يوسف أبو الفوز لم يتوقف الفنان السينمائي هادي ماهود يوما عن النشاط الفني، منذ التحاقه بمعهد الفنون الجميلة وأكاديمية الفنون الجميلة وتخرجه فيهما، وبعد أن هاجر في عام 1995 الى استراليا، كان من أوائل العائدين بعد سقوط النظام الديكتاتوري المقبور، حيث واصل وفي ظل مختلف الظروف نشاطاته السينمائية،
ليتحفنا باستمرار بإخراج أشرطة فيلمية، وثائقية وروائية، طويلة وقصيرة، الى جانب المساهمة في العمل التلفزيوني في العديد من البرامج لمختلف المحطات التلفزيونية وحصلت أفلامه على ثناء النقاد والمشاهدين ونال العديد منها الجوائز في مهرجانات سينمائية عراقية وعربية وعالمية. مشروع فيلمه الروائي الطويل "في أقاصي الجنوب" تعثر إنتاجه بسبب رئيس ألا وهو تعذر توفر التمويل المناسب، فلم ييأس، فقد لجأ مؤخرا الى إنتاج فيلم قصير، كتب قصته والسيناريو بنفسه، وتولى إخراجه مع كادر فني مترع بالحيوية والشباب برعاية (بغداد عاصمة الثقافة العربية). للحديث عن فيلمه الأخير "العربانة"، الذي انتهى من تصويره أخيرا، ويشكل الفيلم الخامس في سلسلة الأفلام الروائية التي يخرجها، كان لنا معه هذه اللقاء عبر الهاتف: * هل يمكن أن نعرف أين وصلت مراحل الفيلم بعد انتهاء التصوير؟ وكم تقدر الفترة اللازمة لإنهاء ذلك، وهل هناك وقت محدد، مهرجان أو عرض خاص، لعرض الفيلم للمشاهدين؟- أتحدث معكم الآن من بغداد من غرفة خاصة لمونتاج الفيلم، ونحن جادون في انجاز الأعمال الفنية المصاحبة للمونتاج بأسرع ما يمكن، ولدينا فكرة لعرض أول في المسرح الوطني في بغداد، ثم عرض خاص في مدينة السماوة التي شهدت ورعت تصوير الفيلم، ربما يكون ذلك منتصف شباط او نهايته.* ماذا تريد أن تقول لنا في العربانة؟- العربانة فيلم قصير سيكون من عشرين أو خمس وعشرين دقيقة، يريد أن يقدم رسالة عبر إسقاطات على واقع العراق ومعاناته، فالعربانة هنا اكبر من كونها عربانة عادية، خصوصا أننا لا نسمع من قائدها سوى الهمهمات إضافة إلى كونه يعاني حالة جنون، فهو السائر بالعربانة باتجاه الكارثة! وهي تحمل جنديا خارجا من معركة، وتمر بعدة مواقف ومحطات تحمل إسقاطاتها وإيماءاتها، ولابد من القول أن الفيلم يحمل أيضا البشارة والأمل والثقة بالمستقبل والأجيال القادمة.* عرفنا أن كادر الفيلم المثابر كان بعضه من خارج الوسط الفني، هناك مثلا شاعر، ماذا تريد أن تقول عبر هذا الأمر؟- غالبية ممثلينا في السينما والتلفزيون جاءوا من المسرح حاملين معهم عدة العمل المسرحي، غير قادرين على تجاوزها، مما يشكلون أحيانا عبئا على العمل الفني، بينما التعامل مع ممثل خامة، مثلا الشاعر نجم عذوف، منحني الفرصة لان يخرج الممثل عن قالب ونمطية اعتدناها من بعض فنانينا في الأعمال التلفزيونية والسينمائية، فنجم عذوف هنا يقدم وبنجاح حالات لا يكرر فيها نفسه، إضافة الى وجود فنان محترف مثل جمال أمين، الذي ادى دور قائد العربة والآخرين، وقد أجادوا بشكل أثار إعجابي كمخرج، وستتعرفون على أدائهم البارع عند عرض الفيلم!* ماذا عن مشروع فيلم "في أقاصي الجنوب"؟-لا يزال مشروعا ينتظر رحمة الجهات المعنية، فبالرغم من وجود قرارات رسمية بصرف مساعدة مالية لي وبقرار يحمل رقما في مكاتب المجلس البلدي في محافظة المثنى، إلا أني لا اعرف مصير المبلغ المرصود وأسباب عدم صرفه، وقد كتبت عن ذلك مرارا، ولا حياة لمن ينادي، وبالرغم من اتصالاتي المستمرة مع جهات رسمية إلا أن ثمة آذان من طين دائما خصوصا حين يسمعون كلمة سينما!* وهل واجهتك عقبات لإنجاز تصوير العربانة؟- العقبات موجودة في مجمل عمل قطاع السينما المهمل تماما من قبل الدولة، حيث لا يوجد للأسف وعي كاف بأهمية هذا القطاع، والدولة العراقية، تصرف الأموال الطائلة على قطاعات غير منتجة ومجدية، أما قضية الثقافة، ومنها قطاع السينما، فلا احد يبال بذلك. تصويري فيلم العربانة، وهو قصير، واجه الكثير من العقبات الإنتاجية، فما بالك لو كان فيلما طويلا؟ لم يكن ممكنا انجازه لولا تعاون أناس مخلصين استجابوا لنداءاتي وطلباتي المتكررة للمساعدة مثل الأستاذ محافظ المثنى إبراهيم الميالي، والمسؤولين في شرطة المحافظة، إذ أن مساعدتهم اللوجستية لتصوير الفيلم ساهمت كثيرا في تقليل تكلفة الإنتاج وسرعة انجاز مراحل التصوير. وللأسف إن مسؤولين كبارا في وزارتي الثقافة والدفاع معنيون بالمساعدة، وهو كما اعرف جزء من واجبهم الذي يمنحهم الشعب لأجله رواتب مجزية، كانوا يتهربون بشكل مباشر حتى من الرد على هواتفي ونداءاتي ووعودهم بالمساعدة.
المخرج هادي ماهود: إسقاطات على واقع العراق ومعاناته
نشر في: 18 يناير, 2012: 07:03 م