علي حسينلجنة تطوير المرأة العراقية في قاموس الحكومة هي أن تكون جسورا وهصورا في مضايقة النساء ومراقبة أزيائهن، وأن تضع الحراس المتجهمين في بوابات المؤسسات الحكومية للتأكد من أن الألوان التي يرتدينها الموظفات لا تضايق عين ومزاج السيد المسؤول ، وأن تصرخ في وجههن إذا خالفن تنفيذ أوامر السلطان المتربع على رأس الوزارة
إن إحدى أبرز مشاكل حكومتنا الرشيدة ، أنها تدعي العمل ليل نهار لإقامة الدولة المدنية، بينما تقوض في تصرفاتها العملية كل الأركان الواجب الحفاظ عليها لمثل هذه الدولة ، ولدي نموذج صارخ على هذه الازدواجية التي تعاني منها الحكومة ، وتكاد تصل بها إلى حالة فصام في الشخصية، فقد تابعت، مثل غيري، على صفحات الصحف بعض القرارات التي يصدرها عدد من الوزراء والتي تتناقض مع مواد الدستور، وهي تعليمات ليست ذات علاقة بعمل الوزارة بقدر ما تعد تدخلا في الحريات الشخصية للمواطن، هذه الحريات التي نعتقد أن القانون والدستور كفيل بحمايتها ، ولأننا نعيش شيئا أقرب للكوميديا في خطاب الحكومة من خلال إصرارها على إصدار قرارات لا تمت للواقع بصلة ، وهي قرارات الثابت الوحيد فيها هو النظرة الدونية للمرأة ، التي يرى فيها العديد من مسؤولينا مجرد كائن ناقص عقل ودين ، ويبدو أن المرأة العراقية التي عانت الكثير من المآسي والويلات لا يريد لها البعض ممن تولوا أمور البلاد والعباد أن تتنفس هواء الحرية، ففي أمر إداري مثير للضحك والسخرية أصدرته ما تسمى بـ " اللجنة الوطنية العليا للنهوض بالمرأة " طالب واضعوه الموظفات بعدم ارتداء ما يأتي:- 1- البديات الضيقة والتنورات القصيرة. 2 –عدم ارتداء البنطلونات الضيقة والستريجات والفساتين الواضحة المعالم. 3- عدم ارتداء الأحذية الخفيفة .4- عدم ارتداء الملابس المزركشة واللماعة. يبدو أن البعض من المسؤولين لا يريد أن يفارق أجواء الحملة الإيمانية التي أطلقها " صكر البيدة " ويصر على اهميتها للمواطن وانها يمكن ان تعوضه عن انقطاع الكهرباء ونقص مواد البطاقة التموينية وانعدام الخدمات والاهم انها تحميه من شر المفخخات والاحزمة الناسفة التي عجزت الاجهزة الامنية عن الحد منها. لقد وعدت الحكومة في برنامجها الذي أعلنته - وشربت عليه الماء فيما بعد - الناس بالرخاء والنماء والعمران ولم تعدهم بتضييق الحريات وخلق معارك جانبية لا تصب في مصلحة المواطن ، ولكن يبدو أن السراب هو ما ينتظرنا ، واسأل أصحاب لجنة تطوير المرأة وقبلهم من أراد أن يفرض مفاهيمه بقوة السياسة فكتب على الحيطان "الحجاب أو التيزاب". تحت سمع وبصر الحكومة، اسألهم اين هم من معاناة المرأة التي فقدت زوجها في تفجير إرهابي ؟ ، اين هم من الارامل والمعوزات ؟ ، ولكن يبدو ان الحكومة تصر على تحويل السخرية إلى واقع على الأرض، ثم تتعامل معها بمنتهى الجدية، وتريد منا أن نتوحد مع قناعاتها البعيدة عن هموم الناس. في ظل هذه الأوضاع لابد أنكم تحسدون معي بعض الوزراء على قدرتهم الخرافية على الانفصال عن الواقع، والتحليق بعيدا عن المنطق، مطلقين تصريحات من عينة الحشمة، وفصل الطلاب في الجامعات، ومنع الغناء والموسيقى ليكتشف المواطن انه خاض تجربة انتخابية خاسرة. السادة اعضاء ما يسمى بلجنة تطوير المرأة اتمنى عليكم ان ترفعوا الاقنعة عن وجوهكم وتعرفوا ماذا تريد نسوة العراق وتؤمنوا باننا تجاوزنا سن الوصاية واننا احرار في ديننا ودنيانا والاهم ان تدركوا ان الشعب يحتاج إلى التنمية والاستقرار.. الخبز والحرية.. والمسكن والعمل.. أما الشعب الذي تريدون خنقه بقرارات كوميدية فقد خرج ولم يعد منذ ان سقط تمثال قائد الجمع المؤمن في 9/4/2003.
العمود الثامن: سياسة منع "المزركش"
نشر في: 18 يناير, 2012: 10:27 م