TOP

جريدة المدى > مقالات واعمدة ارشيف > العمود الثامن: صورة الهاشمي في جيب المالكي

العمود الثامن: صورة الهاشمي في جيب المالكي

نشر في: 15 يناير, 2012: 11:25 م

 علي حسين تأملوا معي الصورة المنشورة  في الصفحة الثالثة من عدد المدى لهذا اليوم .. دققوا  جيدا في هذه اللحظة "التأريخية" التي تشابكت فيها الايادي وانظروا الى ابتسامة المالكي التي توحي بالرضى ،  تلك الصورة التي مضى عليها عام واحد فقط تكشف لنا بالدليل القاطع إننا نعيش عصر الساسة الذين حولوا الحق إلى ضلالة والحياة إلى جحيم يكتوي بنارها معظم العراقيين ، الصورة تخبرنا بوضوح  إن ما بين الرجلين من وشائج أكبر وأعمق من خلاف عابر على قضية تافهة اسمها "العبث بدماء العراقيين".
لا أدري ماذا سيقول  المالكي عن الابتسامة المشرقة التي  تعلو وجهه وهو يهم باحتضان الهاشمي، أعتقد أنه الآن يحفظ ملامح وتضاريس وجه غريمه عن ظهر قلب، وإن كان قد نسيها فعليه أن يضعها في جيبه حتى لا نقع معه في الفخ مرة أخرى، ونصدق ما يقال في المؤتمرات الصحفية من ان الرجلين لم يكونا على وفاق في يوم من الأيام.  والاهم ان لا نصدق بعض السياسيين وهم يهرفون بالدستور والعدالة، في حدود معلوماتي المتواضعة فان الصورة التقطت للرجلين بتاريخ 12/10/2010  في تلك الأيام،  وحسبما اخبرنا المالكي في مؤتمره الصحفي الأخير انه كان يملك ملفا عن "جرائم تتصل بالهاشمي" عمر الملف 3 سنوات، لكنه توقف عن تحريكه حرصا على استمرار العملية السياسية حسب قوله ، ودعوني أسأل سؤالا بريئا اذا كان الملف موجودا والهاشمي حسب ما جاء في الملف قاتل محترف ومجرم بامتياز، فهل دماء العراقيين رخيصة للدرجة التي  تدفع رئيس وزرائهم المنتخب الى الطبطبة على كتف صاحب الملف الملغم؟ عندما  سقط تمثال "القائد الضرورة" في ساحة الفردوس اعتقد الناس ان ابواب  الامل والتفاؤل بالمستقبل قد  فتحت وان شمس الديمقراطية والعدالة الاجتماعية التي حجبها ظل الزعيم الأوحد  قد أشرقت على العراق من جديد، وان عصرا جديدا خاليا من الفساد والاستبداد آتٍ، وبالتالي فان النظام السياسي الجديد سيرسم معالم مستقبل جديد للبلاد، لكن لم تمض شهور حتى اخترعوا لنا اكثر من فزاعة ، وبدأوا في السعي الى ترهيب الناس  وإثارة فزعهم ليل نهار من ان أمنهم معرض للخطر،  وان الأعداء يتربصون بهم وان المؤامرات تحاك ضدهم فادخلوا العراقيين حرب داحس المالكي وغبراء علاوي، هكذا اقدم سياسيو البلاد على العبث بإرادة ومستقبل الناس فاخترعوا لنا برلمانا هزيلا وتركيبات حكومية  فاشلة جرّت البلاد  إلى سرداب الخيبات وأنفاق العتمة التي لا ضوء في نهايتها. كان العراقيون يعتقدون أن الدكتاتورية ونظام صدام هما الخطر الأكبر على مستقبلهم، فاكتشفوا ان حولهم سياسيين ومدعي سياسة  هم اليوم أكثر فتكا واشد خطرا، ساسة مثل الوباء يعرف كيف يلف ويدور، ينافق على هذا ويشتم ذاك ويتلون بكل الألوان.صورة المالكي وهو يحتضن الهاشمي بكل هذا الود والترحاب  تضعه للأسف في منطقة رمادية ليس لها تضاريس واضحة، وأزعم أن التناقض بين الصورة وما جرى قبل اسابيع  يضعنا امام اكثر من علامة استفهام. أعرف وكما يعرف ملايين العراقيين أن المصيبة فادحة، وأن ما جرى بحق هذه البلاد فوق الاحتمال، اليوم نتسأل هل نصدق الصورة أم نصدق مؤتمر المالكي؟ أم  سنكشف ولو متأخرا إن ما جرى هو طبخات للاستخدام وملء فراغ أدمغة الناس الحائرة ؟ هل نصدق ان مؤتمرا سيعقد بين أصحاب الصورة سيزيل آثار الحريق، وسيعيد البسمة الى وجوههم المتشنجة وهم يعلنون برنامج الاحتفال  بالمصالحة التاريخية، وما هي الصورة الجديدة التي ستوزع فيها الابتسامات ، وما هو المخطط الجديد  الذي سيخرج من اروقة الساسة، والذي يضعنا في اتون ازمة جديدة؟ متى سيكون الحريق القادم؟ قبل أم بعد فقرة الأقاليم؟السيد المالكي شاهدنا هذه الصورة... فمتى سنشاهد الصورة الأخرى؟ ومن سيكون بطلها؟

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق معرض العراق للكتاب

الأكثر قراءة

مقالات ذات صلة

حياتي وموت علي طالب

حياتي وموت علي طالب

غادة العاملي في لحظة تزامنت فيها الحياة مع الموت استعدت ذكريات عشر سنوات ،أو أكثر .. أختصرها الآن في ذاكرتي بالأشهر الثلاثة الأخيرة. حينما اتفقنا أناقرر هو أن يسافر ملبيا الدعوة التي انتظرها لأكثر...
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram