د. مهند البرّاكبعد إعلان رئيس الوزراء عن الملاحقة القضائية لنائب رئيس الجمهورية الهاشمي و ذهاب الأخير إلى إقليم كردستان، و إعلانه عن تنحيته نائبه المطلك، و الاثنان من قادة كتلة " العراقية ". و في ما تجري الأعمال التحضيرية لعقد المؤتمر الوطني للتفاهم ـ خاصة بين العراقية ودولة القانون ـ بجهود طالباني رئيس الجمهورية، يتوسع الشق و يزداد تباعد الكتل الثلاث المتنفذة...
وأفادت تقارير بأن رئاسة الوزراء أخذت تجري تغييرات كبرى في هيكلة و ابعاد و تعيين وترقيات في مناصب كبرى و خاصة في القوات المسلحة ـ الجيش و الأمن ـ كان أبرزها تغيير رئيس أركان الجيش الفريق الزيباري من كتلة التحالف الكردستاني.. لصالح كتلة رئيس الوزراء و أقارب لأعضاء فيها، بدون مسوغات معمول بها، وسط تحفظات لجنة الأمن و الدفاع النيابية و استغراب ابرز حلفاء كتلة السيد المالكي من كتل الائتلاف الوطني، وفق تصريحات لناطقين باسمها .. في وقت تتواصل فيه تصريحات و تلميحات و تهديدات يُتراجع عن بعضها من قبل أعضاء بارزين في كتلة دولة القانون تجاه التحالف الكردستاني سواء تجاه قادته أو تجاه حقوق إقليم كردستان، آخرها التلويح بقطع الميزانية عن الإقليم و كأنما هي هبة من الحكومة الاتحادية في بغداد أو من رئاسة الوزراء في بغداد.. ليترك كل ذلك بتقدير أوسع الأوساط، آثاراً ضارة بالوحدة الوطنية، ويزيد من مخاطر مشاعر الفرقة و من التفكير بالانفصال عن آلية عدم الاهتمام بإيجاد حلول توافقية تتسم بالاعتدال لخدمة كل الأطراف من اجل أن تسير البلاد نحو الاستقرار والأمان والسير على طريق إيجاد حلول للبطالة والفقر والخراب، على طريق التحرر والتقدم لصالح عموم الشعب بكل أطيافه القومية و الدينية و المذهبية والفكرية.. ويرى مراقبون إن تزايد حدة الصراع الأميركي الإيراني مؤخراً، الذي زاد منه إقامة تركيا الدروع الصاروخية وفق خطط الناتو في مواجهة النشاط النووي الإيراني المتصاعد، وعلاقة ذلك بتطورات القضية الكردية في العراق وإيران وتركيا و سوريا.. يدفع بالبلاد إلى السير بطرق متناقضة تهدد بتصاعد العنف مجدداً على سكة المحاصصة الديموغرافية.. أبرزها طريقان: طريق ولاية الفقيه الإيراني وحكم طائفة الأغلبية الديموغرافية المهددة بالعودة إلى الدكتاتورية العنيفة، وطريق التوافق والتمدن الاجتماعي والسياسي السلمي،حيث يتزايد تمحور صراع القوى الدولية والإقليمية على هذين الطريقين المتصارعين.. الصراع الذي يهدد باستغلال فرقة القوى العراقية على أسس طائفية وعرقية، بعد تزايد حدة المواجهات في سوريا الحليف الأساسي لحكم ولاية الفقيه في المنطقة، ومؤشرات تزايد حراجة النظام الإيراني بالحصار وفق وكالات الأنباء العالمية و الإقليمية الأوسع انتشاراً.. الحراجة التي قد تزداد حدة إن نجح التحالف الغربي بكسب الصين إلى الحصار أو إلى موقف مستقل في الهيئات الدولية، بعد نجاحه بكسب اليابان التي أعلنت انضمامها إلى مقاطعة النفط الإيراني..وفيما تؤكد الأطراف العراقية بأطيافها أهمية وحدة الصف الوطني على أساس الدستور لمواجهة الحرائق المهددة.. تتساءل أوساط واسعة لماذا لا تستفيد الحكومة الاتحادية من التجربة الكردستانية التي استطاعت إبعاد الإرهاب عن إقليم كردستان و إبعاد شبحه كلما يلوح مجدداً، حيث استطاعت أن تضيّق عديداً من الخلافات و أن تتوصل إلى حلول متواصلة ـ بعضها مؤقت ـ، كلما التهب الواقع المتربص المحيط بها سواء كان من جهات و شخصيات حكم عراقية في بغداد و تلكئها في حل المادة 140 وإيجاد حلول لقانون النفط و الغاز، أو بسبب مواقف الأنظمة الحاكمة المحيطة الأخرى. واستطاع برلمانها أن يتقبل وجود معارضة برلمانية كردستانية، على أساس وحدة الموقف من القضية المشتركة على صعيد الإقليم و التمسك بقيام الدولة العراقية المدنية الفيدرالية الاتحادية.. رغم مواقف متنوعة الدرجات من ذلك، سواء داخل أو خارج الإقليم..وعلى الصعيد الشعبي فإنها تنجح ـ رغم نواقص و أخطاء تسعى لحلّها ـ.. في مواجهة تركات ماضٍ قاسٍ أحاط ويحيط بها منذ عقود طويلة، حتى اليوم.. واستطاعت الحفاظ على كيانها بتنوعه، باتباع المرونة والوسطية رغم تجاوزات حدثت وتبودلت من الأطراف المعنية من جهة، و بسبب نشاطات وصولية وانتهازية تسعى لتحقيق أعلى الأرباح على حساب الصالح العام، مدعومة في ذلك من بيوتات إقليمية و دولية من جهة أخرى.. إلا أنها استطاعت أن تبقى ملاذاً للتقدميين و التحرريين والمضطهدين بسبب الدين و المذهب والفكر في العراق.. في الظروف المتشابكة التي يمر بها الإقليم والبلاد والمنطقة. حتى أصبح إقليم كردستان أحسن حالاً من بقية أجزاء البلاد.. باعتراف الغالبية الساحقة من السياسيين ووجوه المجتمع العراقي بأطيافه، و بتوجه اللاجئين من الظلم إليه.. وإلا فإن تواصل القلق من عدم الاستقرار، والخوف من العودة إلى الإرهاب قد لا يدفع إلى الفيدراليات وفق الدستور فحسب.. وإنما قد يدفع إلى تمزق البلاد إلى كيانات تتأرجح على تغيّرات ميزان القوى الإقليمي والدولي، الذي لا يؤدي إلا إلى نزيف ومحن اكبر.. بوجود تشجيع و حواضن للتمزيق إقليمية و دولية.. سواء بالإغراء أو بالإرهاب.
من أجل مواجهة الصراع الخطير!
نشر في: 17 يناير, 2012: 07:44 م