اعلان ممول

TOP

جريدة المدى > تحقيقات > المدى تقتـحم أسرار شهـود الزور

المدى تقتـحم أسرار شهـود الزور

نشر في: 21 يناير, 2012: 07:22 م

 بغداد/ وائل نعمة صوت سيارة الإسعاف آخر ما بقي بذاكرة كريمة، افاقت في المستشفى وبين الوجوه الكثيرة لمحت وجه شقيقتها الوحيدة، الكل يبكون ويحاولون ان يخفوا الدموع وراء معاطفهم وسترهم الجلدية،ادارت نظرها الى اليمين وهي تتبع طريقة اعداد الممرضة للحقنة
 التي غرستها في ذراعها وغطت في نوم عميق، بعد سنوات من ذلك اليوم وجدت كريمة نفسها في اروقة محكمة في غربي العاصمة يمر بقربها المراجعون في تلك البناية المتهالكة ويضربون اكتاف بعضهم من شدة الازدحام، يتلاعب المحامون وكتاب العرائض و(دلالو المحامين ) بعقلها،وهي تحتار في اي طريق تسلك لحل مشكلتها مع زوجها المختفي، والقانون يعجز عن انصافها في اوضاع سياسية وأمنية مشوشة في العراق.سنوات مرتولم يعثر احد على جثة الرجل، الكل ايقن بأنه قتل ولكن المحكمة والقانون يحتاجان الى دلائل،لم تعد تقوى كريمة على الانتظار في حياة لا تملك فيها غير ثلاثة أطفال لا يستطيعون اعالت انفسهم، وهي مازالت شابة وتتعرض للكثير من المضايقات اثناء تنقلها للبحث عن حل لوضعها المتأزم، المبلغ الصغير الذي جمعته من بيع مصوغاتها نفد وبدت الحاجة الى العمل امرا ملحا لاسيما وان صاحب البيت يطالبها بالايجارات المتراكمة، لم يكن بامكانها العمل لأنها غير متعلمة ولا تستطيع ترك اطفالها،اشار عليها نساء المنطقة بان تتزوج مرة اخرى،وبعد شد وجذب وافقت على رجل يكبرها بعشرين عاما ومتزوج ولديه اربعة اولاد، كان الرجل قد وعدها ببيت مستقل، ويتكفل بكل متطلباتها مع أطفالها الثلاثة، المشكلة ظهرت حينما قررت الزواج! فهي في وضع مرتبك، لم تكن ارملة او مطلقة، القانون لا يعطيها امر تفريق لان الزوج غير معلوم حاله، ولا يمكن ان تكون ارملة بدون جثة، الاجراءات طويلة جدا لكي تحصل على حريتها واوضاعها المادية والمعنوية في ادنى مستوياتها، اشار عليها المحامون بجلب شهود زور للقسم بانه اختطف وهم شهود على اختطافه ومن ثم وجدوا جثته في مكان ما ولم يستطيعوا جلبها في حينها لان الاوضاع الامنية كانت خطيرة، فيما ارشدها اخرون الى طريقة اخرى للحصول على التفريق القضائي من خلال شهود زور ايضا يؤكدون ان الزوج كان غير مسؤول وهجر زوجته منذ سنوات ولا يعلمون مكانه!كنا نجلس في الممرحين التقينا بتلك المرأة في  احدى المحاكم ونحن نبحث عن قضية شهود الزور التي  اضحت مهنة جديدة يمارسها عدد من الاشخاص غالبا ما يكونون عاطلين عن العمل، وهم يقفون بالعشرات على أبواب المحاكم ينتظرون فرصهم اليومية للحصول على مبالغ زهيدة أو طائلة من المال، مقابل تقديم الشهادة المطلوبة أمام القضاة في أية مسألة من المسائل -وفقا- لتلقين محامي المدعي أو المدعى عليه، لدرجة بلغت ذروتها مع تطور هذه الظاهرة ضمن أطر منظمة تقف ورائها أيادٍ فاسدة يمكن إعادة تسميتها تحت مصطلح (سماسرة المحاكم)، وهو الأمر الذي يعني أننا نقف أمام ورم سرطاني خبيث وخطير في آن واحد تسري سمومه في مفاصل المجتمع دون أن نشعر به، كي نفاجأ بما لا تحمد عقباه، نعود الى قصة كريمة، قبل ان تغفو بساعات من تأثير المهدئ في حقنة الممرضة  في المستشفى كانت الاجواء طبيعية في منزلها الصغير،باثاث متواضع،تفصل ستارة بالوان مختلفة بين المطبخ وغرفة الاستقبال،ووراءها يلهو ثلاثة اطفال باعمار مختلفة بلعبة بلاستيكية احضرها الاب الذي تأخر عن موعد رجوعه في ذلك النهار الطويل!في عام 2006 حيث كان المرور في بعض مناطق بغداد يعد مغامرة تصلح لتكون سيناريوا لفليم هوليودي عن عصابات الغرب الامريكي، يتجنب معظم سائقي التاكسي دخول ما كان يعرف بالمناطق الساخنة، إنهم يدورون في محيط بعض المناطق المؤمنة بعض الشيء،على الرغم من ان الامان اصبح كلمة غير متداولة في تلك السنوات، لم يكن يعرف زوج كريمة عملا غير قيادة السيارة، فهو لم يكن صاحب شهادة جامعية او ممن حالفهم الحظ بوزير او نائب من العشيرة ليكون من ضمن فيلق الحماية! التاكسي كان مصدر رزقه الوحيد، وهو يشكو حاله للركاب ويتجنب الخوض في القضايا السياسية والدينية لان" الحريق لا يحتاج بانزين" –كما كان يقول دائما – رجل عجوز انحنت قامته رفع يديه مشيرا للتاكسي، وقف زوج كريمة بالقرب من قدمي الرجل، وبعد ان مرت سحابة التراب التي احدثها توقف السيارة المفاجئ تكلم العجوز " إلى منطقة (..... ) شكد تاخذ"؟ اتفقوا على الاجرة،وعلى الرغم من عدم ارتياح السائق لتلك المنطقة مما يسمعه عن قصص حقيقية او مبالغ بها تتحدث عن عصابات القتل على الهوية الا انه قرر المغامرة! كانت الشمس شارفت على المغيب وسطع اللون الاحمر من وراء المنازل الضخمة المهجورة،وبعد ان وصل الرجل الى مبتغاه، قال " قف هنا...اشكرك"،ونزل بالقرب من احد المنازل حيث استقبلته امرأة شابة فاتنة الملامح،تمهل السائق قليلا ليحصل على اكبر قدر من النظرة المسموحة له عبر نافذة السيارة على الفتاة الجميلة، ادار مقود السيارة الى اليمين وفوجئ بوجود مجموعة من المسلحين الملثمين في وسط الشارع، قاطع كلامنا رجل خمسيني وشعره فضي اللون يرتدي بدلة سوداء فضفاضة  بشريط اخضر ويحمل معه مجموعة من

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق ذاكرة عراقية

الأكثر قراءة

مقالات ذات صلة

لا ينبغي ان يحلق في سمائها غير طيور الحباري ..الإرهاب والمخدرات يهددان أمن الحدود العراقية السعودية
تحقيقات

لا ينبغي ان يحلق في سمائها غير طيور الحباري ..الإرهاب والمخدرات يهددان أمن الحدود العراقية السعودية

 اياد عطية الخالدي تمتد الحدود السعودية العراقية على مسافة 814 كم، غالبيتها مناطق صحراوية منبسطة، لكنها في الواقع مثلت، ولم تزل، مصدر قلق كبيراً للبلدين، فلطالما انعكس واقعها بشكل مباشر على الأمن والاستقرار...
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram