TOP

جريدة المدى > مقالات واعمدة ارشيف > جسر:حوار كويتي-عراقي

جسر:حوار كويتي-عراقي

نشر في: 21 يناير, 2012: 08:28 م

 سعد بن طفلة  كان الأول من نوعه منذ أكثر من عشرين عاما، عشرات الإعلاميين الكويتيين والعراقيين التقوا بقاعة كبيرة بالعاصمة الكويتية الأسبوع الماضي، فكان حوار. ذاك هو المطلوب، وهذا هو النجاح بحد ذاته، وتلك هي اللطمة على وجه كل من يحاول عرقلة إعادة بناء الثقة وترميم العلاقات التي هدمتها الدكتاتورية البائدة.
على مدى يومين التقى عراقيون وكويتيون بالكويت، فكان هذا مما يغيض دعاة الفرقة، ويحرق قلوب المتكسبين على استمرار القطيعة. لو سألت أشد المطرفين تطرفا بين الطرفين عن السبيل السليم لإعادة العلاقات بين البلدين، لأتاك الجواب سريعا من الجميع: الحوار.  كان الحوار صريحا، وهذا هو المهم، غابت عنه وسائل الإعلام، فغابت عنه المزايدات، وسادته مناقشات الحقيقة. تقاطعت الآراء، وتباينت الرؤى، وتنوعت وجهات النظر، ليس بين الفريقين العراقي والكويتي وحسب، ولكن بين العراقييين أنفسهم، وبين الفريق الكويتي نفسه، فكان هذا مؤشر المصارحة، ودليل أجواء صحية للحوار. لم تسيطر على الحوار صفة العبارات المكررة، بل جملا واضحة وقاسية أحيانا، تخللها العتب، ودخل بين ثناياها التلاوم، بل ووصل إلى حد إلقاء المسؤولية على هذا الفريق أو ذاك بالمساهمة في القطيعة والتضليل أحيانا، ولكن ذلك تم كله بروح الانفتاح والعتاب، وليس بروح التشفي والاتهام، ويبدو أن العتب الكويتي العراقي كان على قاعدة "العتاب صابون القلوب"، وليس على قاعدة: "ولك لوتسوى العتب، جا عاتبيتك"!!كان من أجمل ما في اللقاء التنوع العراقي في الآراء، وهو أمر غاب طيلة عقود الدكتاتورية التي كان الصحفي العراقي يحسب فيها أنفاسه، ويعد كلماته، ويتلفت لمرافقيه ومن شاركه الحضور من أبناء بلده، وكان الإعلامي العراقي نسخة مكررة لما يقوله كافة أفراد الوفد المشارك في أي نشاط خارج "القطر". كان شيئا رائعا أن يختلف العراقيون، وإن كان توقيت الاختلاف ومكانه غير مناسب، هكذا كان رأيي في إحدى جلسات الحوار التي ترأستها، وكان الأجمل أن يحتدم الخلاف حول الدعوة لزيارة ميناء مبارك أو الاستماع لعرض فني حول وجهة النظر الكويتية الرسمية حول الميناء، وتنوعت وجهتا نظر العراقيين المشاركين.  كان هناك وجهة نظر عراقية لا ترى داعياً لهذا الموضوع لعدم ادراجه على جدول الأعمال، رغم أن جدول الأعمال لم يحو سوى بند واحد: حوار مفتوح بين إعلاميين عراقيين وكويتيين، وثمة رأي عارض خوفا من تفسير المسألة داخل العراق بمحاولة كويتية لاستمالة إعلاميين عراقيين على الطريقة الصدامية يوم استمال كثيرا من الإعلاميين والصحافيين والفنانين العرب، وفريق لم ير أي حرج في الذهاب للموقع ومشاهدة الميناء بدلا من بناء المواقف على تصريحات الساسة الذين لهم أجندات متفاونة، بينما رأى بعض أن لا داعي للتطرق لمسألة الميناء من أساسه لأنه ميناء كويتي في أراض ومياه اقليمية كويتية ولا شأن لهم به كعراقيين. التباين كان صحيا، والجانب الكويتي الرسمي كان مضيافا، فآثر الانسحاب حفاظا على مبدأ الحوار، وأغلق ملف التطرق للميناء من أساسه، فالحوار ونجاحه واستمراره أهم من أي أمر آخر. ما جرى الأسبوع الماضي في الكويت كان شيئا بناء، وخطوة في مسيرة طويلة، لكنها بدأت، وعلى كافة المخلصين بالبلدين الدفع بها، بدلا من أن يلعنوا الظلام ويغرقوا فيه.

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق معرض العراق للكتاب

الأكثر قراءة

مقالات ذات صلة

حياتي وموت علي طالب

حياتي وموت علي طالب

غادة العاملي في لحظة تزامنت فيها الحياة مع الموت استعدت ذكريات عشر سنوات ،أو أكثر .. أختصرها الآن في ذاكرتي بالأشهر الثلاثة الأخيرة. حينما اتفقنا أناقرر هو أن يسافر ملبيا الدعوة التي انتظرها لأكثر...
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram