لطفية الدليمييعتبر السؤال عن العمل أو الدين أو الانتماء السياسي أو الطائفي في بلدان العالم المتحضر نوعاً من سلوك عنصري - فلو سأل رجل شخصاً آخر عن دينه أو قوميته أو طائفته فإن السؤال يعدّ تصرفا عنصريا جارحا ومهينا للشخصية الإنسانية ، ومن حق الشخص إقامة دعوى ( سلوك عنصري ) على الرجل السائل ، و في بريطانيا وفرنسا وألمانيا ودول أخرى يحتفظون في السجلات الرسمية بخانة العرق فقط ، كأن تكون إفريقياً أو هندياً أو بنغالياً أو كاريبياً أو عربياً أو يابانياً أو صينياً ،
ولايسألك احد عن الدين فذلك جزء من حريتك وخيارك الشخصي ، إلا في سجل دخول المستشفى من أجل الطعام ، فالهندي نباتي لايتناول اللحوم والمسلم لايتناول لحم الخنزير وتثبت خانة الدين في سجلات المستشفى من اجل طقوس الدفن أيضا.في مجموعتنا (بغداد الفتاة) الخاصة بمشروع دعم وإعادة إحياء الطابع المدني والحضاري للمدينة العراقية، وفي المقدمة منها العاصمة (بغداد)، بما يتقاطع مع كل المشاريع الطائفية التي جرت الويلات على البلاد وقضت على البعد المدني فيها نعمل معا ضد الموجة الطائفية التي أغرقت البلاد بالدم والخراب والتناحر وفي إطار الحوارات الدائمة بين ناشطي المجموعة التطوعية نبحث عن السبل الممكنة للوقوف بوجه المد الطائفي وتقديم مقترحات عملية للحد من الظاهرة ..(في هذه الصفحة تجد نص بيان مجموعة "بغداد الفتاة" لمناهضة الطائفية ـ المحرر).ويبدو لي من جهتي إننا لابد من أن نبحث عن وسائل لتفكيك ثقافة العنصرية والطائفية ،وأرى أن أول الوسائل هي الالتفات إلى تغيير وتنقيح المناهج المدرسية من الطروحات الطائفية بدءا من صف الروضة وسيكون الأساس العملي والحقيقي لتفكيك النزعة الطائفية التي استشرت في جسد المجتمع العراقي ، ولو تفحصنا المناهج الراهنة لوجدناها تكرس الطائفية والعنصرية وتغرس في عقول الصغار النزعات الطائفية والعرقية وهي مسؤولية يتقاسمها المنهج ومفرداته مع المدرسين والمدرسات والأسرة بنفس القدر، ونتمنى أن تتشكل مجموعات ضغط مدنية من جهات غير مسيسة -لتخاطب وزارة التربية لعلها تلتفت هي والمشرفين على إعداد المناهج إلى تغليب فكرة المواطنة والانتماء للعراق بدل التأكيد على الانتماءات الفرعية ، ففكرة المواطنة هي الرافعة الحقيقية للعلاقات السليمة بين أبناء المجتمع العراقي وكلما ازداد التأكيد عليها ، تضاءل التأثير الطائفي الذي يشترك في إشاعته البيت والمدرسة والخطاب السياسي لجميع التوجهات ، ولايكفي أن يعاد النظر في المناهج التربوية الراهنة بل نتمنى أن تتشكل مجموعات ضغط على البرلمان المنتخب – لسنّ قانون يضيف مادة إلى الباب الثاني ( الحقوق والحريات ) الفصل الأول –الحقوق -المادة 14 التي تنص على "العراقيون متساوون أمام القانون دون تمييز بسبب الجنس أو العرق أو القومية أو الأصل أو اللون أو الدين أو المذهب أو المعتقد أو الرأي أو الوضع الاقتصادي أو الاجتماعي " فتحرم المادة المضافة : السلوك العنصري والطائفي ويحظر السؤال عن الدين والقومية والطائفة.. قد ينفع العمل الميداني في التثقيف بفكرة التآخي والمساواة وقبول المختلف لكن سن القوانين يجعل الناس أكثر التزاماً إزاء المساءلة القانونية ويمكن أن ينجح العمل الميداني في بلدان لها قاعدة شعبية متعلمة ومتنورة ،أما في البلدان المبتلاة بالأمية والتجهيل المتعمد مثلنا فتساعد القوانين على تغيير الواقع وتطويره – ويمكن أن ينصاع المواطنون للقانون إذا رافقته حملة شعبية تثقيفية - تبدأ من إعادة النظر في المناهج التربوية ولا تنتهي بسن القوانين بل تنطلق منها لإرساء النظرة الإنسانية وترسيخ فكرة المواطنة التي أزاحتها النزعات الشوفينية والطائفية المغالية.
كيف نفكّك الثقافة العنصرية والطائفية؟
نشر في: 15 يناير, 2012: 06:35 م