TOP

جريدة المدى > مقالات واعمدة ارشيف > عـالَـم آخــر :الجيش كله يفتش الشعب كله

عـالَـم آخــر :الجيش كله يفتش الشعب كله

نشر في: 17 يناير, 2012: 09:33 م

 سرمد الطائي يقول السيد محمد العسكري الناطق باسم وزارة الدفاع، ان تنظيم القاعدة يوشك “على ان يتلاشى” في العراق، وقريبا ستشهد البلاد استيراد “سيارات” قادرة على كشف المتفجرات ما سيضع حدا لسيل المفخخات. وهذا جزء مما قاله خلال برنامج تلفزيوني جمعني به للحديث عن الامن. والرجل خبير يدلي بآراء فنية، اما انا فلم اكن سوى معلق يحاول التذكير بتصريحات كبار القادة التي كانت محبطة احيانا، بقدر احباط كل هذا العنف الذي نزل علينا بعد فترة طويلة من “الامن الهش” و”الهدوء النسبي”.
حاولت ان اعيد التذكير باعترافات كبار المسؤولين بشأن ضعفنا الاستخباري والفني. وعلى سبيل المثال فإن السيد عدنان الاسدي وكيل وزارة الداخلية وحليف المالكي، قال قبل شهرين اننا خسرنا 70 ساعة طيران اميركية كانت تغطي المحافظات الساخنة “تكريت والموصل والرمادي وديالى” وتزودنا بمعلومات هامة، وهكذا فان انسحاب اميركا جعلنا “عميانا” في تلك المساحات على حد تعبيره، اذ لا تتمكن القوات العراقية الا من التعويض بنحو 3 ساعات طيران. وإذا كنا بمثابة رجل اعمى في اهم 4 محافظات على المستوى الامني، فإن من الطبيعي ان نشهد كل هذه الخروقات. والمشكلة تكبر حين نفكر بأن سماءنا الفاصلة بين طهران وتل ابيب ظلت بلا غطاء جوي، وان التوتر الاقليمي قد يغري اكثر من بلد بالتوغل في سماوات ظلت بلا حسيب ولا رقيب. السيد عدنان الاسدي قال كذلك وقبل سنة تقريبا، ان العراق يمتلك 14 جهاز معلومات (مخابرات) لكن هذه الوكالات لا تنسق فيما بينها وتتلكأ في تبادل المعطيات الضرورية، ما يؤخر تعاملها مع المسلحين الذين يتحركون برشاقة في البلاد.وحين بدا ان وزارة الداخلية تعترف بالخلل (على العكس من وزارة الدفاع التي تحب التظاهر بالقوة)، راح صديقنا العسكري يحاول “تأويل” تصريحات الداخلية. فمشكلة “العمى الجوي” حسب العسكري، “منحصرة في جبال حمرين لا في 4 محافظات”، وهو امر سهل اذن، اما وكالات المعلومات التي تتلكأ “فقد تطور اداؤها” مؤخرا كما يقول، وسيتعزز بأجهزة جديدة للكشف عن المتفجرات.ورغم انني اتمنى ان تكون تقديرات الصديق العسكري واقعية حول “تلاشي القاعدة” و”السيارات المتطورة التي تكشف المتفجرات”، واتمنى ان تصدق تأويلاته لتصريحات وكيل الداخلية... فإنني احسب ان طريقة الساسة في ادارة الملف الامني المعقد، لن تؤدي بنا الى الخروج من عنق زجاجة “الامن النسبي والهش”. فالامن يستتب بطريقتين، دكتاتور يبطش بالجميع اشرارا وابرياء، او ديمقراطي يتسلح بقوة العلم والنزاهة والتحضر. ونحن تخلصنا من “امن الدكتاتور” ولم نجلب “علوم الديمقراطية ونزاهتها وتحضرها”، فهناك 14 مليار دولار تنفق على اجهزة الامن والعسكر دون خطة واضحة وبخطوات يجهلها البرلمان الذي لم يستطع ان يسأل: لماذا فشلت استخباراتنا في وقف 13 هجمة بالمفخخات خلال يوم واحد؟سألتني مقدمة البرنامج: من المسؤول عن تفجيرات البصرة وكربلاء؟ قلت لها: رئيس الحكومة، فهو يتولى الملف الامني منذ 7 اعوام، وقد انفق المليارات كل سنة، لكنه يعجز عن وقف 13 مفخخة تنفجر في يوم واحد.الفريق محمد العسكري زعل مني. لكن الفشل لم يبق لحكومتنا سوى حل واحد هو ان يبقى كل الجند في الشوارع ليقوموا بتفتيش كل الشعب خمس او ست مرات في اليوم، لعلهم يعثرون على مفخخة ما. وليس امام الشعب الا ان يستسلم للتفتيش 6 مرات في اليوم، ويستسلم في الوقت نفسه لـ13 مفخخة خلال يوم واحد ايضا.

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق معرض العراق للكتاب

الأكثر قراءة

مقالات ذات صلة

حياتي وموت علي طالب

حياتي وموت علي طالب

غادة العاملي في لحظة تزامنت فيها الحياة مع الموت استعدت ذكريات عشر سنوات ،أو أكثر .. أختصرها الآن في ذاكرتي بالأشهر الثلاثة الأخيرة. حينما اتفقنا أناقرر هو أن يسافر ملبيا الدعوة التي انتظرها لأكثر...
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram