وديع غزوان مع أن الوقت يتطلب تهدئة قد تفضي إلى نجاح الجهود المبذولة للملمة أذيال الأزمة الخطرة التي يمر بها العراق ، فإن البعض يصر على مواقف استعراض القوة والإيحاء بأنه الوحيد على صواب وما على الآخرين إلا الطاعة والإذعان لما يراه هو وليس غيره . ورغم أن تجربتنا كمواطنين أثبتت عدم إمكانية الركون إلى البيانات والوعود التي يطلقها هذا الطرف أو ذاك ، فإن المنطقي وفي ضوء الأوضاع التي نعيشها فقد كان يفترض استقبال إعلان صالح المطلك الاستعداد للاعتذار إلى رئيس الوزراء المالكي أو الاستقالة من منصبه إذا ثبت ،
على وفق قرار لجنة محايدة ، خطأه ، بشيء من الحكمة والعقلانية وعدم التسرع ، خاصة وإنها جاءت متزامنة مع الاجتماع الأول بين رؤساء الكتل وممثليهم بشأن التحضير لعقد المؤتمر الوطني الذي دعا إليه الرئيسان جلال طالباني ومسعود بارزاني و عمار الحكيم ومقتدى الصدر وغيرهم . وبعيداً عن الانحياز لجهة على حساب أخرى ، وانطلاقاً مما نجده يصب في مصلحة العراق وشعبه ، فقد وجدت كمواطن تصريحات النائب إحسان العوادي لـ " المدى " ومطالبته بعودة ( هيئة المساءلة والعدالة باجتثاث المطلك كونه ما زال متمسكاً بالأفكار البعثية ) ، غير مناسبة ولا منطقية ، ويشم منها رائحة الاستعلاء والغرور وتقييم الأمور على وفق اجتهادات الطرف القوي كما يتوهم أصحابها ، كما أنها متناقضة جداً مع موقف دولة القانون من النائب حسين الأسدي الذي استغل ظروف استضافة رئيس الجمهورية طارق الهاشمي ، ونصب نفسه خبيراً قانونياً ، والأسوأ إن الأسدي لم يكتف بذلك بل رفض الاعتذار وقال وقتها إن التحالف الكردستاني فهم توضيحاته اعتذاراً وهي ليست كذلك بحسب ما أشار إليه وقتها ، والأغرب إن آخرين استندوا إلى الحرية التي يكفلها الدستور لكل مواطن للتعبير عن رأيه في تبرير تصريحات الأسدي ! ومعروف الموقف الحكيم للتحالف الكردستاني وللرئيس طالباني من الموضوع الذي كنا نتمنى أن تستفيد منه الأطراف الأخرى وتبني على ضوئه مواقفها المستقبلية . لانريد أن نعود إلى تلك الحادثة مرة أخرى لكننا بودنا أن نشير إلى أن تصريحات البعض تفضح طبيعة السلوك الخاطئ لهم وتعطي دليلاً على طبيعة التعامل المزدوج في النظر إلى قضايا كبيرة وحساسة سبق أن تم التنبيه عليها في " المدى " في أكثر من مناسبة ،ولكن من دون جدوى . فقد أعطانا العوادي مثلاً آخر على سوء استغلال التوافقات والتفسيرات المشوهة لها و مثل تلك التصريحات تعزز الثقة بإجراءات وممارسات بعض الأطراف لأنها في احد أوجهها تعني أن قرار إلغاء اجتثاث المطلك وآخرين تم على وفق صفقة مصلحية ضيقة وإن الكثير من قرارات الهيئة مسيسة ، ولاغرابة في ذلك حيث يعرف القاصي والداني إن عدداً غير قليل استثنوا من إجراءات الاجتثاث ولم يرف لهم طرف عين كونهم مقربين من هذا المسؤ ول أو ذاك وبقوا يتمتعون بامتيازاتهم بل ربما أكثر مما كانوا يحصلون عليه إبان النظام السابق ، في حين أن الآلاف من صغار الموظفين حرموا هم وعوائلهم من مصدر رزقهم ولم يشفع لهم أي شيء . لانريد أن نسترسل أكثر ونكتفي بدعوة الجميع لمراجعة مواقفهم السابقة لأنهم كثيراً ما أوقعوا أنفسهم في مطبّ التناقض المعيب .
كردستانيات :الأسدي والمطلك وما بينهما
نشر في: 16 يناير, 2012: 08:05 م