TOP

جريدة المدى > المنتدى العام > العراق والانتخابات المبكّرة

العراق والانتخابات المبكّرة

نشر في: 20 يناير, 2012: 07:49 م

علي نافع حموديكل شيء في العراق قابل للتوافق السياسي،هكذا هو المشهد منذ عام 2003 وحتى يومنا هذا،والتوافق العراقي دائماً يقود لأزمة، والأزمة نهايتها توافق وهكذا هي عجلة السياسة في بلد أشد ما يخشى شعبه السياسة والسياسيين بمختلف اتجاهاتهم وأجنداتهم لأن خلافاتهم تنعكس على أمن الشارع وأمن المواطن.
اكتشفنا نحن في العراق بأننا لسنا عرباً  وكرداً فقط، بل سنة وشيعة،عرب وكرد، تركمان وآشوريون، تم تقسيم المقسم أصلاً، حتى البعثيين تم تقسيمهم وتقاسمهم، فهنالك البعث الصدامي المحظور، والبعث العادي المقبول، وهنالك من تلطخت أيديه بدماء العراقيين ومن لم تتلطخ، تقسيم الشعب وفق هذه المسميات الكثيرة تجعل من الشعب أقلية مهما كان حضوره، وتجعل من السياسيين أكثرية مهما كانت أعمالهم مضرة بالشعب، ولعلنا في العراق أكثر البلدان التي فيها من يمتهن السياسة لدرجة لم تعد الفضائيات تستوعب أعدادهم الهائلة.الدستور العراقي كُتب وفق التوافقات، ومن يقرأ الدستور العراقي لعام 2005 بتمعن سيكتشف بأنه كُتب بعقلية المعارضة لا بعقلية بناء الدولة،وعقلية المعارضة تجلت بوضوح بأنها منحت الجميع جواز السفر بعيداً عن الآخر، حتى في مسألة الأقاليم ووضعها في الدستور العراقي كانت عبارة عن جواز سفر يتيح لحامله متى شاء أو شعر بالخوف أن يسافر محلقاً في الإقليم الجغرافي له ليبتعد عن قائد السرب الذي يلاحقه.وعندما يكتب الدستور بهذه العقلية الخائفة من المستقبل إنما هو يكون أحد مؤشرات عدم الثقة بين السياسيين والتي تنعكس على المكونات الاجتماعية التي تجد نفسها تخضع بشكل أو بآخر لرغبات السياسيين القادرة على أن تخلق الأزمة وتستثمرها ومن يدفع الثمن هم الناس الذين آمنوا بالديمقراطية كطريق للخلاص من الدكتاتورية ولكنهم وقعوا في مطبات كثيرة وكثيرة جداً.ونجد الآن بأن السياسي العراقي بات عبءاً على المواطن،هذه حقيقة يجب أن يدركها السياسي العراقي ولا تحتاج لأن نتهامس بها،لأن ما موجود لدينا من سياسيين ما زالوا لم يغادروا مناطق الخوف التي تعتريهم وهم في قمة السلطة.والخوف الموجود حالياً لدى القوى السياسية العراقية مركب، فهو خوف من الانفراد بالسلطة من قبل طرف معين رغم عدم احتمالية حدوث هذا بحكم إن مفاتيح تشكيل الحكومة في العراق تبدأ من انتخاب رئيس الجمهورية الذي يحتاج لثلثي أعضاء البرلمان وهذا ما يجعل العملية السياسية في البلد تأخذ مسارات التوافق بسبب عدم وجود أغلبية قادرة على أن تفوز بهذا العدد من المقاعد. ولعل الدستور العراقي حين كُتب بهذه الطريقة أُريد منه أن يؤسس لشراكة غايتها الحقيقية عدم الانفراد بالسلطة،لكن في جوانب أخرى منه يمثل مخاوف الجميع من الجميع، مخاوف من تكرار سيناريو الدكتاتورية والانفراد، مخاوف وصلت الآن إلى ذروتها بعد الانسحاب الأمريكي من البلد، وبعض القوى السياسية لم تتردد في إعلان هذه المخاوف ليس للرأي العام العراقي فقط بل حتى للرأي العام الأمريكي حتى وإن كان بصيغة معاتبة الأمريكان الذين تركوا العراق بيد شخص واحد على حد وصف الرسالة التي نشرتها نيويورك تايمز لقادة العراقية،هذه الرسالة التي أعتقد بأن توجيهها بصيغة محاولة تدويل قضية سياسية داخلية صرفة، يجعل من القائمة العراقية في قفص الاتهام بمحاولتها الاستقواء بالخارج عبر دعوة الأمريكان بالعودة لإدارة شؤون البلد، وهو ما يتعارض بالتأكيد مع آراء جمهورها المنتشر في العراق الذي منحها 91 مقعداً في انتخابات عام 2010.لهذا أجد بأن الأزمة العراقية الحالية لها مَخرج واحد فقط يتمثل بحل البرلمان والدعوة لانتخابات مبكرة بغية السعي لتأسيس دولة ما بعد الاحتلال وتجاوز ما موجود حالياً من تخندقات قد تفضي في حال فشل المؤتمر الوطني المقبل لأن يتم تقسيم العراق فعلياً وهو ما لا يمكن القبول به خاصة وإن القوى السياسية الموجودة الآن كل منها يُصر على مطالبه وهذا ما سيؤدي لعدم التلاقي في نقاط مشتركة تكون بداية عمل جديد بين فرقاء العملية السياسية.لهذا فإن الدعوة لانتخابات مبكرة الحل الأمثل والذي يجب أن ترتكن إليه القوى السياسية في العراق لكي تتجاوز ما موجود الآن من تصدعات كبيرة في العملية السياسية التي هي أصلاً مصابة بالكثير من الأمراض المستعصية.

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق ذاكرة عراقية

الأكثر قراءة

مقالات ذات صلة

كاريكاتير

كاريكاتير

ميثم راضيميثم راضي
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram