وديع غزوان رغم توقع تأجيل المؤتمر الوطني الذي لم تتهيأ بعد أرضية نجاحه بعد ، فإن المواطنين شعروا بخيبة أملهم من تصريحات السياسيين المتضاربة وغير الدقيقة التي تعكس عجزهم عن إدارة عملية التحول الجديد للعراق نحو الديمقراطية وفشلهم في إعطاء صورة للمستقبل يمكن أن يطمئنوا إليها . لايمكن لأحد أن يتجاهل التحديات الكبيرة التي واجهت العملية السياسية ،ومن أبرزها إن عملية التغيير جاءت بفعل الخارج وهو نمط غير مألوف لدى العراقيين ،
لكن هذا ليعطي مبرراً وغطاءً للأخطاء الكبير ة التي ارتكبتها أطراف من الكتل السياسية التي شاركت الاميركان كما يفترض في عملية إدارة شؤون العراق وصولاً إلى توقيع الاتفاقية الستراتيجية وما تبعها من إجراءات منها :امتلاك العراق لسيادته كاملة . ولكي لايكون حديثنا رجماً بالغيب ، فان الصراحة تقتضي القول إن اغلب الكتل السياسية ،كما يبدو، لاتمتلك حتى الآن برنامجا واضحاًً ورؤية لعملية التحول ما جعلها تتخبط في برامجها السياسية والاقتصادية والاجتماعية ، بل أنها وقفت عاجزة عن الاحتفاظ بعلاقات طبيعية مع حلفاء الأمس وصارت الصراعات والاختلافات على المقاعد وليس غيرها ، سمة هذه العلاقة . وإذا كان من الطبيعي أن يتوالد عن عملية التنافس على السلطة والاستحواذ على اكبر المقاعد البرلمانية والحكومية اعتيادياً في ظل ما تفرزه نتائج الانتخابات ، فإن الشيء غير الطبيعي والمتناقض لأي توجّه ديمقراطي ، هو أن يتخندق كل طرف بالشعارات الطائفية والمذهبية والعشائرية للفوز ، فبدأت تتلاشى تدريجياً تلك المفاهيم الوطنية الموحدة ، لتحل مكانها أخرى نقيضة لكل ما اعتاد عليه المجتمع العراقي . في الديمقراطية تكون المواطنة هي القيمة الأعلى وليس سواها وتسود ثقافات تشجع التباين والاختلاف في وجهات النظر في عملية البناء الجديد ، ولكن على أسس تغلب عليها مصلحة العراق ومستقبله . في كل دول العالم الديمقراطي هنالك اختلافات كثيرة تزداد حدة كلما اقترب موعد الانتخابات ، غير أنها تبقى في إطار نظرة واسعة وستراتيجية يشعر فيها المواطن بأنها تصب في خدمة الوطن و مصلحته أولاً وآخراً ، لذا لا تجد حزباً هنالك يمكن أن يحمي مفسداً أو يتستر عليه مهما كان موقعه لأنه سلوك يتناقض وأبسط شروط ومفاهيم المواطنة ، على عكس ما نراه عندنا من اختلافات وصراعات سادت فيها النظرة الفئوية والحزبية والمحاصصات الطائفية ، فغاب عنها البر نامج الوطني السليم ، لذا ترانا نؤكد دائماً ضرورة إشراك التيار الديمقراطي ليأخذ مجاله في العملية السياسية . فهذا التيار الذي لم يأخذ فرصته وتعمد البعض إبعاده عن المشهد السياسي ، يمتلك أفقا وتجربة وخبرة تؤهله للمشاركة في إصلاح ما شاب العملية السياسية من أخطاء بل خطايا ، ليس مهماً منح شخصيات من هذا التيار موقعاً رسمياً ،بل الأهم عدم التفريط بطاقاتها على الأقل في المجال السياسي ، ومن تجربتنا المتواضعة فإن شخصياته زاهدة أصلا في أي منصب ، لكنها ومعها الكثير تأسف لإبقائها من دون أي دور رغم إن العراق يحتاج إلى من يأخذ بيد كل أبنائه ليساهموا بعملية بنائه .. إنها طاقات معطلة فاستفيدوا منها في المؤتمر الوطني أو غيره .
كردستانيات :طاقات معطّلة
نشر في: 15 يناير, 2012: 09:50 م