عبد الرزاق أنهم عندما سكنوا المعبد وجدوا كتبا دينية يهودية مثل التوراة حيث رموها في نهر دجلة القريب من السوق خوفا من حرمتها فيما كان يحتوي هذا المكان أيضا على نقوش وأبواب وإشارات تم إلغاؤها، خاصة بعد أن أصبح على وشك السقوط فاضطروا إلى اعادة ترميم المنزل وإلغاء بعض الأشكال القديمة التي وجدوها عليه. وتستذكر زوجة الحاج احمد عبد الرزاق عندما كانت صغيرة حيث تأتي من منزلها القريب إلى سوق اليهود لتحضر هي وصديقاتها الطقوس التي كانت تقام هنا داخل المعبد من دق الطبول وطقوس أخرى تقام جانب المذبح، ذكريات تقول انها لا تنسى. ورحل اليهود وأسقطت الجنسية عنهم في نهاية أربعينيات القرن الماضي مع بداية الخمسينيات الى اسرائيل وكان اليهود يشكلون 2.6% من سكان العراق عام 1947 في حين ان نسبتهم انخفضت الى 0.1% في عام 1951." وباع معظم اليهود أملاكهم المكونة من منازل ومحال وغيرها إلى السكان الآخرين المجاورين لهم حيث يعيشون اليوم فيها، لكن سكانه الحاليين باتوا يعانون مشاق كثيرة في هذا السوق خاصة بعد 2006 و2007 وحتى يومنا هذا وذلك بسبب الإجراءات الأمنية الاحترازية لقرب السوق من مرقد الإمامين علي الهادي والحسن العسكري. ويقول جعفر حامد (35عاماً) صاحب متجر لبيع الانتيكات في سوق اليهود نحن نمتلك أنا وإخوتي أكثر من محل في السوق لكني الوحيد الذي بقيت هنا أبيع بضاعتي من الكتب والانتيكات والتحفيات والكماليات التراثية من بين إخوتي." وأضاف حامد "في السابق كان سوق اليهود يشابه الأسواق في بغداد من حيث شدة الازدحام، كان مشهوراً في حينه، إلا أن أصحابه غادروه بسبب سوء الأوضاع الأمنية وإغلاق الشوارع المؤدية إلى السوق والمضايقات التي يتعرض لها الزبائن أثناء الذهاب والإياب، وبالتالي أصبح السوق مهجوراً". وأدرجت منظمة اليونسكو، سامراء ضمن أحدث المواقع المضافة من العراق في قائمة التراث الإسلامي، وذلك لان مدينة سامراء الأثرية، إحدى عواصم العباسيين، وفيها مسجد يعود إلى القرن التاسع للميلاد بمنارته الملوية الشهيرة. وقد أدرجت عام 2007 على قائمة التراث العالمي، وقائمة التراث العالمي المهدد بالخطر.
سوق اليهود في سامراء يعاني الإهمال
نشر في: 11 يناير, 2012: 10:43 م